الولادة: –
الوفاة: –
يعقوب المتوحد
عاش هذا الراهب في القرن الرابع الميلادي، وانفرد متوحداً في مغارته التي أقام بها 15 عاماً. أجهد نفسه بالأصوام والصلوات المستمرة، وكان محباً للوحدة والسكون وقطع شوطاً طويلاً في حياه الفضيلة والجهاد، حتى سما إلى درجةٍ عاليةٍ وأنعم الله عليه بفضائله ومنحه موهبة إخراج الشياطين.
حزمه مع خاطئة شريرة
ذات مرة جاء أحد الأشخاص إلى نتريا لكي يُشفى من مرضه، وعندما كان يمر بقلاية هذا القديس صرخ الشيطان وخرج منه، وعرف سكان البلدة بهذه القصة وللحال أتي إليه الكثيرون ليشفيهم. حاول الشيطان أن يوقعه في الشر فاحتال عليه قوم من أتباع إبليس وأوعزوا إلى زانية فتزينت وذهبت إليه ودخلت عليه المغارة، ووثبت عليه وصارت تداعبه مستدرجة إياه إلى الخطية. فما كان من القديس إلا أن وعظها وذكّرها بنار جهنم والعقوبات الدهرية، تكلم معها بثبات ووقار حتى ندمت ورجعت عن طريقها وخرجت بدموعٍ وندمٍ واشتاقت إلى التوبة. فأرسلها القديس إلى أحد الكهنة لتعترف أمامه.
كانت تردد الشكر الله الذي منَّ عليها بالرجوع عن طريق الموت إلى الحياة وذلك بصلاة القديس.
سقوطه
بعد أيام جاء إليه الشيطان مره ثانية بحيله ماكرة، فكان لأحد الأشخاص ابنة وحيدة صرعها الشيطان وحاول الأطباء علاجها ولم يفلحوا. أخيراً فكروا في إرسالها إلى الراهب يعقوب، وحالما وصلوا إليه خرج منها الشيطان، ولكنها ما أن تصل إلى بيتها حتى يرجع مرة ثانية، وتكرر هذا الأمر كثيراً فأراد والدها أن تبقي بجانب القلاية. رفض القديس في بادئ الأمر، ولكن أخذ والدها يستعطفه فوافق أخيراً. حاربته أفكار الخطية واستسلم لها وأخيراً سقط في ذات الفعل، وظل في سقطته وملأ الشيطان عقله بأفكار كثيرة، فقال له سيظهر عليها الحَمْل وسوف يقتلوك، ومن الأفضل أن تقوم وتقتلها. فنهض القديس على الصبية وقتلها وحمل جسدها وطمره في الرمل. ظهر له الشيطان في صورة أحد غلمان أبيها جاء لزيارة الصبية، إلا أن القديس كذب مدعياً أن وحشاً قد افترسها، ثم أراد أن يخدعه مرة أخرى فأجبره أن يقسم بصدق ما يقول، فأقسم.
توبته
عند ذلك ظهر له الشيطان نفسه ساخراً منه، فلما رأى ذلك لطم على وجهه وترك باب القلاية مفتوحاً، وخرج هائماً على وجهه تائهاً يندب نفسه بالويل والعويل. ترك القديس القلاية وفي نيته العودة إلى العالم، لكن الله أرسل له راهباً قديساً عزّاه وشدد قلبه وأخيراً أمره أن يداوم على الصوم والصلاة، فظل القديس صائماً لم يفطر من وقت سقطته بل كان يبكي بدموع غزيرة مثل المطر، وظل هكذا سائراً سنة يأكل من عشب البرية. وبعد تمام هذه المدة وجد مقبرة خربة فدخل وسكن فيها. ظل القديس يجاهد وأخذ يصلي وهو منكسر القلب، وكان يصرخ إلى الرب لكي يرحمه ويقول: “خمسون سنة أجمع وفي طرفه عين بدّدت الجميع؟ ويلي أيها المسيح الهي زنيت وقتلت وكذبت وحلفت في نهارٍ واحدٍ”. وظل هكذا حوالي سبعة عشر عاماً وكان القبر مغلقاً عليه وهو يحسب نفسه ميتاً، ويُقال أن العشب نبت تحت قدميه من الدموع وصار طعامه منه وكان ينعس قليلاً ثم يقف ويبسط يديه للصلاة.
أسقف يطلب بركته
حدث في تلك الأيام أن خربت البلاد المحيطة بالمقبرة وصارت مجاعة عظيمة فيها، فرأى أسقف تلك المدينة في رؤيا شخصاً يقول له: “إن كنت تريد أن تنزل رحمه الله علي الأرض اذهب إلى يعقوب المجاهد، وعندما يطلب هذا من الله تحل الرحمة”. ذهب إليه الأب الأسقف وأخذ بركته وطلب منه أن يصلي من أجل هذا الشعب فقال له: “من أنا حتى يسمع الرب طلبي أنا الخاطئ والزاني”. فأمسك الأسقف بيديه وأخرجه إلى خارج القبر، فصلي إلى الله وانفتحت السماء واقبل الرعد والعواصف وانزل إليهم الخير. وأخيراً أخذ الشعب بركته وظل ملازماً للمقبرة عشرة سنوات أخرى، وعندما كان الشعب يأتي لزيارته كانوا يجدونه دائماً باكيًا مستغيثاً بالله إلى أن تنيّح بسلام.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت