حين نقرأ قصائد مار افرام السرياني في التعاليم الضالّة أو ردوده "المدرسية" في نصيبين أو الرها، نرى دوماً المرقيونية مع المانويّة. تياران كبيران هدّدا الكنيسة في وقت من الأوقات، بل المجتمع الروماني بأكمله. وبالنسبة إلى المرقيونية (نسبة إلى مرقيون الذي وُلد في سينوب، في البنطس، على شاطئ البحر الأسود)، يُطرح اليوم كما في القرون الأولى للمسيحية: لماذا العهد القديم، بعد أن أُعطي لنا الإنجيل وسائر أسفار العهد الجديد؟
في أوروبا أو أميركا صار العهد القديم "الأهم" إن لم يكن "الأول" عند بعض الفئات المسيحيّة لهذا السبب أو ذاك. أما في الشرق، فالوجه السياسي جعل مفكرين يرفضون العهد القديم ويستخرجون منه ما يعارض عظمة الإنجيل.
وبالنسبة إلى المانويّة (نسبة إلى ماني الذي وُلد في بابلونية)، هناك مسألة الحريّة: هل الإنسان مسيّر أم مخيّر؟ هل وصل إليه كلام الله حقاً؟ أما تنسخ ديانة تلك التي سبقتها؟ جاء الجديد فيجب أن يزول القديم أو يخضع له. وتُستعمل كل الوسائل من الترهيب إلى الترغيب، مع الدعايات التي نعرفها اليوم في نطاقها الأوسع.
تياران كبيران حاول الخوري بولس الفغالي الدخول فيهما في كتاب المرقيونية والمانوية لاكتشاف هذا الفكر والبحث في التناقضات. الكتاب من سلسلة "على هامش الكتاب" ومن منشورات الرابطة الكتابية وتوزيع المكتبة البولسية وجمعيات الكتاب المقدس.