إنّ الأناجيل نفسها تشجع عملية النقد. فالقارئ العادي يشعر بوجود اختلافات بين الإنجيليين في سرد الحادثة الواحدة. وعمل النقد هو تفسير تلك الاختلافات من جهة، وإدراك رؤية يسوع كما كان يراه معاصروه (مسيح التاريخ) من جهة أخرى. والنقد ليس جديداً في الكنيسة. فمنذ النصف الثاني من القرن الرابع بعد الميلاد برز السؤال التالي: لم ثمّة أربع روايات عن حياة يسوع وتعاليمه؟ ولما لا نقع على رواية واحدة متجانسة تعتمد على الروايات الأربع؟ ومع أنّ الأناجيل كتبت في ضوء القيامة، إلا أنها حافظت على الكثير مما يتعلق بتاريخ يسوع قبل القيامة. وهذه المعلومات التاريخية لم تعرض كونها حقائق تاريخية مثبتة، بل أُعطيت المعنى الذي اتضح بعد القيامة. وتبقى مهمة النقد أن يكشف بقدر الإمكان عما حدث فعلاً، وأن يفسر كيف دمج الإنجيليون الأحداث بعضها ببعض وشرحوا معانيها، وسعوا للتمييز بين الأحداث التي وقعت قبل القيامة وبعدها. كتاب "مدخل الى النقد الكتابي" بقلم المهندس رياض يوسف داود. موسوعة المعرفة المسيحية - الكتاب المقدس، دار المشرق - لبنان. تصميم الغلاف جان قرطباوي. طباعة مؤسسة دكاش للطباعة.