وُزع أول أمس الاثنين المنشور الثاني لتنظيم الدولة الإسلامية، داعش، في القدس. وكما في البيان، تضمن البيان الثاني تهديدا مباشرا لمسيحيي المدينة، مطالبا إياهم بالرحيل من المدينة. وقد لقي البيانان تنديدا شعبيا واسعا، لكن توزيعهما، وفي هذا التوقيت بالذات، يثير الكثير من التساؤلات.
تحاول أجهزة الأمن التابع للسلطة، والتي تنشط في المدينة بشكل غير رسمي، التحقق من هذه البيانات، ورغم انها من الناحية الرسمية تحاول إلصاق الأمر بالمخابرات الاسرائيلية على أنها تسعى إلى دق الأسافين بين مكونات المجتمع الفلسطيني، الا أنها تبذل جهدا لمعرفة ما إذا كانت أطراف محلية في المدينة تقف خلف الموضوع. وقد عُلم كذلك أن الأمر لم يمر مر الكرام لدى السلطات الأردنية التي بدأت عبر وسائلها الخاصة تفحص موضوع البيانات.
ويفترض البعض أن بيانات داعش ما هي إلا حركة من حركات المخابرات الإسرائيلية كما يقول مسؤول فلسطيني في المدينة. فقد تطرق الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى هذا الموضوع ملمحا إلى وقوف جهات إسرائيلية خلفه بالقول إنه وُزع في منطقة خاضعة للسيطرة الإسرائيلية.
أول بيان ينشر في القدس ويحمل توقيع الدولة الإسلامية
ويعتقد آخرون أن هذا البيان حتى وإن لم يكن لعبة مخابراتية إسرائيلية، فهو محاولة لبعض المعجبين بداعش إعلان ظهورهم الفكري في المدينة المقدسة، واختيار شهر رمضان وقدسيته لتأجيج مشاعر بعض الشباب الذي قد يلحق بالفكر الداعشي، وأن الأمر لا يشير بالضرورة إلى وجود خلية فعلية ومنظمة لداعش على أرض القدس.
وفي كلا الحالتين، يرى الفلسطينيون في القدس وفي غيرها من المناطق حقيقة بدء داعش والجماعات السلفية لعب دورٍ متنامٍ في حياة الفلسطينيين. من دون الدخول على خط الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني لكي لا يتم استفزاز المخابرات الإسرائيلية، فإن التيار السلفي الذي كان يقتصر في الماضي على قلة قليلة من الشباب، بدأ في الأشهر الأخيرة يستقطب الكثير من الشباب الذي لم يعد يرى بالحركات الإسلامية التقليدية – حركات كفيلة بتلبية طموحاته الفكرية.
ولا يمكن تجاهل وجود أنصار داعش ومؤيديها في المساجد، وفي الشوارع، وفي المقاهي، في القدس وغيرها. وهذا ما يُزعج الفلسطينيين – مسؤولون ، ومفكرون، وبطبيعة الحال مسيحيون. ويقول مسؤول فلسطيني في القدس إن البيان لا يستحق الكثير من الاهتمام رغم أنه تم تداوله بشكل واسع ،ومنقطع النظير بين أوساط الفلسطينيين في المدينة وخارجها. ولا يولي المسؤول اهتماما لكون بيان للدولة الإسلامية يهدد المسيحيين يُوزع للمرة الثانية خلال أيام في المدينة، “لكن ما هو مقلق أن شرائح واسعة ومتزايدة من قطاع الشباب بدأت تصغى لفكر داعش، الأولاد في الشوارع يلعبون لعبة ذبح الرؤوس، وإدانات داعش خجولة ومتواضعة جدا”، يقول المسؤول.
ويعتبر ناشط فلسطيني آخر أن “لا أحد يرى القدس بلا مسيحيها، لكن الأجواء في المنطقة العربية بشكل عام غير مريحة للمسيحيين، وأيضا الأجواء بين الفلسطينيين بدأت تتأثر بالجو العام، والذي فيه داعش أصبحت جزءا من حياتنا على جوانبها السلبية أو ما يعتبره البعض جوانبها الإيجابية – إذا كان من الممكن لمثل هذا التنظيم أن تكون جوانب إيجابية. تطور الفكر “الداعشي” إلى هذا الحد يتطلب تحرك فلسطيني رسمي للحفاظ على النسيج الاجتماعي في المدينة وفي مناطق السلطة بشكل عام”.
المصدر