الولادة: 292 م.
الوفاة: 348 م.
ولادته:
ولد الأنبا باخوميوس في مركز دشنا محافظة قنا في عام 292 ميلادي من أبوين وثنيين. وعلى الرغم من الجو الوثني الذي نشأ فيه كان قلبه يكره الوثنية. وكان باخوميوس منذ طفولته محباً للعفة والطهارة، واتصف منذ صباه بالهدوء والاتضاع ومحبة الحق والبعد عن الدنس والشرور. وقد حدثت بعض الحوادث التي تنبئ بما سيكون عليه من شأن عظيم. ففي إحدى المرات أخذه ابواه وذهبوا جميعاً لتقديم العبادة للأصنام وكانت هذه الأصنام تشبه مخلوقات نهرية، وحدث عند دخول الصبي باخوميوس أنها سقطت على الأرض فصرخ مقدّم الذبائح الوثنية قائلاً: أبعدوا عدو الآلهة من هنا حتى تكف الآلهة عن غضبها علينا.
عماده:
نال القدّيس سر المعمودية على يد الأنبا سرابيون أسقف دندرة سنة 314 ميلادية، ثم تقرّب من الأسرار المقدسة.
رهبنته:
إزداد شوق القديس لحياة الرهبنة فذهب الى الشيخ الناسك الأنبا بلامون الذي كان يحيا حياة العزلة فقبله بعد اختبارات عديدة وبعد صلاة طويلة قصّ شعره وألبسه اسكيم الرهبنة وظل متتلمذاً له لمدة سبع سنوات.
فى ذات يوم تمّ تجنيد باخوميوس ضمن جنود الملك. فحدث بينما كانوا مسافرين وهم بحال سيئة للغاية ان أتاهم قوم مسيحيون من اسنا بطعام وشراب فى المعسكر. فسأل باخوميوس كيف أمكن لهؤلاء الناس ان يتحننوا علينا وهم لا يعرفوننا قط ؟ فقيل له انهم مسيحيّون وإنهم يفعلون ذلك من أجل إله السماء. فلمّا سمع باخوميوس هذا الكلام، قرّر في نفسه أنّه لو أُتيحت له فرصة أن يصير مسيحياً ويخدم المحتاجين. وبتدبير الله غلب الملك أعداءه وأصدر أوامر بتسريح الجنود. فرجع باخوميوس وتعمّد، وبعد ثلاث سنين ترهّب عند قديس اسمه بلامون.
تأسيسه لنظام الشركة:
أسّس القدّيس باخوميوس أول دير له حوالي عام 318م، وكثر حوله عدد الأخوة فبنى لهم حوالي عشرة أديرة وأسّس أول دير رهبان. وعاش الأنبا باخوميوس وسط رهبانه في محبة وأبوة واتضاع كبير، وكان لا يميّز نفسه عنهم وقد بلغ عدد رهبان أديرته حوالي عشرة آلاف راهب.
جائه أخوه الأكبر يوحنا حيث ترهَّب عنده، وكان يعمل معه بكل طاقته في تأسيس هذا النظام، كما جائته أخته فقابلها وشجَّعها على الحياة الرهبانية، وأسّس لها ديراً في الاتجاه المقابل من النيل، ضمَّ حوالي 300 راهبة تحت قيادتها.
أهم ملامح نظامه الشركة الرهبنية وهو مؤسّسها. بدأ هذا النظام كحركة علمانية، لذا رفض في البداية القديس باخوميوس أن ينال درجة كهنوتية.
اتَّسم النظام الباخومي أنّه يناسب الكثيرين، فمن جهة الصوم كان يأكل الراهب مرتين كل يوم، ويمارس صلوات جماعية متكررة، كما يقوم بعملٍ يناسب مواهبه وقدراته مثل النجارة أو الفلاحة أو الطبخ أو الغزل أو البناء أو النسخ، ولكل جماعة رئيس يدير الأمور مادياً وروحياً، وكان العمل جزءاً أساسياً من الحياة الروحية.
إنفتحت الأديرة لغير المصريين مثل اليونان والرومان، فإنّ لكل جماعة منهم رئيس يدبِّر حياتهم في الرب.
تبقى شخصية القديس باخوميوس بارزة عبر العصور كشخصية قيادية عجيبة، جمعت الآلاف في الأديرة المتقاربة والبعيدة بالصعيد، يدبِّر أمورها بروح الحب مع الحزم، مهتماً في نفس الوقت بخلاص كل نفسٍ ونموِّها الروحي.
اجتمع اليه كثيرون وبنوا أديرة واتخذوا لهم عيشة مشتركة. وكان القديس يرسل لهم قانون العبادة وشغل اليد والتصريف اللائق ويديرهم فى الجلوس والقيام والسكوت والكلام ويتشدّد فى ذلك الى أبعد حد. ولقد كان لخدمته العسكرية أثر كبير فى حياته إذا تدرّب فيها على الطاعة والعمل اليدوي والحياة المشتركة، وقد تضمن تنظيم حياة الشركة وتدبيره للأباء الرهبان جميع هذه النواحي العملية.
بعض قوانين الرهبنه
اولاً : كان مفروضاً على طالب الرهبنة أن يعرف معنى الرهبنة وهي: الصوم بمقدار، والصلاة بمداومة، وعفة الجسد وطهارة القلب وسكوت اللسان وحفظ النظر والتعب بقدر الإمكان، والزهد في كل شىء.
ثانياً: النوم: كان القديس باخوميوس يديم الصلاه بنسك زائد وسهر، واذا اراد ان يرقد، لم يكن يرقد متمدداً، ولا على مصطبة بل كان يجلس مستنداً الى الحائط. وكان إذا مضى إلى موضع خارج الدير مع الأخوة واضطروا الى المبيت، يفرض عليهم ان يحفر كل واحد منهم لنفسه حفرة في الأرض مثل مراقدهم في الدير قائلاً لهم: الواجب على الإنسان الراهب أن يتعب نفسه في مرقده لكون روح الزنى تقفز على الرجل لتجرّبه بشدة لاسيما اذا رقد متمدداً براحة.
ثالثاً: العمل اليدوي: على الجميع الالتزام به راهب او رئيس رهبنة. وعليه فلقد كان أنبا باخوميوس يشاطر رهبانه أعمالهم اليدوية. يخرج معهم الى الحقول لمزاولة الزرع والحصاد ويحمل مؤونته بنفسه أسوة بهم. وقيل أنه مضى مع الأخوة وكان ذلك الأمر يحتاج الى أن يحمل كل واحد منهم كمية من الخبز، فقال له احد الشبان: حاشاك ان تحمل شيئا يا أبانا. هوذا انا قد حملت كفافي وكفاك. فأجابه القديس : هذا لا يكون أبداً. ان كان قد كتب من أجل الرب إنه يليق به ان يتشبّه بأخوته في كل شيىء، فكيف أميّز نفسي انا الحقير عن اخوتي حتى لا أحمل حملي مثلهم لأنه مكتوب: من يريد ان يكون كبيراً فيكم فليكن لكم عبداً.
رابعاً: العقاب: كان العقاب ضرورة لا بد منها فى حياة الشركة فكان يوبذخ للهفوات حتى البسيطة منها.
العناية البالغة التى كان يبديها ابو الشركة برهبانه إنه كان يجلس كل مساء معهم بعد صلاة الغروب ليستمع الى أسئلتهم ويجيب عنها.
نياحته:
فى سنة 348 م تفشّى فى مصر وباء الطاعون وبلغ أديرة الصحارى. فكان الأنبا باخوميوس في هذا الظرف يطوف بين المصابين بهذا الداء. وبينما كان ابو الشركة يحضّر شعائر القداس الإلهي ليلة عيد الصعود أحسّ بعوارض ذلك المرض الخبيث فى جسمه. وبعد انتهاء الخدمة دعا تلاميذه واخذ يوصيهم بالمحافظة على قوانين الشركة الروحية والعمل بها. وما ان فرغ من وصيته لهم حتى أسلم روحه الطاهرة.
من اقوال الانبا باخوميوس
حينما تزعجك الأفكار وتضايقك لا تستسلم لها بقلبك ولكن تشجّع وارفضها بكل قلبك.
يا بني تعال إلى الله واحبه واهرب من عدو الخير واتركه حتى تدرك نعمة الله.
أنا أرجوك من كل قلبي أن ترفض المجد الباطل لأنّ المجد الباطل هو سلام الشيطان.
يحتفل دير القديس الأنبا باخوميوس بجبل ادفو باسوان بتذكار نياحتة يوم 22 مايو من كل عام.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت