الولادة: 8
الوفاة: –
تحت اسم “ديونسيوس الأريوباغى” حدث لبس إلى عدة قرون بين ثلاثة شخصيات كثيراً ما كان البعض يظنون أنهم شخصية واحدة، وهم ديونسيوس الذي آمن على يدي بولس الرسول (أع 17: 34) وواضع الكتب التي نسبها لديونسيوس الأريوباغي، ودينيس الكارز في فرنسا.
الرسول بولس في أثنيا
بينما كان بولس الرسول في أثينا منتظراً سيلا وتيموثاوس “احتدت روحه فيه إذ رأى المدينة مملوءة أصناماً” (أع 16: 17). فكان يذهب إلى مجمع اليهود والسوق ليتكلم مع الناس هناك، فقابله قوم من الفلاسفة الأبيقوريين والرواقيين “فأخذوه وذهبوا به إلى أريوس باغوس قائلين: “هل يمكننا أن نعرف ما هو هذا التعليم الجديد الذي تتكلم به؟” (أع17: 19) كان أريوس باغوس؟ أو جبل الإله مارس؟ هو مكان تجمع أهل أثينا وزوارها لمناقشة كل ما هو جديد عليهم، وهناك كلمهم بولس الرسول وأعلمهم عن “الإله المجهول” (أع 17: 23). وكان من الذين آمنوا وتبعوا بولس امرأة تدعى دامَرِس Damaris ورجل يدعى ديونيسيوس عضو في مجمع أثينا.
ولأن مكان انعقاد المجمع هو أريوس باغوس، لذلك كان يُلَقّب “ديونيسيوس الأريوباغي” (أع 17: 34). من أصل سريانى؛ وُلد هذا القديس في القرن الأول الميلادي حوالي سنة 8م من أبوين وثنيين، وكان أبوه سقراط حاكم المنطقة، وقد نذر ابنه لبيت الأصنام. تعلم الطفل في أثينا الفلسفة والحكمة ثم سافر إلى مصر حيث تعلم الحساب والفلك. رجع إلى أثينا وصار قاضيها.
أحداث الصلب
حدث وهو يحكم بين أهل المدينة أن حدثت زلزلة عظيمة والشمس أظلمت تماماً من الساعة الثانية عشر ظهراً حتى الثالثة عصراً، فابتدأ ديونيسيوس يبحث في كتب الفلك فلم يجد تفسيراً لما حدث سوى أن قال لأهل مدينته: “إما أن إله الطبيعة يتألم أو أن عناصر الطبيعة تتحلل”، ثم قام وكتب يوم وساعة هذا الحادث العجيب.
وبعد أربعة عشر سنة من تلك الحادثة زار بولس الرسول أثينا، فذهبوا به إلى أريوس باغوس ليناقشوه في تعليمه الجديد. تكلم أمام ديونيسيوس وذكر حادثة الصلب وموت المسيح على الصليب وكسوف الشمس وتساقط الأصنام، فسأل ديونيسيوس بولس الرسول عن الوقت الذي صار فيه هذا الأمر، ولما راجع الكتاب الذي دون فيه تاريخ حادثة كسوف الشمس وجده مطابق مع كلام الرسول، فصرخ قائلاً: “أؤمن بالإله الحي الذي يكرز به بولس”. ديونيسيوس الأسقف تعمَّد ديونيسيوس واستقال من منصبه وتبع بولس الرسول في مهامه التبشيرية، فأقامه الرسول أسقفاً على أثينا بعد ثلاث سنوات من تعميده، وقد تتلمذ أيضاً ديونيسيوس على يد الرسول يوحنا اللاهوتي. أقام ديونيسيوس في أسقفيته خمسين عاماً. حاول التوفيق بين اللاهوت المسيحي والفلسفة الأفلاطونية الحديثة. كتب كتباً في اللاهوت والدرجات الكهنوتية. وأخيراً أمر الوالي بقطع رأسه لكثرة من آمنوا على يديه، فنال إكليل الشهادة وله من العمر مائة واثنان من الأعوام. يقول عنه يوسابيوس أنه أول أسقف لأثينا، ويدعوه القديس صفرونيوس الأورشليمي “الشهيد”، والبعض يقول أنه استشهد بالحرق حياً في زمن الإمبراطور دوميتيان.
كتاباته
يرى كثير من الدارسين أن أحد الكُتاب المسيحيين باليونانية في القرن الخامس/السادس، ناسباً كتاباته لديونسيوس الأريوباغي لكي يعطيها نوعاً من القوة والسلطة الرسولية. وقد نجح في ذلك، فتأثر بهذه الكتابات بعض اللاهوتيين والشعراء المسيحيين والمتصوفين (الباطينيين) في الشرق والغرب مثل مكسيموس المعترف وغريغوريوس الكبير واندراوس الكريتي وغيرهم. في العصور الوسطى ظهرت شكوك نحو أصالة هذه الكتابات لكن حتى القرن التاسع عشر لم يبلغ الدارسون إلى قرار نهائي في هذا الشأن.
العناصر الواردة في كتاباته
اهتم كتاب “الأسماء الإلهية” بالحديث عن طبيعة الله وسماته، بكونه الأصل الأول الذي ليس فيه ما هو بشرى، ولا يمكن للبشر إدراكه إلا خلال إعلانه عن نفسه بواسطة انبثاقاته (الطغمات السماوية).
يصف كتاب “الطغمات السمائية” الطغمات التسع التي تتوسط بين الله والإنسان. قسم الطغمات إلى ثلاثة مجموعات، كل مجموعة تضم ثلاث رتب. يرى الكاتب أن العالم الحاضر والشر لا وجود حقيقي لهما. فالشر ليس إلا غياب للخير.
يظهر كتاب “الرئاسات الكنسية”. وهى امتداد للانبثاقات السماوية عاملة في البشر على الأرض خلال الثلاث درجات الكهنوتية (الأسقف والكاهن والشماس). وأنهم يمارسون ثلاثة أسرار: العماد والافخارستيا والتثبيت. وذلك في حياة الثلاث جماعات: الرهبان والعلمانيين والموعوظين. أما ثمر هذا العمل فثلاثي وهو: التطهير من الخطية، واستنارة النفس والجسد، والاتحاد السري مع الله.
يصف كتاب “اللاهوت المستيكي” (الباطني) صعود النفس حتى تبلغ فيضاً من المعرفة والإدراك واتحاداً مع الله أو تألها. التأمل مع الصلاة هو أمر رئيسي وجوهري لتحقيق ذلك، حيث يحملان الإنسان إلى خارجه ليدخلا به إلى رؤية الله في دهشٍ.
يوجد أيضاً عشرة رسائل للمدعو ديونيسيوس تعالج جوانب مختلفة لهذا التعليم. أول من استخدم هذه الكتابات ربما القديس سويرس الأنطاكي (حوالي سنة 513م).
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت