الولادة: 1889م.
الوفاة: 1938م.
تطويب الراهب اللبناني الماروني الاخ اسطفان نعمة
اعلن في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان عشية أحد الشعانين ان : ” أصدر قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر عند الساعة الثانية عشرة ظهراً، قراراً بتطويب المكرّم الأخ إسطفان نعمة، إبن الرهبانيّة اللبنانيّة، وأمر بنشر قرار تثبيت الأعجوبة المنسوبة إلى شفاعته في الجريدة الرسمية الاوسرفاتورى رومانو”.
وقد عُمِّم قرار قداسة البابا بتطويب الأخ إسطفان على الدوائر الفاتيكانيّة وفي وسائل الإعلام المرئي والمكتوب، وذلك بعد إستقباله رئيس مجمع القدّيسين في روما المطران “أنجلو أماتو، سيستقبل بدوره طالب دعاوى قديسي الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّ الاب بولس القزي صباح الاثنين 29/3/2010 تهيئةً لإقامة احتفالات التطويب في لبنان في نهاية شهر يونيو المقبل. هذا وقد عمّت الفرحة لبنان والكنيسة المارونيّة والرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة التي شكرت الربّ على الطوباوي الجديد بعد أن أنعم عليها بالقدّيس شربل والقدّيسة رفقا والقدّيس نعمة الله كساب الحرديني. واتى قرار قداسة البابا عشية عيد الفصح كهدية روحيّة ثمينة إلى الكنيسة في لبنان والموارنة والكنيسة الجامعة، في وقت يتهيأ أبناء الكنيسة في الشرق الأوسط لسينودوس الأساقفة في شهر اكتوبر المقبل، لأن المكرّم الأخ إسطفان بمثله وحياته قد جسّد علاوةً على الفضائل الإلهية والإنسانيّة مثالية الراهب المحب، الذي بذل ذاته في سبيل الآخرين وأعلى شأن الحياة الرهبانيّة منارة الشرق الحقيقية. وبدأ محبو المكرّم الأخ إسطفان في لبنان والعالم مسيرتهم الروحيّة تهيئةً للإحتفالات بتطويبه في آواخر شهر يونيو المقبل، بانتظار صدور الملحق الخاص ببرنامج الإحتفالات الروحيّة على ضريحه في دير مار قبريانوس ويوستينا، كفيفان في لبنان. وهكذا ينضم المكرّم الأخ إسطفان نعمة إلى لائحة الطوباويين والقدّيسين في الكنيسة المارونيّة والكنيسة الجامعة.
وُلد الأخ اسطفان في شهر مارس سنة 1889 بلبنان، وهو يوسف الشقيق الاصغر لاخوته الثلاثة نعمةالله وسركيس وهيكل وفتاتان: توفيقة وفروسنيا، من والدين تقيين هما اسطفان بو هيكل نعمه وخرستينا البدوي خالد نعمه، ومنح سر المعمودية في اليوم الثامن لميلاده، حصل على دروسه الأولية في قريته فى مدرسة سيدة النعم، ثم في مدرسة الرهبان التابعة للرهبنية المارونية.
في أحد الأيّام، كان يوسف (الأخ اسطفان) يرعى البقر في الحقول القريبة لبيته، فرأى حيواناً برّياً صغيراً، اسمه “غرير”- وهو حيوان يشبه الكلب – يدخل حفرة وطال بقاؤه فيها. وإذ زحف وراءه ليخرجه لاحظ أن الأرض رطبة، وبعد أن حفر قليلاً اكتشف نبع ماء عذبة ، فطاب لها الأهالي وأنعشت حقولهم فحوّلتها إلى روضة غناء وأطلقوا على الينبوع اسم “نبع الغرير”.
بعد موت والديه انتقل إلى دير كفيفان للرهبانية اللبنانية المارونية وكان بعمر 18 سنة فقبل طالباً ثم مبتدئاً وألبس ثوب الابتداء سنة 1905 وسُمي اسطفان على اسم والده. بعد مضي سنتي التجربة أبرز نذوره الاحتفالية المؤبدة في 22/8/1907 وأمضى حياته في الرهبنة عاملاً مجداً نشيطاً غيوراً على أملاك الرهبنة. لم يترك حرفة إلا وقام بها فعمل في البناء والنجارة والزراعة وكان شعاره الدائم “الله يراني”. وكان معروفاً ببنيته الجسديّة القويّة.
خدمته في الرّهبانيّة
امضى حياته في الرّهبانيّة يعمل في حدائق الأديرة التي تنقّل فيها: دير مار أنطونيوس- حوب، دير مار شليطا- القطّارة، دير ما مارون – عنّايا، دير سيدة المعونات – جبيل ودير مار قبريانوس ويوستينا – كفيفان.
في كل هذه الأديرة كان يتسلّم مهمّة رئيس الحقل. وكان يعمل مع اخوته الرّهبان والعمّال بصمت ومحبّة واحترام، ويشهد الجميع على عدله واستقامته. فكان التلميذ الأمين ليسوع المسيح، عاكساً صورته أينما حلّ، وناقلاً بشارته إلى من عايشهم.
لم يعرف البطالة أبداً، بل عاش قانون الرّهبانيّة اللبنانية المارونية وروحانيتها بدقة وأمانة، مقتفياً خطى الرّهبان القدّيسين، موزعاً أوقاته بين عمل وصلاة.
دخل يوماً بيتاً خلال الحرب العالمية الأولى، فشاهد ولداً يرضع من ثدي أمه وهي ميتة، فرق قلبه وحمل الصغير إلى الحقل وأخذ يعتني به ويرضعه من ثدي البقرة حتى أخرجه من الحرب سالماً.
اشتد الخلاف في دير ميفوق بين الرهبان والشركاء على حدود عقارات كل منهم، فاستدعاه رئيس الدير، للكشف على الصلبان التي كان قد وضعها أثناء وجوده في دير ميفوق ويثبت حدود الدير، كان بعض المغرضين قد أخفوا معالمها، فأزال التراب عنها وبانت الصلبان. أثناء عودته إلى دير كفيفان أصابه دوار خبيث جراء الشمس الحارقة أودى بحياته بعد أيام قلائل في 30 اغسطس 1938 عن 49 سنة، ودفن في المقبرة الجماعية في الدير. في عام 1950 فتحت المقبرة ليدفن فيها أحد الرهبان فوجد جثمان الأخ اسطفان لا تزال على حالها سليمة من كل انحلال.
وعندما كثر زوار الدير طالبين شفاعته، نقل الجثمان إلى تابوت آخر من معدن بدون غطاء وجعلوه ينزلق على سكة حديد، بحيث يسهل سحبه من الحجرة عند وصول المؤمنين ليتباركوا منه ثم لرده إليها. وكان بعضهم ينزع بعض الشعيرات من رأسه أو من لحيته ليحفظها ذخيرة…
كانت أدواته المنجل والمعول والشوكة والمنشار والمطرقة، يستعملها في اصلاح الأرض وحراثة التربة وتهذيب الصخور وهندستها وعمل الأبواب والشبابيك. أما أدوات صقل حياته الروحية فكانت كلمة الانجيل والصلاة والتأمّل، وسبحة البتول مريم وخدمة المحبّة والشركة مع اخوته الرّهبان والقدّاس الالهيّ، متشوقاً دوما الى اللّقاء بالحبّ الالهيّ. كانت حياته فعل شكر وتقدمة مقدّسة لله .
لم يتراجع يوماً ولم تهزّه الرياح العاتية التي عصفت بلبنان إبّان الحرب العالميّة الاولى، بل حمل الصليب ناكراً ذاته وتابعاً معلّمه، واضعاً ثقته فيه من دون تردّد أو خوف. تجرّد من كل ما يعرقل وصوله الى النّور الحقيقي.
من الخوارق التي نسبت إليه أنه ظهر يوماً في الحلم للسيدة ماري نعمه من الشياح، وبعد أن عرّفها عن نفسه أشار إليها بأن تأخذ ابنها جوني، المصاب برمد حاد كاد أن يودي بنظره، وتصعد به إلى كفيفان حيث جثمانه. وعند وصولها مع ابنها إلى الدير. مررتْ يد جثمان الأخ اسطفان على عيني ابنها وللحال زال الاحمرار وشفي.
بتاريخ 27/11/2001 تقدمت الرهبنة اللبنانية بملف عن فضائله الى الكرسي الرسولي والتمست تكريمه وصدر الأمر بإقفال المدفن بالشمع الأحمر والامتناع عن مس الجثمان.
بتاريخ 17/12/2007 أعلن قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر البار الأخ اسطفان مكرّماً، وهو الرابع بعد اخوته أبناء الرّهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، شربل ورفقا ونعمة الله. وسمح بأن يجري احتفال تكريمه في قريته لحفد .
كتب الأب أنطونيوس نعمه رئيس الدير، بعد وفاته، ما يلي: “غادر هذه الفانية نهار الثلاثاء الساعة الرابعة مساء في الثلاثين من اغسطس سنة 1938 الأخ اسطفان نعمه، وكان أخا عاملاً نشيطاً غيوراً على مصلحة الدير، مسالماً، بعيداً عن الخصومات، قنوعاً، فطناً بالأعمال اليدويّة، محافظاً على واجباته ونذوراته، قائماً بما عهد اليه حقّ القيام.
من أقواله
“الله يراني، هنيئا لمن تزيّن بالعلم الذي يقود الى الله”
“المحبّة لا تحتاج الى علم لأنّها من القلب تخرج”
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت