لقد لعبت افريقيا دوراً حاسماً في تشكيل الثقافة المسيحية منذ نشأتها. ولا شك أنّ افريقيا قد سبقت أوروبا في اكتشاف وفهم أبعاد الفكر المسيحي. إن كان هذا صحيحاً فلماذا يُنظر للمسيحية في افريقيا على أنّها إحدى واردات الاستعمار الغربي؟ وكيف يمكن للمسيحيين في شمال افريقيا - بل المسيحيين في أنحاء العالم - أن يعيدوا اكتشاف هذا الميراث القديم ويتعلموا منه؟
يقدّم لنا اللاهوتي توماس أودين صورة تتحدى المفاهيم السائدة عن نمو وتطور المسيحية منذ جذورها الأولى وحتى أحدث تعبير عنها في الوقت الحالي. إنّ نموذج نمو وتطور المسيحية الذي يقترحه توماس أودين ليس من الشمال إلى الجنوب - أي من أوروبا إلى افريقيا - بل في الاتجاه الآخر.
يناشد توماس أودين في كتاب كيف شكلت افريقيا العقل المسيحي أن نكتشف الحقائق وأن ندرس بتأنّي الدور الحيوي الذي قام به المسيحيون الأفارقة في : تكوين الجامعات الحديثة. تطوير علم تفسير الكتاب المقدس. تشكيل العقيدة المسيحية في مراحلها الأولى. وضع نماذج لكيفية اتخاذ القرارات في المجامع المسكونية. وضع البذور الأولى لحركة الرهبنة. تطوير الأفلاطونية الحديثة. صقل وتحسين مهارات الخطابة والجدل. يدعو توماس اودين لمشروع بحثي واسع النطاق يكمّل الصورة التي بدأ في رسمها. وسيتطلب حسب قول اودين جيلاً متأنّياً يجمع بين الدراسة المكثفة للغات والمخاطرة لاكتشاف الحقيقة. ترجمة نكلس نسيم سلامة. من منشورات دار النشر الأسقفية - القاهرة.