الولادة: –
الوفاة: 1920
دعوة للانضمام إلى روما
كان من بني مصر الذين اقتنصهم الكاثوليك بعيداً عن كنيستهم الأصلية، ورسموه أسقفاً باسم كيرلس مقابل الأنبا كيرلس الخامس البابا المائة والثاني عشر. حالما تسلم هذا الأسقف مهامه الرعوية نشر رسالة وجهها إلى الأرثوذكس الأوفياء لكنيستهم في مصر وفي إثيوبيا يناشدهم فيها الانطواء تحت زعامة البابا الروماني بادعاء أن مرقس ما هو إلا تلميذ لبطرس. وعلى الفور أصدر البابا الوقور بياناً مسهباً أوضح فيه العقيدة الأرثوذكسية في جلائها، ثم أثبت أن مار مرقس هو أحد السبعين تلميذاً الذين اختارهم الرب للكرازة كما دعى الاثني عشر تماماً، وقد طُبِع هذا البيان ووُزِع في جميع أنحاء مصر وقرأه الكهنة في الكنائس على مسامع الشعب.
لما وجد كيرلس مقار أن البيان البابوي بلغ هدفه وبالتالي فشل هو فيما استهدفه، قصد إلى إثيوبيا وهناك أصابه فشل ثانٍ لأن الإمبراطور منليك الثاني كان شديد التمسك بالأرثوذكسية. وبعد شهور من تلك الزيارة جاء وزير إثيوبي إلى مصر وذهب لينال بركة الأنبا كيرلس الخامس فسأله عما حدث، ووصف له الوزير ما جرى وانتهى بقوله: “إذا توطدت أقدام البعثات الدينية في أي بلد شرقي أضاع استقلاله شيئاً فشيئاً، وإذا به على غير علم منه قد وقع في قبضة من زعموا تمدينه وتعليمه”.
بطريرك للكاثوليك فعودة للكنيسة
رفعت روما هذا الأسقف إلى مرتبة بطريرك، وبعدها فوجئت بما لم يكن في الحسبان، لأن الأنبا كيرلس مقار كان دائم البحث والإطلاع فلم يلبث أن عاد إلى الأرثوذكسية. ظنّ في بادئ الأمر أن البابا المرقسي الأصيل لن يقبله ضمن أبنائه بسبب كتاباته السالفة ضد الكنيسة القبطية، فسافر إلى الإسكندرية وقابل البطريرك فوثيوس للروم الأرثوذكس وصارحه برغبته في الانضمام إلى كنيسته.
وفرح البطريرك الرومي هو ومجمعه بقبول الطلب ولكن رجال الدولة اليونانية رفضوا الموافقة رفضاً باتاً، وبينما كان كيرلس مقار في الإسكندرية وضع كتاباً في جزءين عن العلامة السكندري أوريجينوس بالفرنسية. فلما رُفِض طلبه سافر إلى بيروت حيث انشغل بالكتابة، فوضع كتابين على جانب كبير من الأهمية إذ يقدمان الدليل الواضح الصريح على مدى اقتناعه بالأرثوذكسية، وهذان الكتابان بالفرنسية أيضاً، أولهما: “الوضع الإلهي لتأسيس الكنيسة” وهو في جزءين، وثانيهما: “أخيراً الحقيقة”. ثم أتبعهما بكتاب ثالث عنوانه: “أخيراً نتكلم”، ردّ به على بعض ما نشره الكاثوليك في مصر.
قد تبعت ثمانون عائلة كاثوليكية بطريركها وانضمت إلى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأشهرها عائلة “العتر”، وعلى إثر ذلك أصبح فرنسيس العتر أرشيدياكون الكنيسة البطرسية التي شيدتها عائلة بطرس غالي.
ثم حدث أن تقابل بعض من أراخنة الأقباط مع فرنسيس العتر ودار بينهم الحديث حول كيرلس مقار، وفي اليوم التالي ذهبوا لمقابلة الأنبا كيرلس الخامس، الذي ما أن علم بهدف زيارتهم حتى قال لفوره: “اعلم يا فرنسيس أن هذه كانت أمنيتي من أول الأمر ولكنكم تسرعتم في طرق باب الكنيسة اليونانية، وإذا كنت لم أحرك ساكناً يومذاك فما ذلك إلا محافظة على المحبة التي تربطني بالسيد فوثيوس”.
كوَّن البابا المرقسي لجنة برياسة الأنبا مكاريوس مطران أسيوط ليذهب أعضاؤها إلى بيروت ويستصحبوا كيرلس مقار إلى القاهرة. ولكن المستغرب هو وصول برقية تحمل خبر انتقاله المفاجئ إلى مساكن النور في الوقت الذي كان يستعد أعضاء اللجنة للسفر، وكان ذلك في منتصف سنة 1920م، وقد أشيع أنه مات مسموماً.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت