الولادة: –
الوفاة: –
سقوط الحبيس
قضى ثمانية عشر عاماً حبيس قلايته في البرية، وكان البعض يمدونه بالطعام. وعاش في صمت خمسة عشر عاماً لم يكن يتحدث إلا نادراً جداً عندما يحتاج إلى شيء، وكان يكتب ما يريد أو يجيب على أسئلة الناس على ورقة يسلمها لهم. وكان يتناول البقول المنقوعة في الماء، ويشغل نفسه بكدٍ في العمل. لكن الشياطين جعلت منه أضحوكة بسبب رأيه في نفسه، فقد ظن أنه أصبح كاملاً، فتوقف عن التأمل في الكتاب المقدس، كما كان متعالياً فلم يختلط بالاخوة.
خداع الشيطان له
ذات مساء ظهر له الشيطان في شكل ملاك نور قائلاً له: “أنا المسيح”.
فلما رآه سجد له وقال: “يا سيدي ماذا تأمر عبدك أن يفعله؟” فقال له عدو الخير: “نظراً لأنك فقت كثيرين في أعمالك الحسنة وحفظت كل الوصايا فإنني أرغب تماماً أن أجعل إقامتي معك، ولأنك كامل فلا داعي أن تحيا في صمت، بل يجب أن تعلِّم الأخوة ألا يضروا أنفسهم بكثرة قراءة الكتب المقدسة أو تلاوة المزامير، ولا يتعبوا أجسادهم بالعمل، ولا يضايقوا أنفسهم بالصوم والجوع والعطش بل يعملوا أعمال الروح! وبهذه الأعمال سيرتفعون إلى أعلى درجة، ولا يلزمهم أن ينظروا إليّ بأذهانهم وسأريهم مجدي. وأما أنت فقد رفعت نفسك بأعمالك فوق كل الرهبان، لهذا سأجعلك منذ اليوم رئيساً لكل الرهبان في الإسقيط، لأن مقاريوس الكبير لا يصلح لرئاستهم مثلك”. ونظراً لأن يوكاربوس ظن أن ما رآه صحيحاً فقد ازداد في كبريائه وسرعان ما فقد النعمة. في اليوم التالي بينما كان الأخوة مجتمعين في الكنيسة، ظهر له الشيطان مرة أخرى وقال له: “اذهب اليوم لأن كل الأخوة مجتمعون معاً، وعلمهم كل شيء حسب ما أمرتك أمس مساءً”.
وفتح باب قلايته وخرج عن صمته المعهود ودخل إلى الكنيسة ثم قصَّ عليهم قصة لقائه بالمسيح وأنه جعله رئيساً عليهم، وأمر الأخوة بعدم قراءة كتب الآباء ولا سماع نصائحهم حسب ما أوصاه عدو الخير، ثم بدأ ينتقد الآباء القديسين ولكن اللَّه دافع عنهم، فقد سخرت منه الشياطين ثم رفعته أمامهم وهوى على الأرض.
شفاؤه من الكبرياء
لما رأى الآباء ما حدث لعقله ربطوه بقيد حديدي وصلّوا لأجله إحدى عشر شهراً، فرجع إليه عقله وعولج من كبريائه وشعر بضعفه وتذكر أن الكبرياء هو سبب مرضه الذي أسقطه في يد الشياطين، وأن كوكب الصبح السماوي المنير قد انحدر قديماً لأنه تكبر على اللَّه أيضاً. عاش يوكاربوس بعد شفائه سنةً وشهراً، وقد أمره الآباء أن يخدم المرضى ويغسل أرجل الغرباء، وتنيّح وهو يقوم بهذا العمل.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت