الولادة: –
الوفاة: –
نسبها
تنتسب ديمترياس إلى عائلة شريفة بروما، وقد نذرت حياتها للبتولية. كانت جدتها من والدتها تقية جداً امتدحها القديس جيروم، وكان لهما ثلاثة أبناء، جميعهم قناصلة. لقد اشتاقت ديمترياس إلي البتولية، وكانت تخشى معارضة والديها؛ لكنهما وافقا بكل سرور وفرح. وكان تكريس حياتهما علة بهجة لجميع الكنائس. كان القديس جيروم يشجعها على الدراسة مع الحياة التعبدية التقوية. وسألها أن تهتم باختيار أصدقائها أو الجماعة التي تعيش في وسطهم. فضّل لها حياة الشركة عن حياة الوحدة، وان تشهد للحياة الإنجيلية في وسطهم، وذلك كما سبق فأرشد أوستخيوم Eustochium قبلها بحوالي ثلاثين عاماً. روى لنا القديس جيروم في رسالته إليها (رسالة رقم 130) عن حياتها في روما وفي أفريقيا. قدم لها في الرسالة الأُسس التي تلتزم بها في حياتها الجديدة. وجاءت الرسالة توضح الحياة النسكية مع الدراسة والصلاة والطاعة والفقر الاختياري من أجل السيد المسيح والجهاد المستمر.
في عام 414م بعث القديس جيروم إليها رسالة جاء فيها: [في كل المواضيع التي كتبت عنها منذ صباي حتى اليوم سواء بقلمي أو خلال السكرتاريين لم أجد موضوعاً أصعب مما يشغلني الآن. فإنني أكتب إلى ديمترياس عذراء المسيح والسيدة التي من جهة مولدها وغناها لا يوجد لها مثيل في العالم الروماني. إن كنت أستخدم لغة مناسبة لوصف فضائلها أظن إنني أتملقها.
وإن أحجمت عن بعض التفاصيل في هذا الأمر لكي تظهر مقبولة، فإنني بهذا التحفظ لا أكون عادلاً في تقديم ما تستحقه، إذن ماذا أفعل؟ جدتها ووالدتها كلاهما كانتا سيدتين مرموقتين وصاحبتي سلطان لتأمرا، وإيمان لتطلبا وتثابرا حتى تنالا ما تريدان…] عندما تحدث عن بتوليتها وطهارتها تطلع إلى الهيكل الجديد المجيد. يقول القديس جيروم عن هيكل نفسها أنه وجد نفسه في ذلك الموضع المقدس حيث قدس الأقداس ومذبح البخور. [اخترت أن أعبر من ذاك المذبح (الوارد في حزقيال) إلى هذا (الذي في أعماق ديمترياس البتول)… إني أعلم أن الأسقف Pontifex بكلماته غطى رأسها المقدسة بحجاب العروس البتول، وهو يتلو العبارة المقدسة المهيبة للرسول: “أريد أن أقدمكم جميعًا كعروس طاهرة للمسيح” (2كو3: 6). لقد وقفت كملكة عن يمينه، ثيابها موشى بالذهب ورداءها من شغل الإبرة، (مز 44: 9، 13، 14). هكذا كان معطفها كثير الألوان يحوي فضائل متنوعة، هذا الذي لبسه يوسف، ومثله كانت ثياب بنات الملك… لقد غرست الجدة والأم وأنا سقيت ولكن الرب هو الذي يُنمّي (1كو 3: 6)… يليق بي أن أذكر Olybrius والد بتولتنا هذا الذي جاء موته في غير وقته خسارة لروما مما يحزننا.
إني أخشى أن أتحدث أكثر عنه لئلا أزيد ألم والدتك المقدسة، ولئلا ذكرى فضائله تصير تجديداً لحزنها. لقد كان أباً ملتزماً، وزوجاً محباً، وسيداً مترفقاً، ومواطناً له شعبيته. صار قنصلاً وهو ولد، وبشخصيته الصالحة صار مشهوراً كعضو مجلس الشيوخ. كان سعيداً في موته، إذ أنقذه من رؤية خراب مدينته (حيث سقطت روما سنة 410م)، وأكثر سعادة بنسله، فإن الاسم المميز الذي للجدة ديمترياس صار الآن أكثر شهرة خلال ابنته ديمترياس التي نذرت نفسها للطهارة الدائمة!… إني بالأحرى أمدح عذراءنا إذ رذلت كل هذا، وقررت أن تتطلع إلى نفسها لا كسيدة غنية وذات مكانة عظيمة بل ببساطة كأية سيدة عادية. قوة عقلها يفوق كل تفكير. مع أن لديها الحرير والجواهر بفيض في مخازنها، ومحاطة بحشود من الخصيان والخادمات والخدم الكثير… يُقام أمامها في البيت ولائم شهية بفيضٍ كل يوم، إلا أنها فضلت الصوم القاسي والثياب الخشنة والحياة القاسية عن كل هذه الأمور. إذ قرأت كلمات الرب: “الذين يلبسون الثياب الناعمة في قصور الملوك” (مت 11: 14؛ لو 1: 17). كانت مملوءة إعجاباً بإيليا النبي ويوحنا المعمدان… كانت معجبة أيضاً بغيرة حنّة بنت فنوئيل التي استمرت تخدم الرب في الهيكل بالصلوات والأصوام إلى سن متقدم (لو 2: 36-37)…
لقد أبغضت كل مظاهرها العظيمة وصرخت للرب مثل إستير: “أنت تعلم إني أبغض علامات مركزي العظيم أي التاج الذي لبسته كملكة، وإني أحسبه كخرقة الطامث” (إس 14: 16).] تحدث بعد ذلك عن رحيلها من روما إلى أفريقيا عندما سقطت روما، فقال: [كل كنيسة في أفريقيا رقصت طرباً. فإن الأخبار لم تصل فقط إلى المدن الكبرى والقرى بل وإلى الأكواخ المتناثرة. كل جزيرة بين أفريقيا وإيطاليا امتلأت بالأخبار السارة التي انتشرت على مستوى متسع جداً.]
أما عن نصائحه لها فقال: [أظن أنه لا حاجة لي أن أُحذرك من الطمع، فإن هذا هو طريق أسرتك أن لهم غنى ويحتقرونه.] [سعيدة هي النفس، وسعيدة هي العذراء التي لا يوجد في قلبها موضع لحب غير حب المسيح. فإنه فيه الحكمة والطهارة والصبر والعدل وكل فضيلة أخرى.] [حبِّ الكتب المقدسة، فتحبك الحكمة. حبِّ الحكمة، فتحفظك في آمان. كرِّمي الحكمة، فتحتضنك. لتكن الجواهر التي على صدركِ وفي أذنيكِ هي جواهر الحكمة. لا يعرف لسانكِ شيئًا سوى المسيح. لا يخرج صوت من بين شفتيك غير مقدس، ولتكن كلماتك دائمًا تنضح بالعذوبة كما كانت جدتك وأمك مثالين لكِ. امتثلي بهما فإنهما نموذجان للفضيلة.]
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت