الولادة: 1882
الوفاة: 1964
ولد بجرجا سنة 1882 م ورُسِم قساً على بلده ملوي باسم القس ملطي سرجيوس، ثم عُيِّن وكيلاً لمطرانية أسيوط في 30 أكتوبر سنة 1907م. اشتهر بغيرته على دينه، وألمه الشديد على مجد أمته الزائل، وكان رجلاً ثائراً على كل مالا يرضيه، ولكن ثورته اقتصرت في بداية حياته في تمسكه الشديد لعقيدته.
ثائر وطني في السودان
أصدر مجلة المنارة المرقسية في سبتمبر سنة 1912م في مدينة الخرطوم عندما كان وكيلاً لمطرانيتها، وكان هدف المجلة دعوة الأقباط والمسلمين إلى التضامن والتآخي، وتقويم الاعوجاج الذي تأصل في الأقباط ككنيسة، والضرب على العادات التي أضلَّت الشعب وأفسدت ما ورثناه من الآباء القديسين. غضب عليه الإنجليز وأمروا بعودته إلى مصر في أربع وعشرين ساعة، وكانت آخر كلماته للمدير الإنجليزي هي: “إنني سواء كنت في السودان أو في مصر لن أكف عن النضال وإثارة الشعب ضدكم إلى أن تتحرر بلادي من وجودكم”.
قائد في ثورة
سنة 1919م في ثورة سنة 1919م برز القمص سرجيوس وسط الثائرين، فكان أشبه بعبد الله النديم، فقد وهبه الله لساناً فصيحاً يهز أوتار القلوب إلى حد جعل سعد زغلول يطلق عليه لقب خطيب مصر أو خطيب الثورة الأول.
عاش في الأزهر لمدة ثلاثة شهور كاملة يخطب في الليل والنهار مرتقياً المنبر، معلناً أنه مصري أولاً ومصري ثانياً ومصري ثالثاً، وأن الوطن لا يعرف مسلماً ولا قبطياً، بل مجاهدين فقط دون تمييز بين عمامة بيضاء وعمامة سوداء، وقدم الدليل للمستمعين إليه بوقفته أمامهم بعمامته السوداء. ذُكِر عنه أنه ذات مرة وقف في ميدان الأوبرا يخطب في الجماهير المتزاحمة، وفي أثناء خطابه تقدم نحوه جندي إنجليزي شاهراً مسدسه في وجهه، فهتف الجميع: “حاسب يا أبونا، حايموتك”، وفي هدوء أجاب أبونا: “ومتى كنا نحن المصريون نخاف الموت؟ دعوه يُريق دمائي لتروي أرض وطني التي ارتوت بدماء آلاف الشهداء. دعوه يقتلني ليشهد العالم كيف يعتدي الإنجليز على رجال الدين”. وأمام ثباته واستمراره في خطابه تراجع الجندي عن قتله.
مرة أخرى وقف هو والشيخ القاياتي يتناوبان الخطابة من فوق منبر جامع ابن طولون. فلما ضاق بهما الإنجليز ذرعاً أمروا بنفيهما معاً في رفح بسيناء. وكانا في منفاهما يتحدثان عن مصر، ويتغنيان بأناشيد حبهما لها. كذلك انشغل في المنفى بكتابة الخطابات، وإرسالها إلى اللورد، يندد فيها بسياسة الإنجليز، ويعيب عليهم غطرستهم وحماقتهم في معاملة الوطنيين، وعلى الأخص في معاملة قادتهم وزعمائهم. وقد قضى أبونا سرجيوس والشيخ القاياتي ثمانين يوماً في هذا المنفى. وبعدما خرج من الاعتقال ظل يخطب في كل مكان في المساجد والكنائس والأندية والمحافل وفي الشوارع والميادين.
كتب في الدفاع عن الإيمان أما فيما يتعلق بالكنيسة، فبالإضافة إلى مجلة المنارة المصرية أصدر عدداً كبيراً من الكتب التي دافع فيها عن الإيمان، والتي رد فيها على الكثير من الأسئلة والافتراءات. ولم يكتفِ في كتبه بتقديم الأدلة من الكتاب المقدس بل استند أيضاً إلى الكثير من الآيات القرآنية وباقتباسات من كبار المفكرين المسلمين. كذلك كتب الكثير من المقالات في مجلات غير مجلته، كان يوقع عليها باسم “يونس المهموز”. ظل القمص مرقس سرجيوس زوبعة عاصفة إلى آخر نسمة في حياته بالرغم من شيخوخته، إذ قد انتقل إلى العالم الباقي عن إحدى وثمانين سنة، وكان ذلك في 5 سبتمبر سنة 1964م.
وأبت الجماهير الشعبية التي اشتركت في تشييع جنازته إلا أن تحمل نعشه على الأعناق. ثم أبدت الحكومة اعترافها بجهاده الوطني بأن أطلقت اسمه على أحد شوارع مصر الجديدة بالقاهرة.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت