الولادة: 1084
الوفاة: 1145
نشأته
هو الشهير بغبريال بن تُريك. ولد في القرن الثاني عشر سنة 800ش (1084م)، وكان من كبار مدينة مصر (الفسطاط) وأراخنتها. كان والده قساً ترمّل، وكان قديراً وعالماً متقشفاً يمارس الحياة النسكية. كان يشتهي الخدمة فطلب سيامته أسقفاً، وإذ طُلب منه مال لسيامته رفض السيمونية.
وكان لهذا الأب ابنان: أحدهما أبو العلا الذين صار البابا غبريال، وأخوه أبو النصر بن تريك كان مملوء غيرة، فبدأ في بناء كنيسة أبانوب، وتنيّح قبل أن يكملها، فقام شقيقه البابا بتكملة بنائها. وكان أبو العلا عالماً فاضلاً ذا سيرة حميدة، وعمل كاتباً في الديوان السلطاني لدى الوزير أحمد بن الأفضل.
لما أراد تكريس حياته للخدمة في كنيسة أبي سيفين، سمح له الوزير أن يحتفظ بمركزه في الديوان مع قبوله الشماسية في الكنيسة المذكورة، لاستقامة حياته وعِظم أمانته وقدرته علي تصريف الأمور. وقد نسخ كتباً كثيرة قبطية وعربية فوعي محتوياتها وفهم معانيها.
سيامته بطريركاً
اختاره مقدمو الشعب ورؤساؤهم لكرسي البطريركية بعد انتقال البابا مقار الثاني. تنبأ راهب سرياني بدير أبي مقار يُدعي أنبا يوسف بسيامته. فقد جاء شيوخ الدير يبكون علي أنبا مقار قائلين له بأنه لا يوجد من يحتل مكانه، أما هو فقال: “يا أبهاتي إيش هو هذا ابن تريك”. ولم يكن قد عرفه ولا التقى به.
في البداية كان الوزير متمسكاً به، وأخيراً سمح لهم بسيامته. ألبسوه ثياب الرهبنة وتمت رسامته يوم 9 أمشير سنة 847ش (3 فبراير 1131م).
اهتمامه بالعقيدة
حدث أنه لما كان يقدس أول قداس في دير القديس مقاريوس كعادة البطاركة قديماً، أن أضاف على الاعتراف الذي يتلى في آخر القداس بعد قوله: “أخذه من سيدتنا كلنا والدة الإله القديسة مريم” هذه العبارة: “وصيّره واحداً مع لاهوته”. فأنكر عليه الرهبان خشية أن يُفهم من ذلك أنه حصل امتزاج وطلبوا منه تركها، فامتنع قائلاً: “أنها أضيفت بقرار من مجمع الأساقفة”. وبعد مباحثات طويلة تقرر إضافة هذه الجملة: “بدون امتزاج ولا اختلاط ولا تغيير”، وذلك خوفاً من الوقوع في هرطقة أوطيخا، فوافقهم على ذلك.
أعماله الرعوية
كان هذا البطريرك عالماً تقياً حارب فساد شعبه، فمنع السراري وحارب السيمونية. وقد اشتهر بترتيبه صلوات جمعة الآلام في كتاب سمّاه البصخة، وهو الترتيب الذي اعتمدت عليه الكنيسة إلى الآن.
كما وضع قوانين وأحكاماً في المواريث وفي علاقة الشعب بالكنيسة وتنظيم أمورها، أصلح فيها عادات وتقاليد أهل الصعيد، وأيضاً قوانين فيما يختص بأمور الإكليروس. منع أيضاً دفن الموتي في الكنائس؛ وعندما عصاه قوم ودفنوا بسوس القمص بكنيسة حارة الروم بالقاهرة أغلق الكنيسة إلى حين. كما منع إخراج رفات القديسين والشهداء التي تحوّلت إلى نوع من التجارة.
ذبيحة الملاك ميخائيل
إذ سأله البعض بخصوص تقديم ذبيحة لرئيس الملائكة ميخائيل في حزم رفض قائلاً: “لا يجوز تقديم ذبيحة إلا على اسم اللّه، ومن يعمل غير ذلك لا تُقبل صدقته”. منع التمييز بين الكهنة كان بعض الكهنة الذين سامهم بطاركة يفتخرون علي من سامهم أساقفة، فأنكر البابا ذلك، وقد أطاعه الكل في هذا الأمر عدا كهنة الإسكندرية وكهنة برية أبي مقار. ورُسم في أيامه 53 أسقفاً وكهنة كثيرين. وقد وجد مكانة لدى حكام عصره وحباً شديداً لدى شعبه، وحدث أن طلب منه حاكم ذاك الوقت مالاً، فجمع له الأراخنة ألف مثقال ذهب ودفعوها عنه.
علاقته بكنيسة أثيوبيا
كان يدير الكنيسة في أثيوبيا مطران يعاونه سبعة أساقفة أقباط.
طلب المطران من ملك أثيوبيا زيادة عدد الأساقفة فخشي البابا أن تكون هذه الخطة لسيامة بطريرك يستقلّ بأثيوبيا، لذا رفض الطلب. إذ رفض البابا الطلب قاموا بسيامة أساقفة أثيوبيين دون الرجوع إلى البابا أو المطران القبطي بأثيوبيا. قضى على الكرسي المرقسي أربعة عشر عاماً، ثم تنيّح بسلام في العاشر من برمودة سنة 1145م.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت