الولادة: –
الوفاة: –
تكشف سيرة هذا القديس عن فيض نعمة الله الغنية القادرة أن تحول القلب الحجري إلى حياة محبة فائقة. عُرف بطرس العشار بحبه الشديد للمال وقساوة قلبه وعدم رحمته حتى ارتبطت هذه القسوة باسمه في المدينة كلها (غالباً الإسكندرية). التقى به أحد الفقراء وكان يصرّ أن يأخذ منه شيئاً، وإذ تضايق بطرس، وحاول طرده لم يفلح، فأخذ كسرة خبز من غلام جاء إليه يحمل الخبز، وضربه بها على رأسه على سبيل الإهانة لا الرحمة. بالليل رأى كأنه في اليوم الأخير وكأن ميزاناً قد ظهر وقد ظهرت جماعة الشياطين القبيحة المنظر تحمل خطاياه وتلقي بها بكثرة في الكفة اليسرى، أما ملائكة النور الجميلة المنظر فوقفوا أمام الكفة اليمنى في حيرة لا يعرفون ماذا يقدمون، أخيراً بالكاد وجدوا كسرة الخبز التي ضرب بها رأس الفقير ليضعوها في الكفة. قام بطرس من نومه وصار حزيناً جداً على عمره الذي قضاه في أعمال الظلمة والقسوة ومحبة المال حارماً نفسه من شركة الملائكة النورانيين خلال حياة الإيمان العامل بالمحبة.
أدرك بطرس أن حياته على الأرض ليست إلا طريقاً إما لمشاركة الشياطين مرارتهم أو الملائكة القديسين أمجادهم الأبدية، واضعاً في قلبه أن يعيش بقية أيام زمانه من أجل الملكوت الأبدي.
حياته الجديدة
تغيّر قلب بطرس تماماً فعوض اهتمامه بالمال صار يهتم بالفقراء والمساكين، يسند كل محتاج ويترفق بالجميع موزعاً كل ماله، حتى قدم ثيابه عطية محبة. أخيراً في عشقه للمحبة باع نفسه كعبدٍ لدي أحد الأثرياء الرومان ليُوزع ثمنه على الفقراء.
إلى برية القديس مقاريوس
عاش بطرس كعبدٍ، لكن قلبه المتسع حباً ضم العبيد زملاءه إليه كما في أبوة حانية، وشعر سيده أنه ليس بعبدٍ طبيعي، متعجباً لتصرفاته وحياته. كسب بطرس الكثيرين للإيمان خلال هذه الحياة الجديدة وسط الفقراء والعبيد كواحدٍ منهم يشاركهم أتعابهم وعوزهم، كما كان له أثره على سيده وكل عائلته. جاء أحد أثرياء مدينته لزيارة سيده، وفوجئ بوجود هذا العبد، وأعلن لسيده قصته، كيف باع نفسه من أجل الفقراء.
شعر العبد أن المجد يلاحقه فهرب مختفياً إلى برية القديس مقاريوس بالإسقيط حيث صار راهباً يسلك بحياة نسكية قوية، فأحبه الرهبان جداً، وكانوا يتمثلون به في حبه وخدمته للآخرين مع جهاده النسكي التعبدي. يمكننا أن نقول إذ تغير قلب بطرس بالنعمة الإلهية سلك بالروح أينما وُجد، حين كان عشاراً يجمع الجباية لكن بترفقٍ وحبٍ وضبطٍ للنفس دون محبة للربح القبيح؛ وحين صار عبداً يمارس أدنى الأعمال الزمنية ويخالط العبيد بقلبٍ متسعٍ متواضعٍ؛ وحين صار راهبًا في البرية. القلب المتسع حبًا يهب الإنسان نجاحًا أينما وُجد، وأيا كان عمله أو مركزه! على أي الأحوال عرف القديس بطرس ساعة نياحته فاستدعى آباء البرية وصارحهم برحيله، وطلب صلواتهم ثم ودعهم، وأخذ يصلي حتى انصرف إلى الرب. تعيد له الكنيسة في 25 من شهر طوبة.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت