يروي سفر التكوين، عبر ما جرى بين هابيل وقايين وما حدث لدى تشييد برج بابل، أنّ البشر في صراع مستمر بعضهم مع بعض، وأنّ الإنسانية لا تستطيع تحقيق وحدتها. ويروي الكتاب المقدس أيضاً أنّ المسيح جاء ليصالح الإخوة المتعادين، كما أنّ بولس الرسول يصرّح بأنّ يسوع جعل من الشعبين، شعب العهد القديم وشعب العهد الجديد، شعباً واحداً يصالحه الله في الكنيسة. ومع ذلك، مثل الزؤان يشير بوضوح إلى أنّ بذور الشقاق والتنافر حاضرة في هذه الدنيا، ولا داعي للاستغراب، فالمنازعات قائمة في الكنيسة منذ البداية، وهي في الواقع حضاريّة أساساً، ثمّ تحوّلت إلى مشاحنات دينيّة.
لا شكّ أنّ الإيمان بالمسيح يتجسّد في أعمال وأقوال تنبع من ثقافة المؤمن. بيد أنّه ينبغي التمييز بين الإيمان والثقافة، وهذا أمر غير يسير، إذ إنّ الواقع يشهد على أنّ معظم الانشقاقات بين المسيحيين صادرة عن هذا الخلط، فيتمسّك الأطراف ببعض العناصر الثقافية التي تمُتّ إلى الإيمان وتعبّر عنه تعبيراً مقبولاً، فيجعلون منها حقائق مطلقة.
يحاول المؤلف في هذا الكتاب تتبّع هذه الظاهرة في مسيرة تاريخ الكنيسة. كتاب تاريخ الحركة المسكونية - ج1 (قبل المجمع الفاتيكاني الثاني) بقلم الأب روبير كليمان اليسوعي. نقله إلى العربية الأب صبحي حموي اليسوعي. طُبع هذا الكتيب بمساهمة عائلة جرجي نعمة الله عقاد. تصميم الغلاف جان قرطباوي. من منشورات دار المشرق - بيروت.