إن النقطة المركزية في كل تدبير الخلاص هي " اتحاد الله بالبشرية" و"انجماع الكل في المسيح" لكي ما يكونوا واحداً معه وفيه. وفي هذا الاتحاد الأقنومي الحميم الذي تمّ في المسيح، دخلت طبيعتنا في عمق الشركة مع الطبيعة الإلهية فنالت منها البرء والشفاء من ناحية، وارتفعت إلى المجد الذي كان مهداً لها من الناحية الأخرى. ولقد كان هذا الاتحاد غاية التدبير الإلهي، ومسرة الله ومشيئته وقصده من قبل تأسيس العالم. فالله الآب أراد أن يتبنانا في المسيح ويباركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح، وقد اختارنا فيه قبل تأسيس العالم، لذلك كان تدبير ملء الأزمنة هو أن يجمع الله كل شيء في المسيح، ما في السموات وما على الأرض أي أن صورة المسيح الكلي رأساً وجسداً يضم الكل متحدين بالرأس، هذه الصورة هي التي كانت في ذهن الله من قبل تأسيس العالم. ومن منطلق الاهتمام بشرح هذه النقطة المركزية في تدبير الخلاص وهي "اتحاد الله بالبشرية"، يقدم مركز باناريون للتراث الآبائي بموافقة من المؤلف كتاب "قصد الدهور"، وذلك ضمن سلسلة دراسات عن المسيحية في العصور الأولى. المراجعة اللغوية وتدقيق النص العربي الدكتور وجدي رزق غالي. المراجعة النهائية للدكتور جوزيف موريس فلتس والدكتور عماد موريس إسكندر.