الولادة: –
الوفاة: –
أحد قديسي القرن الرابع، نشأ في دير بمدينة أنيفوAnepho ، أو بانيفيو، أو بانيفيسيس Panephysis، وهى مدينة كبيرة تعرضت لزلزالٍ فتحولت مع القرى المحيطة بها إلى أشبه بمستنقعات، فهجرها سكانها، وأصبحت تصلح لسكنى المتوحدين. موقعها الحالي بحيرة المنزلة. تربى هناك وسط جماعة المتوحدين، وكان ينمو في المعرفة الروحية والحياة التعبدية والنسكية، فصار موضع حب الكل، وفاحت رائحة المسيح الساكن فيه.
عمله التدبيري
إذ أحبه الرهبان جداً سيم قساً بالرغم من امتناعه أولاً، وأصبح مدبراً لدير يضم مئات الرهبان، فكان مثلاً حياً للأبوة الصادقة المتضعة. كان يهرب من الكرامات الزمنية فكانت تجرى إليه وتلحقه، وشعر كأن خطراً يصيبه، لذا فكر جدياً في الهروب من الدير متخفياً.
هروبه من دير طبانسين
تخفى القس بينوفيوس وهرب إلى دير طبانسين بالقرب من قنا، في مواجهة دندرة، حيث اشتاق أن يعيش هناك تحت التدبير والطاعة والخضوع عوض الرئاسة.
تقدم إلى رئيس الدير، ونصحه الرئيس أن يرجع إلى العالم، إذ يعجز عن أن يبدأ حياته الرهبانية في الدير وهو في هذا السن. ظل بينوفويس واقفاً على الباب يطلب بدموع أن يقبلوه أن يخدم في الدير ولا يقيم كراهب، وتحت الإلحاح قبلوه تحت الاختبار. صار يعمل كمساعدٍ لراهب شاب يعمل في حديقة الدير، فتظاهر كمن هو عاجز عن القيام بالعمل العادي. وكان الراهب الشاب عنيفاً والشيخ في طاعة يسمع له ويتتلمذ على يديه بلا جدال، بل بفرح وسرور.
عاش في الدير كأحد الخدم لا يلتفت أحد إليه، وهو بهذا متهلل بالروح. لكن سرعان ما أُعجب به الراهب الشاب وأحبه جداً. كان يقوم في الليل بأعمال النظافة في الدير التي يأنف منها باقي الرهبان دون أن يعلم أحد. أما بالنسبة لحياته التعبدية فكان يمارسها في الخفاء مع نسكٍ شديدٍ. وإذا دخل الكنيسة احتل الصف الأخير ليسمع بانسحاق دون أن ينطق بكلمة.
انكشاف أمره
بعد ثلاث سنوات من ممارسته هذه الحياة الهادئة البعيدة عن الأنظار زار أحد رهبان منطقة البرلس الدير الذي فيه الشيخ. ذُهل حين رآه يحمل السبخ ويضعه حول الأشجار، وإذ تعرف عليه جيداً وقع عند قدميه طالباً البركة، وكشف أمره للرهبان معلناً أنه القس بينوفيوس رئيس دير بالبرلس، له أعماله الرعوية العظيمة وشهرته الفائقة.
صار الأب يبكي بمرارة لانكشاف أمره بين ذهول كل الرهبان ودهشتهم، فخرج معه وفد إلى ديره ليقدموه إلى رهبانه بتكريمٍ عظيمٍ. استقبله رهبانه بفرح عظيم، إذ كانوا يحسبونه أنه خرج للوحدة فترة قصيرة وقد طالت جداً، لكنهم إذ عرفوا ما فعله كرموه بالأكثر وانتفعوا من اتضاعه وهروبه من المجد الباطل، أما هو فكان يبكي لانكشاف أمره وحرمانه من العمل بعيداً عن الأنظار.
هروبه إلى بيت لحم
لم يحتمل قديسنا الكرامة المتزايدة لذا فكر في الهروب خارج مصر حتى لا ينكشف أمره، وبالفعل تسلل في إحدى الليالي منطلقا إلى دير ببيت لحم حيث تقدم للرهبنة، وتحت إلحاح شديد قبلوه كأحد الخدم، وشاءت إرادة الله أن يكون نصيبه هو العمل في قلاية القديس يوحنا كاسيان الذي كتب لنا سيرته وأقواله.
لمس فيه القديس يوحنا كاسيان رقته وقداسته فأحبه جداً، وتكونت بينهما صداقة روحية دون أن يعلم الأول شيئاً عنه. مرت الأيام وجاء أحد الإخوة من دير البرلس وكشف أيضاً أمره، وتكرر الأمر بعودته إلى ديره بكرامة وتبجيل بينما كانت دموعه لا تجف.
زيارة كاسيان له
إذ زار القديس كاسيان وصديقه جرمانيوس مصر، ذهب إلى صديقه الحميم القس بينوفيوس، حيث وقع على عنقه وقبّله، ومكث معه في قلايته التي كانت تقع في أقصى الحديقة، وكانا يسبحان الله ويمجدانه.
من كلماته
كم هي عديدة الوسائل التي بها ننال مغفرة خطايانا، حتى أنه ما من أحد يشتاق إلى خلاص نفسه يتطرق إليه اليأس، لأنه يرى أنه مدعو للحياة بأدوية كثيرة هذا عددها! يحدث أيضا حتى من باب العطف أن نفكر في سقطات الغير أو أخطائهم، فنتأثر باللذة ونسقط بالتالي في هموم الآخرين. عندما تخطر بذاكرتك الخطايا السابقة، اهرب منها كما يهرب الإنسان البار الشريف متى وجد امرأة عاهرة شريرة تطلبه في الطريق العام بواسطة حديثها معه أو تقبيلها إياه.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت