الجمعية الخيرية
البؤس نوعان
البؤس المادي والبؤس المعنوي فالبؤس المادي وهو من أبرز صور
الفقر يظهر ويشتد في أيام المحن والمجاعة والقحط والحروب وسواها
من الويلات والآفات الزمنية ، بيد أنه بؤس زمني ، لا قيمة له عند
من رضي بمشيئة السماء . والبؤس المادي ، وإن كان يؤدي إلى البؤس
المعنوي أحيانا فهو قابل للزوال ، فقد يزول ويندثر أمام
الاستعداد النفسي للأعمال الخيرية عند الإنسان .
وفي ملف أخبارنا الخاصة أمثلة كثيرة عديدة مستمدة من هذه
الناحية ونحب أن نعرض على الأبصار لوحة واحدة درجت على ألسنة
الناس منذ عصر القديس الكبير أفرام السرياني في القرن الرابع
الميلادي ( 372) ، يوم حلت بسكان الرها مجاعة هائلة مروعة
رافقتها أمراض سارية . وحار الناس تجاه هذا البؤس المنتشر
المسلط على البلد حتى توجهت الأنظار إلى قديسنا الذي بادر إلى
الاستجابة الإنسانية مشاركاً في رفع غوائل الفقر والبؤس . فقد
ثار الضمير الإنساني بين الفقير والغني وتحركت له نفوس الأغنياء
وأثرياء المدينة فوضعوا خزائن أموالهم بين يدي القديس ليتصرف بها
كما يشاء لحساب الفقير البائس والمريض المصاب . فانقلبت الكآبة
ابتسامة والشقاء سعادة .
تلك هي المأساة الاجتماعية نفسها التي أوجبت على
الجمعية الخيرية عندنا القيام بالأعمال الخيرية اليوم .وهذه
الجمعية من أقدم المؤسسات عندنا ، تقوم بمساعدة الفقراء من أبناء
السريان وأبناء الإنسانية على حد سواء .
بدأت أعمالها الخيرية منذ أجيال في
الرها ، كما مر بنا ، ثم في عام
1927 هنا في حلب ، وما زالت تقوم برسالتها الإنسانية في
تخفيف البؤس المادي عن الفقراء والأرامل واليتامى في ضيقهم
وعسرهم .
يقول البعض إن الفضائل في الحياة متوفرة كثيرة ، وهناك ميزة بين
فضيلة وأخرى ، والرحمة هي إحدى الفضائل المميزة في خدمة
الإنسانية. ولهذه الجمعية صفحات ناصعة بيضاء في الرحمة والتضحية
والخدمة والإحسان خلال نصف قرن من الزمن من أجل من لا معين ولا
مساعد له من الفقراء والبائسين والعجزة والمحرومين .
كان ذلك في أيام الحرب العالمية الثانية . كانت الأفران يومئذ
مزدحمة بالناس حيث الرغيف القوت اليومي الضروري . وكان يصعب على
الفقير البائس المحروم أن يناله ليسد به جوعه وجوع عياله .
فأوفدت هذه الجمعية أحد أعضائها وهو السيد ابراهيم كلور ، إلى
الجزيرة لجمع الحسنات والتبرعات من المحسنين باسم الفقراء . وقد
طاف هذا العضو المدن والقرى والأرياف ، وطاف الأحياء والبيوت في
جولته الخيرية ، واتصل برجال البر والإحسان أياماً دون كلل أو
ملل فكانت حصيلة أتعابه من أجل الفقير عربة قطار كاملة من القمح
والدقيق وأطناناً من المواد الغذائية الأخرى ومبلغاً محترماً من
المال.
والحقيقة ، إن المؤسسة الخيرية عندنا أدت وما زالت تؤدي رسالتها
بكل إخلاص ووفاء من أجل الفقير البائس والإنسانية البائسة
بمؤازرة من انتسب إليها من الأعضاء والأفراد ، القدامى منهم
والجدد ، منهم من خدمها بعض الأعوام ، ومنهم من قضى معها سنوات
عديدة من أمثال افريم فستقجي
وموسى توكمه جي وأخيه جرجي توكمه جي ويعقوب طنطاق ورزق الله طورو
وسعيد تورو وجرجي بالقجي وجرجي حمامجي وابراهيم كلور وسليم كللو
والمختار جرجي سيوركلي . ومنهم أيضاً سليم طورو وبشير كلور وزكي
ميناس ورزوق نامق وعبد النور آودول والشماس لطفي شاهان
وغيرهم .
ولهذه الجمعية فرع نسائي يتألف حاليا من عضوية السيدات نعيمة
آروش ومريم مختار وانجيل بقال وسلمى قولتقجي واميلين تورو ونعيمة
شاي اوغلي .
ولا بد من كلمة شكر وتقدير لما قدمته هذه الجمعية وفرعها النسائي
لأبناء الإنسانية البائسة في عهد نيافة
مار ديونيسيوس جرجس بهنام مطران حلب وتوابعها للسريان سابقاً
وخلفه المطران مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم متروبوليت حلب
وتوابعها للسريان حالياً اللذين شملا هذه الجمعية وفرعها مؤاساة
المرضى برعايتهما الأبوية تشجيعاً لخدمة من لا معين ولا مساعد له
من الفقراء الذين كانت لهم الجمعية شعاعاً منيراً تحيطه هالة من
التضحية والفداء
الجمعية الخيرية
تأسس فرع مؤاساة المرضى تحت رعاية نيافة
المطران مار ديونيسيوس جرجس بهنام عام 1950 . ومن أعماله
المبرورة مساعدة المرضى الفقراء الذين لا معين ولا مساعد لهم .
وما يزال هذا الفرع من الجمعية الخيرية للسريان مستعداً لخدمة
المرضى الذين ينالون ، عن طريق هذه الجمعية ، المعالجة والإسعاف
الطبي لدى بعض المشافي وعند رهط من الأطباء الغيارى .
ولهذه الجمعية أنصار ، والتبرعات الواردة للجمعية تصرف في سبيل
مساعدة المرضى المعوزين ومداواتهم وتقديم العلاجات اللازمة
لشفائهم ، وهي مزودة بمال وافر ونشاط متواصل ومؤازرة قائمة ،
ولها فرع للنساء يقوم بالخدمات والأعمال الصالحة المتوجبة عليه
لتأدية هذه الرسالة الإنسانية .
إن من يقرأ ويطالع تقرير أعمال ونفقات هذه المؤسسة يجد نفه أمام
هيئة إدارية منظمة تنظيماً سليما حافلة بالجد والتضحيات ، ماثلة
بالصدق والإخلاص منذ أن بدأت أعمالها بعضوية كل من السادة : يوسف
خوري وأغناطيوس دكرمنجي ويعقوب شربو وبطرس خضر والياس برداقجي
وجرجي داغجي وجرجي آجي وجورج موسى توكمه جي ومنير سيفري وآبكار
ياندم وجورج طورو وغيرهم . ولقد ازدهر هذا الفرع برئاسة
السيد جورج طورو الذي بذل وما يزال جهودا محمودة في سبيل ازدهار
الفرع وتقدمه واستمراره .
ولا يزال فرع مؤاساة المرضى في سيره الطويل نصير الضعيف
وملاذ الفقير والعاجز ، ينطق بعطفه على المرضى والعاجزين على
أكمل وجه ، والمجتمع السرياني يدعو له بالبقاء والتقدم والازدهار
|