الفنون كثيرة، فهناك فن الموسيقى أرقى الفنون رقة وعذوبة وله عمالقة أبدعوا ووهبوا البشرية أروع إبداعاتهم، وهو فن له صلة كبيرة بالروح والأعصاب والعاطفة، يرفع النفس ويطير بها إلى أعلى القمم. وهناك فن التصوير ومعه النحت يُلبس الألوان والأحجار مناظر وأشخاصاً تكاد تنطق من شدة الإتقان، تعبّر عن كل الطبيعة وكل الشخصيات وتسمو بها إلى شبه الحقائق، عبدها الجهلاء من شدة روعتها، فهي تسلب النفس البسيطة وتُدخل في روعتها أنها من عالم آخر، وكلها من تراب الأرض ألواناً وأحجاراً وأنواع أخرى من الفنون عبّرت عن مواهب الإنسان المتعددة، ولكن ألهت الإنسان عن حقيقة فن الحياة الأسمى والأعلى. ففن الحياة متشعب على كل القامات، فن الأبوة وفن الأمومة وفن الطاعة للأب والأم والرئيس أياً كانت رئاسته في الدين أو العمل، وفن التربية والتعليم، وفن اتّباع النماذج الأرقى والأعلى في الحياة. هذه هي فنون الحياة ولكل منها أصولها وواجباتها التي توفي حقّها للإنسان الذي يريد أن يتعلّم ويتهذّب أياً كانت قامته. كتاب فن الحياة الناجحة بقلم الأب متى المسكين.