بمناسبة الذكرى المئوية للمذابح التي ارتكبتها الإمبراطوية العثمانية تجاه الشعب السرياني، والمسماة بـ”سيفو”، أقيم على مسرح جامعة الروح القدس، الكسليك، في لبنان، مؤتمر إبادة السريان “شهادة وايمان”، بدعوة من البطريركية السريانية الأرثوذكسية والكاثوليكية.
وشارك في المؤتمر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، بطريرك السريان الكاثوليك إغناطيوس الثالث يونان، بطريرك السريان الأرثوذكس إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، بطريرك الأقباط الكاثوليك إبراهيم اسحق، بطريرك الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان، والمطران كيرلس بسترس ممثلاً البطريرك غريغوريوس الثالث لحّام، والمطران ميشال قصارجي ممثلاً البطريرك لويس روفائيل الأول ساكو، ولفيف من الشخصيات الدينية والعامة.
[ads2]
وتخلل المؤتمر عرض لوثائقي ألقى الضوء على مجزرة سيفو التي ذهب ضحيتها نحو 500 ألف سرياني وكلداني وأشوري في العام 1915 قتلوا ونكل بهم وهجروا من أرضهم على يد السلطات العثمانية. وتخلل الوثائقي مداخلات للبطريرك يوسف الثالث يونان والبطريرك إغناطيوس أفرام الثاني أكدوا في خلالها على وجوب الإعتراف بهذه الإبادة لافتين إلى أن هذه المئوية ستكون إنطلاقة جديدة لمراجعة التاريخ من دون ان يكون هناك مكان للفشل لأن وجهة المسيحي هي السماء وليس المدن القائمة على الأرض.
وأكد البطريرك أفرام الثاني في كلمته أن ما حدث عام 1915 لم يكن مجرد اضطهاد إنما هو إبادة جماعية. وأضاف “نحن نؤمن أن المسامحة هي طريقنا إلى السلام، نغفر ولكن هذا لا يعني أن ننسى. ومن هنا نحن ندعو إخوتنا في تركيا إلى الإعتراف بهذه الجريمة النكراء لكي نقيم معهم علاقات محبة ومودة. ونطالب الدول التي نعيش فيها من لبنان إلى سوريا والعراق بالإعتراف بهذه الإبادة لأنه لو تنبه العالم لما كان يحدث من مجازر في بلادنا لما كنا نسمع اليوم بإبادات جديدة”.
بعدها وجه البطريرك اليازجي كلمة أعلن فيها “أن أبخس الأثمان في لعبة الأمم هي الدماء البريئة وحقوق الإنسان”. وأضاف “نحن هنا لنقول أن المسيحيين معجونين بتراب هذا المشرق، والأقمار الصناعية بإمكانها سبر أعماق المريخ ولكنها تطبق باصريها عندما يتعلق الأمر بمطراني حلب. نود التأكيد أن حماية المسيحيين تكون بإحلال السلام في ربوعهم وليس بإرسال الاسلحة أو الطائرات”.
أما المطران بسترس فقد ألقى كلمة البطريرك لحّام، وقال “سياسة الإقصاء والإستبعاد تهجّر المسيحيين اليوم من أرضهم في العراق وسوريا فطردوا من هذه الأرض التي عاشوا عليها منذ 2000 سنة. واللقاء اليوم هو للتنديد بما جرى في الماضي وما يجري اليوم”. وأضاف “قيل أن ما يجري اليوم هو صراع الحضارات ولكننا نقول إنه صراع بين الحضارة والبرابرة. الله لا يمكن أن يكون إله الحرب والقتل وإنما هو جوهر السلام، ومن يعيرون أنفسهم بالمؤمنين هم مشركون يستغلون الدين للسيطرة على الناس، وهم كفّار لا علاقة لهم لا بالدين ولا بالإيمان”.
من جهته ندد الكاثوليكوس كيشيشيان بما يحدث من مجازر ترتكب بحق الابرياء، مؤكداً أن ما تعرض له المسيحيون عام 1915 من مجازر ليس سوى إبادات بحق الأرمن والأشوريين والكلدان والسريان والجماعات المسيحية. وتابع “بعض الدول لم يعترف بهذه الإبادة لأسباب جيوسياسية ولكننا نقول أنها كانت إبادة منظمة وممنهجة. نحن أبناء هذا الشرق ونحن متجذرون فيه ولن نتركه مهما كانت التضحيات”.
واعتبر المطران قصارجي في الكلمة التي ألقاها باسم البطريرك ساكو أن قافلة الذين يبذلون دماؤهم في سبيل إيمانهم طويلة ومستمرة، مشيراً إلى أن الكنيسة الكلدانية قدمت 160 ألف شهيد على مذبح الصليببين، رجال دين وعلمانيين. وطالب المجتمع الدولي وأصحاب النفوذ السياسي والإجتماعي الإعتراف بهذه الإبادة، مشيداً بالموقف الذي أطلقه البابا فرنسيس والذي وصف فيه المجازر التي ارتكبت بحق الأرمن والكلدان والأشوريين والسريان بالإبادة”.
بدوره أكد البطريرك الراعي أن هذا الإحتفال ليس من أجل الحقد والثأر، وإنما هو دعوة للأسرة الدولية للإعتراف الرسمي بالإبادة. مؤكداً أن هذه الإبادة هي جريمة ضد الإنسانية، ووصمة عار في تاريخها، وعلى جبين القرن الحادي والعشرين حيث الاكتشافات العلمية والتقنية. وأضاف “إن شهداء مجازر الإبادة يندرجون في خطّ هؤلاء الشهود من المسيح إلى اليوم. فينبغي على الكنيسة، برعاتها وأبنائها وبناتها ومؤسساتها أن تواصل هذه الشهادة بشجاعة من أجل حياة العالم عامّة، وبلدان الشرق الأوسط خاصّة، التي ننتمي إليها”.
وفي الختام اعتبر البطريرك يونان أنه “لو كانت لدينا الشجاعة والرؤية للمستقبل لأن نطالب بنظام اذا لم يكن فدرالي، أقله لا مركزي، في لبنان، ونحن ندعو إخوتنا الذين هجروا من أرضهم في العراق وسوريا وأتوا إلى لبنان أن يبقوا في هذه الأرض المشرقية وألا يهاجروا عبر البحار”.
وفي الختام قدمت الدروع التذكارية الى اصحاب الغبطة بعد عرض وثائقي عن تهجير المسيحيين من الموصل وسهل نينوى في العراق.
أبونا والبطريركية المارونية