اتسمت حياة القديس هيلاري بقداسة السيرة ومحبة التعليم الصحيح، مقتفياً آثار الآباء شهادة لديمومة عمل الله في كنيسته، فعمل كل ما بوسعه للهرب من درجة الأسقفية المقدّسة، لكن صفاته جعلت شعبه يتمسّك به أكثر، فأضاءت شخصيته المتألّقة الكنيسة كلها، حريصاً على العقيدة الرسولية والتقليد الأرثوذكسي المستقيم مقاوماً الهراطقة الذين زلوا وانحرفوا عن جوهر الإيمان المسيحي، شاهداً للحياة الإيمانية في المسيح بالسهر والمثابرة والشجاعة، مدافعاً عن عقيدة وحدة الجوهر الإلهي، مسانداً القديس أثناسيوس الكبير.
كرّس هذا القديس مواهبه الأدبية في الرد على الأريوسية واقتبس بكثرة من الآباء معلمي الشرق الكبار، فكان بمثابة القناة التي من خلالها أثرى الفكر الغربي بالرؤية الشرقية، لذا أعتُبر بمثابة مستشرق تتلمذ على آباء الشرق كوسيط بين علوم اللاهوت الشرقية المكتوبة باليونانية وبين علوم اللاهوت الغربية المكتوبة باللاتينية. يتحدث كتاب القديس هيلاري (أسقف بواتييه) عن سيرة حياته وعن كتاباته من أعمال لاهوتية وتاريخية، وعن الأعمال التفسيرية والتسابيح. وكذلك يتحدث عن الكنيسة والأسرار والعذراء مريم في فكر القديس هيلاري. ترجمة وإعداد أنطون فهمي جورج (القمص أثناسيوس فهمي جورج). الكتاب من سلسلة علم الباترولوجي "آباء الكنيسة".