الولادة: –
الوفاة: –
مسيحيته ورهبنته
هو أسقف نقيوس، وقد وّلد بأورشليم من أب اسمه إبراهيم بن لاوي بن يوسف أخي سمعان خال اسطفانوس رئيس الشمامسة وأول الشهداء من سبط يهوذا. عند ولادته سمّي سمعان على اسم جده.
لما توفي والده اشتهى سمعان أن يصير مسيحياً، فظهر له ملاك الرب وأمره أن يمضي إلى الأنبا يوحنا أسقف أورشليم الذي عرَّفه عن سرّ تجسد السيد المسيح، إلا أنه لم يجسر أن يعمّده بأورشليم خوفاً من اليهود، فظلّ متردّداً فيما يعمل. ظهرت السيدة العذراء مريم لسمعان وعرَّفته أن يمضي إلى مدينة الإسكندرية ويذهب إلى القديس ثاؤنا بابا الإسكندرية السادس عشر.
فمضى وصحبه في طريقه ملاك الرب في زي إنسان حتى وصل إلى الإسكندرية وقصد البابا ثاؤنا، ففرح به ووعظه وعمّده باسم صرابامون، وكما يقول البابا الكسندروس كاتب سيرته أن معناه “المولود في إيمان آبائه”. انعكف على دراسة الكتاب المقدس، وكان كثيراً ما يتأمل في آلام السيد المسيح من أجل محبته للبشرية. كان يسنده في ذلك البابا ثاؤنا وتلميذه الشماس بطرس، الذي أحب صرابامون جداً بسبب شغفه على الدراسة وحبه للعبادة. كان يرى وجهه مشرفاً بالفرح والسرور، وكم كانت دهشته حين وجد صرابامون نفسه يشرح ما يغمض عن الشماس، كأن نبياً أو إنجيلياً يفسر له الغوامض. أسرع الشماس إلى البابا يخبره بحكمة صرابامون وبامتلائه من المعرفة الروحية، وقدرته العجيبة على تفسير الكتاب المقدس، فتذكر البابا ما قاله الملاك بخصوصه وأعلم به كاتبه الشماس بطرس.
رهبنته
جاء بعض الآباء الرهبان من دير الزجاج يدعون البابا ثاؤنا ليرأس صلاة الفصح المسيحي (عيد القيامة).
سأل صرابامون الشماس بطرس عن حياتهم إذ أعجب بهدوئهم وحكمتهم. ثم استأذن البابا ليذهب إلى الدير معهم، وهناك أحب الوحدة. وفي وقت وجيز حفظ العهد الجديد عن ظهر قلب بجانب ما حفظه من العهد القديم، وأيضا أقوال وعظات الكثير من الآباء القديسين، ولاسيما كتابات القديسين أغناطيوس النوراني وبوليكربس.
مساعدة البابا ثاؤنا
لما تنيح البابا ثاؤنا وأقاموا البابا بطرس خاتم الشهداء تذكر صديقه الروحي المحبوب صرابامون، أرسل فاستحضره ليساعده في أعمال البطريركية، خاصة في التعليم. لكنه إذ كان محباً لحياة التأمل عاد إلى ديره، وكان البابا يستدعيه من وقت إلى آخر ليستمع إليه ويتمتع بمصاحبته إذ كان نور يشرق من وجهه.
أسقف كرسي نقيوس
بعد عشرة سنوات من باباوية القديس بطرس خاتم الشهداء خلا كرسي نقيوس بنياحة القديس يوحنا، فأرسل واستدعي الراهب صرابامون وسامه أسقفاً عليه، ففرحت به رعيته جداً.
أظهر الرب على يديه عدة آيات وعجائب، منها أنه كان بجوار مدينته برابي لعبادة الأوثان، فلم يزل يطلب من السيد المسيح حتى تهدمت وغطاها الماء واستؤصلت عبادة الأصنام من كرسيه. كما استأصل أيضاً بدعة سابيليوس الصعيدي، الذي كان يُعلِّم بأن الآب والابن والروح القدس أقنوم واحد. أفاض البابا الكسندروس في الحديث عن مقاومة القديس أنبا صرابامون لاتباع آريوس وميلاتيوس. صنع العجائب والمعجزات يقول البابا الكسندروس واضع سيرته: “صارت المدينة مثل أديرة الرهبان… هذا بالإضافة إلى العجائب والمعجزات التي تمّت على يديه والتي لم تكن تنقص عن عجائب ومعجزات الرسولين بطرس وبولس. فقد كانوا يقدمون له المرضى والذين بهم أرواح شريرة، فكان المرضى ينالون الشفاء بمجرد الصلاة عليهم.
وكانت الأرواح الشريرة تخرج صارخة مستغيثة ألا يعذبهم القديس بصلواته”.
اهتمامه بالأغنياء والفقراء
صارت المدينة كأنها أسرة واحدة، فكان يحث الأغنياء على العطاء للفقراء بسخاء، وكان الفقراء يأخذون ما يحتاجون إليه.
استشهاده
لما كفر دقلديانوس أعلموه بأن صرابامون الأسقف قد عطّل عبادة الأوثان بتعليمه فأمر بإحضاره إليه، فلما وصل إلى الإسكندرية مع الرسل قضى ليلته في السجن حيث قابله البابا بطرس وجماعة من الكهنة وصافحوه، فرأوا وجهه كوجه ملاك. ولما وصل صرابامون إلى الملك عذّبه بأنواع العذاب وكان السيد المسيح يقيمه بغير ألم.
فلما رأى الملك إقبال الكثيرين على الإيمان بسببه أرسله إلى إريانا والي أنصنا لتعذيبه وقطع رأسه إن لم يرجع عن رأيه. واتفق أن كان إريانا بالإسكندرية فأخذه معه في سفينة، ولما وصلوا إلى نقيوس بلده وقفت بهم السفينة ولم يستطيعوا أن يحرّكوها، فأخذوا القديس وذهبوا به إلى بحري البلد وهناك قطعوا رأسه ونال إكليل الشهادة، فأخذ شعبه الجسد بكرامة عظيمة إلى الكنيسة.
نبوته لإريانا
قبل أن تسير المركب قال القديس صرابامون للوالي: “يا إريانا، إن السيد المسيح يدعوك إلي عرسه، فإذا دعاك أسرع ولا تتوان عن المضي إلي العرس. فسوف تجاهد وتنال إكليل الشهادة، وتغلب دقلديانوس بصبرك”. سخر الوالي بهذه النبوة وحسبها ضعفاً حتى جاء الوقت الذي فيه قَبِل إريانا الإيمان المسيحي وصمّم أن يستشهد. أيها القديس صرابامون، من هو الحكيم الفهيم الذي يقدر أن يصف علوّ فضائلك، يا أيها المجاهد الشجاع.
أي فيلسوف في الكلام يقدر أن يسطّر معجزاتك أيها اللابس الإله، القديس صرابامون؟!
من هو الباحث الذي يقدر أن يفحص علوّ جهادك أيها الناطق بالإلهيات، الكامل في كل صلاح، الذي جاهد من أجل خراف السيد المسيح، وقبلت كمال الآلام لتهدي الكثيرين وتبعدهم عن طريق الضلال، متخذاً الرسول بولس قدوة لك، الذي أرشد الكثيرين وهداهم إلى طريق الحق اليقين؟!
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت