وقفة
مع الماضي القريب
لم تكتب مدينة الرها تارخها الخاص
بنفسها ولم تكن تعرف أهمية التدوين خلال حقبة ما بعد
القرون الوسطى ، بسبب انعدام المؤسسات التعليمية فيها وانتشار
الأمية داخل طبقاتها الاجتماعية بنسب مرتفعة . وهنا في الرها ،
كما في غيرها من البلاد المجاورة ، كان من الطبيعي ألا يكون
للحياة الثقافية أو للتقدم الفكري مكان في حياة المواطن يوم كانت
البلاد تعاني بأسرها من تأثير الانحطاط الفكري والاجتماعي إلى حد
كبير . وهذا ما جعل أخبار بلاد الرها في عصر الانحطاط تدور في
فلك الغيب والنسيان دهراً بعد دهر حتى الماضي القريب . إذ لم
يفكر أحد بالتدوين أو تسجيل الأخبار المحلية ونقلها إلى القارئ
حتى أصبحت ذاكرة الرواة والجماهير هي المصدر الوحيد لمعرفة
الماضي .
كلنا يعرف أن دراسة الماضي ممكنة سهلة من المستندات الكتابية ،
وهي أيضا ممكنة من خلال دراسة العادات والتقاليد والفنون والطقوس
الدينية والوطنية وغيرها من الجوانب الإنسانية المتوارثة جيلاً
بعد جيل .
ولا ننسى كذلك أهمية المصدر الشفوي الذي يستند إليه الكاتب أو
المؤرخ لبناء صحة ما يكتبه في حالة انعدام المصدر المكتوب .
وبسبب
فقدان هذا
المصدر المكتوب عندنا لجأت إلى محادثة من هم أكبر مني سناً
لمعرفة ماضينا القريب . وكان رجوعي إلى ذاكرة الأحياء محاولة
جادة مفيدة للكشف عن الماضي ونقله إلى القارئ
من خلال المصادر الشفوية وهي أقرب ما تكون إلى الواقع .
والغاية من هذا الكتاب هي إعطاء صورة خاطفة واضحة للماضي.. ذلك
الماضي الذي له علاقة بعنوان الكتاب . والموضوع له أهميته
بالنسبة لنا ، إذ يشير بوضوح إلى صفاتنا وسجايانا العريقة
الماثلة في مسيرتنا الطويلة خلال نصف قرن من الزمن في سياق
البناء والتقدم . ومهمة الكاتب أن يستعرض الأدوار ويعطي فكرة
واضحة عن المراحل التي تم بها هذا البناء وهذا التقدم . وعلى ضوء
هذه الفكرة قمت بتأليف هذا الكتاب لحفظ أخبارنا الخاصة من
الضياع والنسيان .
والواقع أني لا أذكر تماما كل ما شاهدته وكل ما مر بنا ومضى خلال
نصف قرن من الزمن أو أكثر ، فبعضه لا يزال ماثلاً أمام عيني ،
وبعضه غاب عني بعد مرور هذه السنوات الطوال. ولكن، ما غاب عن
خاطري من كل ما طوته السنون ، لم يغب عن الأحلام والأماني التي
بها ازدهرت حياتنا الاجتماعية الحاضرة.
عاش المواطن السرياني - حيثما
عاش طيلة العصور الحديثة – على نمط واحد في بيئة شعبية متأخرة
خالية من التقدم الاجتماعي ، تغمرها ظلال الجهل نهاراً كما
يغمرها الظلام ليلاً . وقد أصابه الدهر قدر ما أصاب غيره ، وشهد
مآس اجتماعية يخالطها الجهل والحرمان . إلا أنه عاش طاهر القلب
مؤمنا كما علمه الإنجيل أن يكون مؤمناً ، وانصرف إلى تهذيب نفسه
بالأسس الروحية ، لا يبالي بالمظاهر المادية ، ولا يملك سوى
قميصاً ورداء.. وقلباً كبيراً يفيض بالولاء للدولة والوفاء
للوطن، وارتباطاً بالبيئة والحنين للنسب ، متمسكاً بدين أبيه
وعقيدته وإن لم يكن على مستوى من ثقافة دينية ليدرك ما في تلك
العقيدة من فلسفة ومعان . وقد ألزمته التقاليد المضي في تلك
العقيدة والإيمان وإن كان لا يدري من أمرها شيئا . وليس من
المستبعد أن يكون قد اتخذ من الكتب والآيات الدينية مقياساً من
مقاييس الحكمة ارتكزت عليها قواعد السلوك ومكارم الأخلاق لديه.
