الولادة: –
الوفاة: 420
نشأتها
كان للإمبراطور ثيؤدوسيوس الأول Theodosius I قريب اسمه أنتيغونوس Antigonus، توفي بعد سنة واحدة من ميلاد ابنته يوفراسيا أو يوبراكسيا Eupraxia فتعهد الإمبراطور أرملته وابنته برعايته ووضعهما تحت حمايته. وحين بلغت يوفراسيا الخامسة خطبها الإمبراطور، حسب عادة ذلك الزمان، لابن أحد الشرفاء، على أن يتم الزواج حين تصل إلى سنٍ مناسبٍ.
رهبنتها في دير للراهبات بمصر
سعى كثيرون للزواج من الأرملة، فتركت القصر وأخذت يوفراسيا وسافرت إلى مصر حيث سكنت بجوار دير للراهبات. كانت يوفراسيا قد بلغت السابعة حينئذ، وانجذبت بشدة إلى الراهبات وأخذت تلح عليهن أن يسمحن لها بالمكوث معهن. سمحت لها أمها أن تمكث معهن قليلاً لتهدئها ظناً منها أنها مجرد رغبة طفولية سرعان ما تزول. إلا أن الطفلة ظلت ثابتة ومصممة على رغبتها بالرغم من أنهن أخبرنها أنها ستصوم كثيراً وتنام على الأرض وتحفظ المزامير كلها إذا رغبت في البقاء.
أخيراً أمام تصميمها قالت الأم رئيسة الدير لأمها: “اتركي الطفلة معنا لأن نعمة اللَّه تعمل داخل قلبها”. أخذت المرأة تبكي فرحاً حين سمعت هذا الكلام، وأخذت ابنتها وأوقفتها أمام صورة للسيد المسيح وقالت: “يا ربي يسوع المسيح استلم هذه الطفلة التي لا تحب ولا تطلب سواك، ولخدمتك وحدك قد كرست نفسها”.
ثم تحولت إلى يوفراسيا وقالت: “اللَّه الذي ثبت أساسات الجبال يجعلِك دائماً ثابتة في مخافته المقدسة”. بعد عدة أيام لبست ثوب الراهبات وحين سألتها أمها إن كانت سعيدة صرخت بابتهاج: “إنه ثوب عرسي ألبسه لكي أكرم يسوع حبيبي”. وبعد فترة قصيرة لحقت الأم بزوجها. الإمبراطور يطلب إليها العودة إذ بلغت يوفراسيا الثانية عشرة أرسل الإمبراطور، في الغالب أركاديوس Arcadius، يطلب إليها العودة إلى القسطنطينية لتتزوج من الرجل الشريف الذي خُطبت له.
كتبت يوفراسيا إلى الإمبراطور ترجوه أن يسمح لها بالاستمرار في حياة الرهبنة، وتطلب إليه أن يقوم بتوزيع أملاكها على الفقراء، وأن يطلق سراح كل عبيدها، فنفذ لها الإمبراطور كل رغباتها.
صراعها مع أفكار الكبرياء
أصابتها أفكار الكبرياء واشتهت أن تعرف المزيد عن العالم الذي تركته، ولما اعترفت بأفكارها للأم الرئيسة أمرتها بتنفيذ بعض المهام الشاقة والمتواضعة لكي تقاوم أفكارها الشريرة. ففي إحدى المرات أمرتها الرئيسة أن تنقل كومة كبيرة من الحجارة من مكان إلى آخر، ولما أنهت العمل أخذت الأم تأمرها بإعادتها إلى مكانها مرة أخرى، وتكرر ذلك ثلاثين مرة.
في كل ما كانت تأمرها به كانت يوفراسيا تطيع بخضوع وفرح، وكانت تنظف قلالي الراهبات وتحمل الماء إلى المطبخ وتكسر الحطب وتخبز وتعد الطعام للدير. ومع أن الراهبة التي كانت مسئولة عن هذه الأعمال كان يُسمَح لها بعدم حضور الصلوات المسائية، إلا أن يوفراسيا لم تتغيب يوماً عن مكانها في الكنيسة، وعلى الرغم من هذا المجهود وهي في سن العشرين كانت أطول وأقوى وأجمل من بقية الراهبات.
تميّزها بالوداعة
كانت تتميز بالوداعة وكثرة الاحتمال. مرة سألتها خادمة في المطبخ عن سبب صومها أحياناً لمدة أسبوع كامل، وهو ما لم تكن تفعله سوى الأم الرئيسة فقط، واتهمتها أنها تفعل ذلك سعياً وراء الكرامة والشهرة، فما كان من القديسة إلا أن سقطت عند قدميها طالبة منها الصلاة لأجلها. وحين رقدت القديسة على فراش الموت، أخذت جوليا Julia، أختها الحبيبة التي شاركتها في قلايتها، تتضرع إلى يوفراسيا أن تطلب لأجلها أن ترافقها إلى السماء كما كانت رفيقتها على الأرض، وفعلاً تنيّحت جوليا بعد يوفراسيا بثلاثة أيام. وظلت الأم الرئيسة التي كانت قد استقبلت يوفراسيا يوم دخولها الدير حزينة لمدة شهر على نياحة اثنتين من بناتها الحبيبات، وصَلَّت أن تشاركهما في نصيبهما. وفي اليوم التالي رافقتهما إلى الحياة الأبدية، وكانت نياحتهن سنة 420م.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت