الولادة: 228 م.
الوفاة: –
معروف برئيس المتوحدين أو أول السواح. عاش متوحداً سنوات طويلة في حياة رهبانية خفية وسط البرية لا يعلم عنه أحد سوى الله، الذي كان يعوله بغرابٍ يقدّم له نصف خبزة يومياً لعشرات السنين التى امتدت إلى ثمانين سنة تقريباً.
درجة السياحة هى الدرجة السادسة فى تسلسل الرقي الروحي للراهب، وتعلوها الدرجة السابعة والأخيرة التى هى درجة الرؤيا. والآباء السواح هم من ماتوا كليّة عن العالم. تزداد محبتهم للصلاة حتى يصيروا كما قال الكتاب: ” أما أنا فصلاة.
نشأته
ولد في مدينة الإسكندرية حوالي سنة 228م. ولما توفي والده ترك له ولأخيه الأكبر بطرس ثروة طائلة، فأراد بطرس أن يغتصب النصيب الأكبر من الميراث. إذ اشتد بينهما الجدل أراد القديس أنبا بولا أن يتوجه إلى القضاء. في الطريق رأى جنازة لأحد عظماء المدينة الأغنياء، فسأل نفسه إن كان هذا الغني قد أخذ معه شيئًا من أمور هذا العالم، فاستتفه هذه الحياة الزمنية والتهب قلبه بالميراث الأبدي، لذا عوض انطلاقه إلى القضاء خرج من المدينة، ودخل في قبر مهجور يقضي ثلاثة أيام بلياليها طالباً الإرشاد الإلهي. ظهر له ملاك يرشده إلى البرية الشرقية، حيث أقام بجبل نمرة القريب من ساحل البحر الأحمر. عاش أكثر من 80 سنة لم يشاهد فيها وجه إنسانٍ، وكان ثوبه من ليف وسعف النخل، وكان الرب يعوله ويرسل له غراباً بنصف خبزة كل يوم، كما كان يقتات من ثمار النخيل والأعشاب الجبلية أحياناً، ويرتوي من عين ماء هناك.
على الارجح تاريخ ميلاده سنة 228 م، ولولا أن القديس أنطونيوس كتب سيرة الأنبا بولا لما وصلنا عنه شيء ولظلت حياته العطرة مخفية عن العيون.
عن الانبا انطونيوس
قال الأنبا بولا: اني ولدت نحو سنة 228 م فى جنوب الصعيد بمدينة طيبه (الاقصر حاليا) من أبوين مصريين. ولما صار لي من العمر 12 سنة مات والداي، فدخلت مدارس الفلاسفة وأتقنت فيها اللغة اليونانية فضلاً على اللغة المصرية وأقمت بمنزل زوج أختي وقيل أخوه) ولم يكن مسيحياً. ولما بلغت العشرين من عمري أثار ديسيوس قيصر اضطهاده سنة 249 م على المسيحيين وامتد إلى الصعيد وصدر الأمر بالتفتيش على المسيحيين لتذويبهم إذا لم ينكروا مسيحهم، فهربت إلى منزل كان لي بين المزارع، ولم أمكث فى هذا المكان المنفرد إلا قليلاً حتى أنذرتني أختي بأنّ زوجها عازمٌ على إخبار الحكومة بمكاني لكي يقبض عليّ ويتمتع هو بمالي وعقاري الذي يصير له بعدي بحق الأرث. فخطر على بالي عندئذ قول السيد المسيح “من لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون لي تلميذاً ” ( لو 14: 22). فوهبت لأختي وزوجها كل ما أملك من حطام الدنيا وودّعت العالم الوداع الأخير وقصدت البريّة الداخلة بجبل القلزم بالقرب من البحر الأحمر، حيث وجدت مغارة مغلقٌ بابها بحجر كبير. فدحرجته ودخلت إليها ورأيت بقربها نخلة تثمر وعين ماء، فأقمت بها وصرت اقتات من ثمر النخلة وأستقي من عين الماء وأكتسي بخوص النخل مجدولاً.
نياحته
كانت نياحة القديس الأنبا بولا فى 2 أمشير 343 م، وتبارك مكان عبادته ونسكه فأصبح ديراً كبيراً.
لقاءه مع الأنبا أنطونيوس
ظنّ القديس أنبا أنطونيوس أنه أول من سكن البراري، فأرشده ملاك الرب بأن في البرية إنساناً لا يستحق العالم وطأة قدميه؛ من أجل صلواته يرفع الله عن العالم الجفاف ويهبه مطراً. إذ سمع القديس هذا الحديث السماوي انطلق بإرشاد الله نحو مغارة القديس أنبا بولا حيث التقيا معاً، وقد ناداه أنبا بولا باسمه، وصارا يتحدثان بعظائم الله. وعند الغروب جاء الغراب يحمل خبزة كاملة، فقال الأنبا بولا: “الآن علمت أنك رجل الله حيث لي أكثر من 80 عاماً يأتيني الغراب بنصف خبزة، أما الآن فقد أتى بخبزة كاملة، وهكذا فقد أرسل الله لك طعامك أيضاً”.
في نهاية الحديث طلب الأنبا بولا من الأنبا أنطونيوس أن يسرع ويحضر الحلة الكهنوتية التي للبطريرك البابا أثناسيوس لأن وقت انحلاله قد قرب. رجع القديس أنبا أنطونيوس وهو متأثر للغاية، وإذ أحضر الحلة وعاد متجهاً نحو مغارة الأنبا بولا رأى في الطريق جماعة من الملائكة تحمل روح القديس متجهة بها نحو الفردوس وهم يسبحون ويرتلون بفرحٍ.
بلغ الأنبا أنطونيوس المغارة فوجد الأنبا بولا جاثياً على ركبتيه، وإذ ظن أنه يصلي انتظر طويلاً ثم اقترب منه فوجده قد تنيّح. وكان ذلك في الثاني من أمشير (سنة 343م). بكاه متأثراً جداً، وإذ صار يفكر كيف يدفنه أبصر أسدين قد جاءا نحوه، فأشار إليهما نحو الموضع المطلوب فحفرا حفرة ومضيا، ثم دفنه وهو يصلي.
حمل الأنبا أنطونيوس ثوب الليف الذي كان يلبسه القديس وقدّمه للأنبا أثناسيوس الذي فرح به جداً، وكان يلبسه في أعياد الميلاد والغطاس والقيامة، وقد حدثت عجائب من هذا الثوب.
من أقوال القديس الأنبا بولا
من يهرب من الضيق يهرب من الله.
الانسان الحر هو ذاك الذي لا تستعبده الملذات الجسدية بل يتحكم فى الجسد بتمييز صالح وعفة.
لا تكنز خطيئتك التى صنعتها لأنّ أفضل ما يقتنيه الانسان هو أن يقرّ بخطاياه امام الله ويلوم نفسه.
ولتكن بركة هذا القديس العظيم معنا آمين .
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت