"لا بد وأن يكون أتباع المسيح مختلفين تماماً عن الآخرين". هكذا يكتب المفكر والكاتب المسيحي الكبير وصاحب هذا التفسير جون ستوت، حيث لا بد للمسيحيين أن يكونوا مختلفين، سواء عن المتدينين أو الملحدين. إنّ (الموعظة على الجبل) وعلى مدار العهد الجديد كله، هي التصور الأكمل للمسيحية كثقافة مضادة لثقافة العالم، حيث فيها يتجلى نظام للقيم المسيحية، ومعايير أخلاقية، وتقوى روحية، ومواقف من: المال، والطموح، وأسلوب الحياة الشخصية، وشبكة العلاقات الإنسانية، وهي الامور التي تختلف تماماً في منظور وثقافة هؤلاء الذين لا يحيون في دائرة الايمان المسيحي. إنّ هذه الثقافة المسيحية المضادة للعالم هي حياة ملكوت الله، وإن كانت حياة إنسانية بالكامل إلا أنها تعاش حسب شريعة السماء. والمفسر هنا جون ستوت يفسر الموعظة على الجبل بدقة شديدة، مستعيناً بدراسات ومراجع هامة، منها أفكار وأقوال لآباء الكنيسة الشرقية مثل (القديس أوغسطينوس) و (القديس يوحنا فم الذهب) مثبتاً إمكانية تحقيقها على أرض الواقع، وكذا مصداقيتها، من خلال ربط نصوصها بحياتنا المعاشة اليوم. وفوق الكل، فإن اتجاه جون ستوت في هذا التفسير هو أن يترك "المسيح" نفسه يتكلم ويعظ بنفس الموعظة مرة أخرى، ولكن لعالمنا المعاصر الواقف على أعتاب الالفية الثالثة. ترجمة الدكتور رضا الجمل. مراجعة الدكتور القس منيس عبد النور.