وربما حلت به ، بحكم الواقع ، ألوان من الحرمان المادي والفكري
في آن واحد ولم تسمح له الظروف ليحقق أحلاما تكشف له سر ما كان
يعاني رأسه من قلة المعرفة عن غده المجهول ، كما ينبغي أن يعرفه
. وقد علمته الحكمة أن يشترك مع الكاهن في الأعياد الدينية
والوطنية بتقديم الأدعية الجليلة إلى الدولة ولعدم تدخله في أمر
قد يمس سمعته وسمعة شعبه ، وصف بالطاعة والولاء حتى غدا هذا
المواطن السرياني من المواطنين المخلصين في نظر الدولة ومن
أقربهم صداقة إلى الإنسان والإنسانية .
ومثلما وقفنا وقفة قصيرة على سلوك الأفراد ونمط تفكيرهم في سياق
المعاشرة والصلات الإنسانية ، فلا بد من وقفة أخرى ولو عابرة على
نمط المعيشة والحياة ما دمنا في مجال الإشارة إلى حياتنا
الاجتماعية الغابرة وفي هذا القبيل عشرات الصور والمشاهد
الواقعية نبصرها في رحاب الحياة المشتركة عند الناس ، عند هذه
الأسرة أو تلك وفي الظروف ذاتها بين البارحة واليوم ، منها ما
تمر بنا عبر الزمن فتتبدل ومنها ما تدخل في إطار التقاليد فتتأصل
. والسريان من ذوي العادات والتقاليد الراسخة والمتطورة في العيش
والحياة .
لقد اشتملت حياتنا الجماعية على السعادة والشقاء واحتوت الفقر
والثراء واستقرت فيها مشيئة السماء ، فتلك طبيعة الحياة انعكست
على صورة من له حظ كبير أو نصيب ضئيل في الحياة الهادئة .
عاش الميسور عيشة صاخبة رغيدة بنعم الحياة ، وله في الحياة راحة
يبتغيها ، بينما مضى المهني الصغير أو العامل الضعيف بما ضايقه
سوء الحال والحظ وجور الحياة وتقلبات الدهر ، راضياً في
الاستجابة مع العيش والحياة ، كمن رضي قلبه في ماضيه وحاضره ،
متخذاً من المعول والمنجل أقرب الأدوات في نضاله الدائم مع
التربة والتراب ، شأنه في ذلك شأن الذي انصرف إلى الحقل الصناعي
لمزاولة المهن المتواضعة حرصا على لقمة العيش والكسب الشريف .
أجل لقد كانت فترة عابرة على مدى العمر والأجيال لا يعير الفقير
لمعيشته أي بال لقلة مورده ، كالذي لا يبالي بأزمات المعيشة
لوفرة مورده . وما تزال ماثلة في الأذهان ذكريات الأيام حين كان
القرش الواحد يكفي لشراء القوت اليومي وما يزيد من القرش كان من
دواعي الراحة والرفاهية . كان لا يوجد حسد بين الغني والفقير ولا
تنافر بين هذا وذاك ، بل كل الثقة المتبادلة تسود بين الجار
وجيرانه وبين الحارة والحارة ، والكل ((مد رجليه على قد بساطه))
كالقول المأثور ، كلما التقت الأسرة بجارتها من الأسر في الأعراس
أو الأعياد أو الحفلات في ليالي الشتاء أو في الفصول الدافئة من
السنة.
وخلاصة
القول ، كان زماناً لم تكن الحياة في داخل البيت أو خارجه صعبة
قاسية.كان
العيش سهلا لدى من تخلص من شر البطالة وعاش في ظل القناعة والرضي
بالقليل . كانت للكروم والبساتين والحقول شأنها ، وللصناعات
المحلية شأنها أيضاً، بقدر ما جعل المرء منها مصدرا للرزق والعيش
، مكتسباً الرزق الوفير من عمله اليومي له ولأسرته ، لا يشكو
المحن والمصاعب حتى ولا بؤس النفوس ولا يسأل عن الراحة إلا حين
يغلبه النوم . عاش كيفما تيسر له أن يعيش في بيئة متواضعة مليئة
بالجوانب الإنسانية ، مؤمناً بعدالة السماء والعناية الإلهية،
راضياً بقسمته من الحياة ، مكتفياً بغرفة واحدة له ولعياله على
مدى العمر ولو كانت تلك الغرفة على صغرها هي غرفة النوم وغرفة
المائدة وغرفة الجلوس والاستقبال طيلة ساعات النهار والليل .
******************
هذه لمحة سريعة
خاطفة تعبر عن الحقيقة الإنسانية والاجتماعية التي كان عليها
السريان على مر العصور ، في الماضي البعيد والماضي القريب ،
سليمي القلب من كل شائبة ، يحبون وطنهم ويعملون لخيره وصالحه .
وبجانب هذا نجد في أخبار البيئات الشعبية السريانية ما يدل على
وجود حالة روحية مميزة لم تخف معالمها على المرء السرياني الذي
جعل منها حافزاً للقيام بالواجبات الإنسانية في خدمة أبناء وطنه
وشعبه . ولذا نراه يقوم ، عن وعي ، أو بدونه
بتأدية
هذه الواجبات كغيره من أبناء البيئة ، لا يمنعه الحرمان المادي
من تلبية نداء أخيه أو جاره أو صديق له ليخفف عنه وطأة الفقر
والبؤس .
كان لقدامى السريان مؤسسات وجمعيات وهيئات إدارية يشرف عليها
اسقف المدينة او المتروبوليت . ويبدو مما جاء في بعض المصادر
الكتابية أن أمثال هذه المؤسسات الخيرية والمجالس الإدارية – ذات
الامتيازات الخاصة من الدولة - استمرت في القيام بواجباتها
الإنسانية طوال العصور الحديثة حتى هجرة السريان من ديارهم بعد
الحرب العالمية الأولى . ومن هذه المؤسسات الجمعيات الخيرية
السريانية التي عاشت – تحقيقا لرسالتها المفيدة – لأبناء
الإنسانية طيلة تلك الحقبة الطويلة من حياتنا ، تشرف على أعمالها
الباهرة نخبة واعية من المؤمنين الراحلين الذين توفرت في أنفسهم
فضيلة الرحمة فكانوا سنداً للفقراء وعوناً للأرامل والأيتام سنين
طويلة .
وما قلناه عن الجمعيات الخيرية يصح قوله عن المجالس الملية
وعلاقاتها المتتابعة مع المجتمع ودورها البارز المشترك في تدبير
شؤون الأبرشية ، الإدارية منها والاجتماعية.. هكذا كان شأن
المجلس الملي الرهاوي لكنيسة الرها الرسولية في الآونة الأخيرة
قبيل الهجرة ، يسعى ويقوم بدوره الإداري وفق مؤهلاته وإمكاناته
.
ولنا كلمة إيضاحية لا بد منها ، هي أن هذا المجلس لم يكن منسجماً
مع نفسه بشأن موضوع الهجرة . ولا بد من الإشارة أيضاً إلى
الأسباب والأغراض الخاصة التي جعلت بعض أطراف هذا المجلس أداة
لفتح الباب... باب الرحيل عن الوطن في حين لم يكن لا لأبناء
الرها ولا لقداسة البطريرك الأنطاكي مار
اغناطيوس الياس الثالث شاكر علم بما كان يدور في خفايا
جلسات المجلس . بيد أن البلبلة المصطنعة والإشاعات المغرضة
الداعية إلى تضليل الشعب الحريص على البقاء في أرض الوطن أعطت
لمؤيدي فكرة الهجرة الفرصة السانحة لأن يدخلوا في حوار مغلق هادئ
مع كبار رجال الدولة في اورفة يومذاك
من أجل الرحيل . وبعد هذا بقليل كانت الهجرة الشاملة المفاجئة في
25 شباط من عام 1924 الميلادي .
ولكن ما هي الأسباب أو الظروف التي أدت بنا إلى هجر بلادنا ؟ وهل
كانت الهجرة مشيئة القضاء والقدر ؟ أم كانت ثمناً للانحرافات
المثيرة في العلاقات الإنسانية التي تربط بين الناس؟ أم كانت
الهجرة من أحلام اليقظة السياسية عند من انتظر ساهراً وراء
الستار لقد قيل وما زال يقال إن المباحثات السياسية الدائرة حول
حقوق الأقليات في الأراضي التركية كان لها تأثير كبير على تكوين
الأسباب العميقة على الحدود غير المتفق عليها بين الحكومة
التركية والأطراف الاستعمارية آنذاك .
أما سوء الإدارة الداخلية وفقدان الأمن والاستقرار فهي تشكل
الأسباب الظاهرة التي أدت إلى مغادرة الأقليات المسيحية للبلاد
، هذه الأقليات التي كانت مقيمة في ماردين
وديار بكر وأضنة وعنتاب واورفة وغيرها من المدن والمناطق
الواقعة على الحدود التركية السورية .
وهنا نريد أن نسأل مع من يريد أن يسأل ويفهم ، هل كان لمؤيدي
فكرة الهجرة علماً بما كان يدور في
مباحثات لوزان حول حقوق الأقليات ؟ وهل كانت لدينا تلك
الكفاءة وبعد النظر في درس وتحليل معنى قرار (( حرية التنقل ))
داخل الأراضي التركية وإلى خارجها؟ وماذا كان القصد من اعلان هذا
القرار ؟...
ليس الجواب على هذه الأسئلة من شأني وحدي وأنا لا أنوي الدخول في
رحاب الحوادث والحوار . إن ما يهمنا هو النتيجة عند نهاية المطاف
، وما أريد قوله في هذا المضمار هو أن الهجرة بدأت بمكان وانتهت
بمكان آخر... ومن المفيد أن أنوه هنا – حفظاً من النسيان – أن من
أهم الأسباب التي أدت بنا إلى ترك ديارنا وتشريدنا ، هي ديون أحد
الأغنياء ، وهو عضو في المجلس الملي لأحد رجال السلطة والنفوذ في
الرها ،
والذي تظاهر أنه لا يستطيع تأديتها ، ومنها أيضاً العيوب
والانحرافات الناجمة عن سوء تصرف أبناء بعض وجهاء السريان في
أعمالهم وعلاقاتهم مع الناس ، تلك العلاقات التي لم تتحملها
الأوساط الشعبية وتقاليد البيئة الرهاوية آنذاك ، مما سببت البغض
والكراهية ، فجلس أصحاب المتاعب يفكرون في الرحيل خلاصاً من
محنتهم الشخصية إلا أنهم وجدوا أبواب المدينة مغلقة في وجوههم
وأن الرحيل – والأصح الهروب – ليس أمراً سهلاً بالنسبة لهم .
وعليه فكر هؤلاء في مجال هجرة جماعية قد تكون وسيلة ناجحة تمكنهم
من مغادرة البلاد ، وبعد عدة جلسات مغلقة في المطرانخانة
استطاعوا أن يفرضوا على المجلس الملي وممثل أبرشية الرها
بالنيابة اتخاذ قرار القارئ
، هو قرار الرحيل.. رحيل أبرشية الرها بكامل رعاياها .
وهنا دفع أبناء كنيستنا ثمن هذا الرحيل مرتين .. أولاً ، عندما
قام المجلس الملي بجمع المال قرشاً قرشاً من شعبنا الفقير المعدم
لتغطية الديون الشخصية وفدية الرحيل ، وثانياً ، وهو الثمن
الأعلى ، عندما ترك شعبنا دياره ورحل عن موطن الآباء القديسين
أرض ابراهيم
الخليل ، تاركا وراءه حضارة وتراث عصر الرها الذهبي .
لقد شاءت الأيام أن أكون ابن تلك الفترة عشت بين سطور قصة يرثى
لها ... هي قصة الرحيل ، مصدر كل تعاسة ومأساة وويلات حلت بأبناء
كنيسة الرها . ولا تزال ماثلة أمام عيني متاعب ساعة الرحيل
والانطباعات المحزنة التي أبقت في خاطري بكاء النساء مختلطا
بضجيج عربات النقل وهي تحمل الرجال والنساء والشيوخ والأطفال ،
تارة من أهالي محلة (( حاجي يادكار)) أو
(( نعمة الله))
وتارة أخرى من محلة (( حكيم دده)) أو ((
طوز أكن)) أو (( القمبرية )) وغيرها من أحياء الرها القديمة
الآهلة بالسريان ، وكنت من بين هؤلاء الذين انتهى بهم
المطاف الطويل عند (( مخيم اللاجئين ))
بحلب .
كانت اورفة في تلك السنة تبعث الارتياح في النفوس وفجر جديد كان
يطل ويمتد على الناس من خلال نوافذ الحياة الديمقراطية المستقرة
في البلاد بعد إبرام معاهدة لوزان. كان السكون يشمل الأحياء
والهدوء يسود البلد . ولم يكن في ظاهر الأمور ما يلبك الأبصار أو
يضلل القلوب ، بل ولم يكن هناك ما يثير الريبة أو الأسف سوى
الحوادث الصغيرة المألوفة التي تحدث في كل بلدة ومدينة . ومع هذا
غدت المدينة هادئة مستقرة في كل الأحوال والظروف ، إلى أن حل
الخريف الأخير في حياة أهلها السريان فكان همس الجفون من كل جانب
قبيل أحداث 1924 ... أعني تلك
الهزة النفسية التي تعرض لها السريان نتيجة الغايات والأغراض
الخاصة دون أن تكون لحوادث الهجرة أية علاقة بغيرها من الأحداث
التي مرت بحياتنا منذ الحرب العالمية الأولى وحتى يوم الرحيل .
وخلال أيام قليلة انتشر نبأ الرحيل عن الرها في كل مكان . حتى أن
الدوائر السياسية في العاصمة التركية انقرة لم تخف استغرابها حول
الأحداث الجارية على أرض الرها وقتذاك . وكذلك كان من الطبيعي أن
تتلقى الأوساط السريانية في كل من ماردين وديار بكر وخربوط
واديمان وغيرها نبأ هذه الهجرة الشاملة في جو من الكآبة والمرارة
والقلق . فصار الناس لا يتحدثون إلا عن الهجرة ، النساء في
البيوت والرجال في المقاهي والأسواق والطرقات وفي ساحات المدينة
.
ومضى السريان الراحلون في محنتهم لا يعلمون شيئاً عن حقيقة
الهجرة وعن صحة ما نسب إليها من الأسباب المستورة التي باتت في
طي الكتمان ، مدفونة في ضمير فئة ضئيلة من أغنياء السريان حتى
إلى ما بعد الرحيل . وغدا الهم واليأس يشتدان في النفوس ويعمان
البيوت يوماً بعد يوم . كانت آلامنا المعنوية أشد بكثير من
الآلام الناشئة عن خسارة الأملاك والأموال غير المنقولة من كنائس
ومدارس وأديرة ومن مبان وكروم وأراض زراعية والتي بات ضياعها
مؤكدا حسب بروتوكول الهجرة.
|