الولادة: –
الوفاة: 605
كان متضلّعاً في العلوم الدينية والمدنية. انتظم في سلك الرهبنة منذ صباه في دير أبى يحنس تحت إرشاد أب قديس، ولبث عابداً مجاهداً 16 سنة ثم رسم شماساً. تشبّعت نفس دميانوس بتعاليم أبيه الروحي، ومن ثم اندفع إلى الجهاد ليل نهار لاكتساب المعرفة حتى أصبح مقتدراً بالقول والفعل، متشحاً بالنعمة الإلهية.
في دير باتيرون
ترك دير القديس يؤانس القصير وقصد إلى دير معروف باسم باتيرون (أي الآباء) غربي مدينة الإسكندرية وهناك زاد نسكه. ولما جلس البابا بطرس الرابع والثلاثون على كرسي الكرازة المرقسية استحضره وجعله سكرتيراً له يشاطره أعباء الرعاية، فترك حياة العزلة ليعيش في الإسكندرية مع باباه.
باباويته
لما تنيح البابا بطرس اتفق رأي الإكليروس والشعب على اختياره خلفاً له. ولكن العقبات التي كان يقيمها القابضون على الحكم إذ ذاك حالت دون رسامته، فلم يتمكن الأساقفة من وضع اليد عليه إلا بعد مضي سنتين كاملتين على انتقال سلفه العظيم، فاعتلى كرسي البطريركية في 2 أبيب سنة 285 ش (26 يونية سنة 569م). حفظ الإيمان المستقيم في زمن رعويته قاوم المبتدعين، ومنهم أتباع الأسقف ميلتيوس الليكوبولي (الأسيوطي) وكتب رسائل كثيرة يوضّح فيها العقيدة والتعاليم الأرثوذكسية السليمة. وإذ حاول اتباع ميلتيوس إفساد فكر الرهبان أمر بطردهم من الأديرة. كتب أيضاً رسالة إلى بطرس البطريرك الأنطاكي الذي خلف الأنبا ثيئوفانيوس، رداً على رسالته التي أرسلها للبابا دميانوس بعد رسامته على كرسي إنطاكية. ففي البداية فرح البابا دميانوس بالرسالة، لكنه إذ فحص ما ورد فيها وجد فيها عثرة في الاعتراف بالثالوث القدوس، ومؤدى كلامه أنه لا داعي لذكر التعليم بالثالوث القدوس بالمرة. أراد البابا أن يكسب البطريرك الأنطاكي بكل رفق حتى لا يخسر الاتحاد بين الكرسيين.
وكتب إليه مقالاً يذكر فيه اعتراف المجامع المسكونية والآباء القديسين بالثالوث القدوس. وإذ لم يقبل البطريرك بطرس ذلك اضطر البابا دميانوس أن يبعث إليه رسالة شديدة اللهجة. بعدها عقد مجمعاً حكم على بدعته بالحرم وعليه بالقطع، مما سبب خلافاً بين الكنيستين ذام قرابة عشرين عاماً حتى مات بطرس المخالف. اهتم البابا بوضع ميامر ومقالات، وجاءت كتاباته تمتاز بسلاسة المنطق وبالغيرة المتقدة، فاجتذبت عدداً وفيراً من المبتدعين إلى العقيدة الأرثوذكسية. استولى الملكيون على جميع كنائس الإسكندرية، إذ كان بطريرك الملكيين قد مات عام 569م، وخلفه بطريرك آخر اسمه يوحنا، كان في الأصل من قادة الجيش، تمت رسامته في القسطنطينية ثم أرسل إلى مصر ليستولي على إيراد الكنائس. غير أن هذا البطريرك كان محباً للسلام والهدوء فلم يستخدم القوة في إلزام الأقباط على ترك عقيدتهم، بل ترك لهم الحرية الكاملة.
انزوى البابا داميانوس في قلايته بدير النطرون ولم يدخل في مناوشات مع البطريرك الدخيل. لقد داوم البابا دميانوس على تعليم شعبه وتثبيته على الإيمان الأرثوذكسي، كما داوم على الأصوام والصلوات مدى حياته. وهذا الجهاد المقترن بالتقشف لم يكن ليؤثر فيه لولا ما صادفه من ضيق وتعب، فمرض بضعة أيام انتقل بعدها إلى المساكن النورانية سنة 605م، وكانت مدة رئاسته ستاً وثلاثين سنة.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت