ظهرت المسيحية على مسرح الحياة، ديانة لا يعتزّ بها ولا يُؤبه لأتباعها، لكنها سرعان ما شدّت أنظار العالم إليها، بتزايد أتباعها، وسمو فضيلتهم. وحالما استشعرت الدولة الوثنية بالخطر يتهددها، دخلت معها في حرب ضروس بقصد إبادتها. كان يمكن أن تصبح المسيحية شيئاً آخر غير ما نراه، لولا أولئك الذين ثبتوا حتى الموت وقدّموا حياتهم ثمناً لحبهم لمسيحهم.
لقد بذل الرب يسوع دمه في أورشليم عن حياة العالم، والخليقة كلها. وإذ آمن الشهداء بهذا، خضّبوا بدمائهم أرض المسكونة كلها، تعبيراً عن حبهم ووفائهم. إنّ عمل الشهداء، على مستوى الواقع، ما زال ماثلاً أمامنا بسيرهم الحيّة، والصلوات التي يرفعونها عنا، والتي لأجلها نحن نطلب شفاعتهم.
ليس هذا الكتاب سجلاً للشهداء لكنّه محاولة متواضعة بحسب رأي المؤلف لإظهار فلسفتهم، وإبراز بعض جوانب من فضيلتهم وجهادهم، من أجل الإله الذي آمنوا به عن حب، فصار لهم كل شيء في حياتهم. كتاب الاستشهاد في المسيحية للأنبا يوأنس (أسقف الغربية).