في الشرق (وفي بلاد ما بين النهرين تحديدا) كان بدء الحضارات, ومنه بزغ نور المدنية ليغمر العالم القديم كله, وعلى أرضه وبين وديانه وسهوله المعطاءة تبلورت التعاليم الروحية والقوانين والنظم. والشرق هو الذي أخذ بيد العالم في خطواته الأولى نحو التقدم والتحضر والمدنية. إن استقصاء أسراره واستجلاء غوامضه والتنقيب عن أثاره المتناثرة على ضفتي نهر الفرات والخابور التي تضم تحت أنقاضها وأتربتها كل الأسرار والمفاجآت التي تبدل المفاهيم والمعلومات عن تاريخ الشرق القديم يحتاج إلى الكثير من الاهتمام وبذل المزيد من الجهد والعمل المستمر والدؤوب, ومشروع ري حوض الخابور الكبير الذي تم إنجازه في الثمانينات من القرن العشرين كان يهدف بشكل رئيسي إلى تطوير المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا, وذلك بارواء ما يقارب / 150 / ألف هكتار, من الأراضي الخصبة الممتدة من بلدة ( رأس العين ) إلى ما بعد بلدة الصور في محافظة دير الزور, من خلال استثمار كامل جريان النهر, بإعادة توزيع الجريان السنوي حسب جدول الري, بوساطة الخزانات ذات الطاقة التخزينية الكافية, والمؤلفة من ثلاثة سدود وهي: (سد الحسكة الشرقي – سد الحسكة الغربي – وسد الخابور). وقد جرى تقسيم المشروع إلى ثلاث مناطق رئيسية: المنطقة الأولى.. تمتد من ينابيع (رأس العين) حتى سد الحسكة الغربي, مساحتها / 42000 / هكتار, وتشمل المنطقة الثانية الأراضي المروية من سدي الحسكة الغربي والشرقي ومساحتها / 49450 / هكتارا, وتشمل المنطقة الثالثة الأراضي المروية من سد الخابور الذي يقع على بعد / 20 كم / جنوبي مدينة الحسكة, وتبلغ مساحتها / 46450 / هكتارا. هذه السدود الثلاثة ستشكل خلفها بحيرات بعددها تماما, ستشغل حيزا من الأرض, الله وحده الذي يعلم ماذا تحوي بين طياتها. بيد أن المؤكد أن هناك أجزاء منها تعتبر كنوزا ثمينة بحد ذاتها. فاثنان وثلاثون تلا أثريا قطعا ليست رقما عاديا, إذا ما أخذ بعين الاعتبار الحضارات التي من شأنها أن تظهر من تحتها, فيما لو شرع بالتنقيب فيها . منها سبعة عشر تلا على يمين النهر هي: (تل مقبرة الفليتي, تل الفليتي, تل المشنقة الغربي, تل المشنقة الشمالي, تل الدغيرات, تل دجاجة : دكاك, تل خنيدج, تل النهاب الجنوبي, تل النهاب, تل المصباح, تل بويض, تل الميلبية, تل ناجة : ناقة, تل زياد : زيدية تل غوين, تل جنيدي : جديدي, وتل قطار). وخمسة عشر تلا على يسار النهر هي: (تل التليلات, تل المشنقة, تل المطارية, تل الذهب, تل طابان, تل الصور, تل البديري, تل حسن, تل أم قصير, تل شيخ عثمان, تل تنينير, تل جابي, تل رجائي, تل كرما, تل رد شقرا).
حضارة وادي الخابور:
حضارة وادي الخابور الكبير, الذي يرجح أنه يقع ضمن مملكة (سوبارتو) الواسعة, التي كانت تمتد من (انزان) في (عيلام) حتى جبال طوروس, شاملة منطقتي الهلال الخصيب العليا والوسطى, والقوس الجبلي الواسع من (كرمنشاه) و(كروشتان) فسوريا وفلسطين. والسوبارتيون هم الشعوب التي عاشت في الألف الثالث وما بعده, حين اتسعت هذه المملكة وازدهرت وسادها الرخاء حتى الألف الثاني, إذ بدأت أقوام (النيزيت) الهند – اوربية, تتدفق من الشمال الغربي عبر آسيا, حيث نجحت في فرض سيطرتها على قسم كبير من (سوبارتو) الغربية وأسست (الدولة الحثية) التي استطاع أهلها الوصول إلى منطقة الرافدين الجنوبية فدخلوا بابل سنة /1870 ق.م/, إلا أنهم اضطروا إلى الارتداد فاجتازوا بذلك منطقة الجزيرة. وفي ظل (الميتانيين) تشكلت أول دولة كبيرة موحدة في سوبارتو, إلا أن هذه الدولة لم تستطيع الثبات أمام النزاع الآشوري – الحثي المصري فانهارت, وجاءت معركة (قادش) فأوقفت تقدم المصريين من جهة, وأضعفت الحثيين من جهة أخرى بشكل مهد لانهيارهم عندما ظهرت قوة (الآراميين) الذين أسسوا دولتهم في سهول الفرات, واتجهوا إلى الشمال, حيث استطاع (كابارا) أحد ملوكهم تأسيس دولة قوية على أنقاض دولة الميتانيين, واتخذ مدينة (غوزانا – تل حلف) عاصمة له. وما لبث حتى اشتبك هو وسلالته من بعده في صراع طويل مع الآشوريين انتهى بخضوع وادي الخابور نهائيا للدولة الآشورية . ثم دخلت المنطقة تحت سيطرة الإمبراطورية الفارسية, وجاء بعد ذلك الاسكندر فضمها إلى فتوحاته, إلى أن جاء الرومان واحتلوها, وصارت (رأس العين) تحتل مكانا مرموقا على الحدود البيزنطية, وجعلها الإمبراطور (تيودوز) في مصاف المدن, وحصنها تحصينا منيعا, ووضع فيها حامية قوية حملت اسم (تيودوز بوليس) نسبة له. وعلا شأنها, إذ أصبحت مركزا لتلاقي المدرستين اليعقوبية والنسطورية السوريتين, اللتين كان لكل منهما أسقف في رأس العين وفي القرن السابع الميلادي, خضعت الجزيرة للفتوحات الإسلامية دون مقاومة وأقام المسلمون فيها مدينة عربية بدلا من الرومانية حافظت على اسمها الآشوري القديم (رش عينا: رأس العين).
وقد أطلق العرب على المنطقة اسم الجزيرة وهو ما يسمى ببلاد (ما بين النهرين) أو (ميزو بوتاميا) أو (وادي الرافدين) تلال الخابور:
تفيد الكتب التاريخية, أن (ابن حوقل), قد رسم نهر الخابور, ووضع عليه المدن التالية: من الشمال إلى الجنوب: (رأس العين, عربان, سكر العباس, طلبان, الجحشية, تنينير, العبيدية..), وإلى الشرق من النهر نجد بلدة (ماكسين) وبحيرة المنخرق (الخاتونية). غير أن أكثر المدن والقرى التي نراها اليوم على النهر, تحمل أسماء جديدة لا تمت معظمها إلى الأسماء القديمة بصلة, وحتى التلال الأثرية الموجودة حاليا, معظم أسمائها لا تدل على المدن التي داخلها . فمن بين مدن الخابور التي ذكرها (ابن حوقل) لم تبقى سوى مدينة واحدة حية تحتفظ باسمها الأول هي مدينة (رأس العين), والشيء الملفت للنظر كثرة الخزف العربي على أسطح أغلب التلول. ولأن الأثاريون لا يملكون أية معلومات عن الاثنين والثلاثين تلا التي جاء ذكرها أنفا, من الناحية التاريخية والأثرية, ذلك أن التنقيب لم يأخذ طريقه إليها بعد, عمدوا فيما يلي, إلى تقديم لمحة عن بعض المناطق المنقب فيها والقريبة من التلال المذكورة, كشاهد على حضارة وادي الخابور العريقة, انطلاقا من القول الأثري الشهير: (الحضارات العظيمة لا تعيش إلا على الأنهار العظيمة).
تل حلف (غوزانا):
أقام الآراميون في القرن الثاني عشر قبل الميلاد مملكة (بيت بحياني) أو (بخياني) قرب منابع الخابور, وكانت عاصمة المملكة الصغيرة مدينة (غوزان – غوزانا) وتكتب أيضا (كوزانا – جوزانا) وقد بنيت على أنقاض قرية زراعية قديمة وهي عصر (تل حلف) التي نشأت قبل التاريخ في الألف الخامس قبل الميلاد أو بداية الألف الرابع قبل الميلاد . وفي عام 808 ق.م/ زحف الملك الآشوري اداد نيراري الثالث /912 – 891 ق.م/ متجها لفتح الساحل الفينيقي, فاستولى على هذه المملكة وأصبحت تخضع لسلطانه وأقام فيها حصنا ووضع فيها حامية, وصارت بعد ذلك أحد المراكز الآشورية, وقد اعتمد عليه الملوك الآشوريون في تقدمهم نحو الغرب. إن ضخامة العمارة التاريخية الحضارية التي وجدت في (غوزانا) في القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد, تدل على أصالة آرامية مع بعض التأثيرات المعمارية الآشورية. أما أندريه بارو فيذكر أن عمارتها ((فن محلي وإقليمي)), في حين يرى آخرون أن العمارة الآرامية في (غوزانا) تمثل ثلاثة اتجاهات: التقليدية أي الكنعانية.. والآشورية والآرامية, وإن أبرز الآثار المكتشفة : تمثل بوابات المدينة واجزاء من سورها وبعض القصور, وأهم ما في الآثار المكتشفة لهذا العصر, الهيكل الملكي الذي بناه (كابار ابن قاديانو) أكبر ملوك الآراميين, كما تم العثور على جدار له خمس ركائز مربعة الشكل, وما يقارب مائة لوحة صخرية مصورة, تدل على أن إنسانها كان قد تقدم بأساليب حياته التي تقوم على الزراعة, وصناعة الأواني الفخارية ذات الألوان اللامعة. كما عرف إنسان تل حلف صناعة الأدوات النحاسية المختلفة, ورسم على الفخار صورا للثور المقدس وتماثيل لسيدات ممتلئات, مما يدل على أول محاولة بشرية لربط عبادة الثور المقدس (بالأم الإله) وهي العبادة التي ظهرت وتطورت في الحضارة الكريتية, رغم أسبقية ظهورها في (تل حلف) بآلاف السنين على ظهورها في (كريت) إضافة إلى كونها تأكيدا على وجود حضارة متطورة في المنطقة تعتمد على الاستقرار الزراعي والارتباط بالبيئة المحلية. وظهرت من بين المكتشفات الأثرية أدوات صيد الوحوش وصور العربات التي يجرها حصانان ويركبها محاربان, وصور المعارك التي تدور بين المحاربين والحيوانات المفترسة . كما اشتهر سكان المنطقة بصناعة السكاكين بأحجامها المختلفة والفؤوس والصحون والقناديل الخزفية. تبلغ مساحة غوزانا, التي نقب عنها الألماني (فون أوبتهايم ) في بداية القرن العشرين (600X 360 م ) وكان في وسطها قلعة مستطيلة الشكل تضم قصرين الأول سمي بالقصر الغربي الذي يعود تاريخه إلى أوائل القرن التاسع فترة الحكم الآرامي, والثاني الشمالي الغربي وهو مقر الحاكم الآشوري بعد عام / 808 ق . م / ووجد في هذين القصرين ألواح من الحجر منقوش عليها صور من الواقع وصور أسطورية مثل زوج الإنسان – العقرب وزوج أبي الهول . وورد في الرقم التي سجلت تاريخ الدولة الأورارتية, أنها فرضت سيطرتها على شمال سورية, وكان ملكهم (مينو بن اشبوني) الذي حكم بين / 810– 785 ق . م / قد قاد حملة عبر خلالها الروافد العليا لنهر الفرات, واستولى على مناطق ملاطيا وبلاد غوزانا. وفي عام / 745 ق . م / وصل إلى العرش الآشوري ملك قوي هو تكلات بلاصر الثالث (745 – 727 ق . م ) وتوجه لمواجهة الأورارتيين بعد أن عزز جناحه الشرقي, وكان ذلك في العام الثالث من حكمه, حيث واجه جيش ( ساردوري الثاني ) ومعه جيش مجموعة الممالك الآرامية بقيادة (متع ال) من بيت أجوشي واستطاع القضاء عليهم وإعادة غوزانا إلى أحضان الدولة الآشورية.
رأس العين:
سماها الآشوريون (رش عينا) والعرب (رأس العين) و (عين الوردة) بسبب وقوعها على أكبر عيون ومنابع نهر الخابور: (عين الآس, عين الطرر, عين الريحانية, عين الهاشمية). تنازل الفرس عنها للرومان, ثم غزوها ثانية ودمروها سنة / 602 / وفي سنة / 640 / فتحها القائد العربي (عمر بن سعد) وفي سنة / 1129 / غزاها الصليبيون بقيادة ( جوسلان ) وتعرضت كغيرها من المدن للغزو المغولي إبان حكم تيمور لنغ الذي دمرها تدميرا شديدا. كانت (رأس العين) في العصر العباسي تابعة للموصل كما قال (المقدسي) الذي وصفها: (بنيانهم حجارة وجص ولهم بساتين ومزارع, ويقع فيها ثلاثمائة وستون عينا عذبة ) ووصفها ابن حوقل فقال: (مدينة ذات سور من حجارة كان يسكنها العرب وأصلهم من الموصل, وفيها من العيون ما ليس ببلد من بلدان الإسلام, وهي غير ثلاثماية عين جارية كلها صافية يبين ما تحت مياهها في قعورها..) وفي بداية القرن الثالث يصفها ياقوت بقوله: (وهي مدينة كبيرة مشهورة من مدن الجزيرة بين حران ونصيبين, وكان يركبون الزواريق إلى بساتين, وإلى قرقيسياء إن شاءوا, أما الآن فليس هناك سفينة إلا ويعرفها أهل (رأس العين). زارها بعد الغزو المغولي الجغرافي الفارسي (المستوفي) فقاس محيط سورها. بــ (5000) خطوة تقريبا, وقال: (القطن والحبوب والعنب تنمو فيها بكثرة).
عرابان ( عجاجة ):
في العام / 1983 / اكتشف في تل عجاجة لوحتان آشوريتان تمثلان ثورين مجنحين, يرجعان إلى العصر الآشوري, ويعتقد أن التل المذكور هو المدينة الآشورية (داشكاني), وفوقها توجد مدينة عربية إسلامية تسمى (عرابان) كما توجد لقى فخارية بيزنطية فوق التل. ويذكر المؤرخون أن (عرابان) كانت من أهم مد الخابور في العصر العباسي, ويقول (ابن حوقل): إنها (اشتهرت بزراعة القطن والمنسوجات التي تنقل إلى الشام, وسورها المنيع). ووصفها المقدسي بقوله: (تل رفيع حولها بساتين, والأسعار بها رخيصة, ولأهلها مزارع كثيرة) . واكتفى (ياقوت) بوصفها أنها (بليدة الخابور من أرض الجزيرة) . ماكسين ( مركدة ) : وضعها (المقدسي) في عداد مدن الخابور وسماها (ميكسين), ويذكر (ياقوت) أن: ( ماكسين بلدة بالخابور), ويرى العلماء أنها قرية (مركدة) الحالية, الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الخابور. وكانت مشهورة بكونها سوقا للقطن, ووجود معاصر الزيتون التي تدل على وجود زراعة الزيتون في أراضيها. دوركات ليمو.. أكبر مقاطعة آشورية على نهر الخابور: تل الشيخ حمد… هو أحد التلال الاصطناعية المنتشرة على امتداد نهر الخابور من منبعه إلى مصبه والبالغة أكثر من / 140 / مائة وأربعين تلا, هذا التل يحتوي بين ركامه على أكبر مقاطعة أو ولاية آشورية. ويقع على الضفة الشرقية لنهر الخابور الأسفل, وقد عثر عام / 1977 / في التل على ثلاثين لوحة مسمارية في إحدى سواقي الري, تؤكد إحداها أن التل هو نفسه المدينة الآشورية (دوركات ليمو) التي تتألف من قلعة ومنطقتين سكنيتين إحداهما في الشمال, والأخرى في الشرق, يحيط بهما سور يصل إلى حوالي أربعة كيلو مترات, كما يضم الموقع منطقتين سكنيتين خارج أسوار المدينة, ومن خلال اكتشاف (دوركات ليمو ) أصبح بالإمكان استنباط معلومات تاريخية مباشرة, تدل على أن الإمبراطورية الآشورية الوسطى امتدت حدودها حتى نهر الخابور الأسفل, وإن وظيفة (دوركات ليمو) الرئيسية, حماية الجبهة الجنوبية الغربية للإمبراطورية, أما في العهد الآشوري الحديث /1000 – 600 ق . م/, كانت المدينة موقعا عسكريا يتصل بالطريق الذي كان يمر به الملوك الآشوريين.
كيف اكتشفت المدينة؟
الصدفة كشفت أهمية هذا التل الأثري, ففي العام /1975/ كانت هناك بعثة ألمانية برئاسة البروفسور(فيكتور هارتموت كونه) الأستاذ في جامعة برلين الغربية والمختص بدراسات آثار الشرق القديم. كانت مهمة البعثة القيام بإجراء مسح كامل وإحصاء شامل للتلال الاصطناعية الواقعة على ضفتي نهر الخابور لوضع أطلس توبنجن للشرق الأوسط. وأثناء عمليات المسح لفت نظر البروفسور (كونه) هذا التل الضخم المطل مباشرة على نهر الخابور وأهمية موقعه ووجود كسر فخارية متناثرة على سطحه المرتفع, وتكون لدى رئيس البعثة حدسا أنه يوجد تحت أنقاضه مدينة (دوركات ليمو الآشورية), وعند هذا الحدس انتهى موسم المسح وعادت البعثة. في عام /1977/ واصلت أعمال المسح للتلال الأثرية وأخذ تل الشيخ حمد اهتماما خاصا من رئيس البعثة. أحد الأطفال يلعب مع أقرانه قرب النهر خلال فصل الصيف, ويرى ما يحدث أمامه عدد من الأجانب يهتمون بالتقاط كسر الفخار المتناثرة فوق سطح التل وعلى جوانبه.. في يوم من الأيام جاء إلى رئيس البعثة البروفسور (كونه) حاملا رقما مسماريا ظاناً أنها الكسر الفخارية التي تقوم البعثة بجمعها, ويدله إلى المكان الذي وجد فيه الرقم, ويلتقط أعضاء البعثة أكثر من ثلاثين رقما مسماريا دفعتها ساقية ري أحد المشاريع الزراعية والتي تمر على سطح التل. ثم كانت المفاجأة الثانية حين أكدت إحدى اللقى إن هذا التل هو موقع المدينة الآشورية المجهولة الموقع (دوركات ليمو) وهكذا تأكد حدس رئيس البعثة في عام /977 /, وعلى ضوء ذلك تم تشكيل أول بعثة أثرية في العام /1978/ لتبدأ موسمها الأول للتنقيب والبحث الأثري. دوركات ليمو في المصادر التاريخية: جاء ذكر المدينة في حوليات الملوك الآشوريين, فورد أيام الملك (آشور بل كالا) في القرن الحادي عشر قبل الميلاد. وذكرت أيام الملك (اداد نيراري الثاني) والملك (توكلتي نينورتا الثاني) وتعود النصوص التي عثر عليها إلى العهد الآشوري الأوسط وبالذات في أيام الملك (شلما نصر الأول /1208 ق . م/. معلومات عن تل الشيخ حمد:
يقع التل على الضفة الشرقية لنهر الخابور الأسفل وعلى بعد /550 كم/ شمال شرق دمشق العاصمة. ويبعد عن مدينة دير الزور حوالي /70/ كيلو متر باتجاه الحسكة ويقع بالقرب من قرية غربية التابعة لناحية الصور. يبلغ ارتفاع التل عشرين مترا, والموقع الأثري يقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول – المركز الأثري القديم وهو القلعة. أي التل نفسه. القسم الثاني – المدينة الأولى تقع شرق القلعة وهي مربعة الشكل ذات نموذج بنائي محدد, ربما يكون موقعا عسكريا. القسم الثالث – المدينة الثانية شمال القلعة وهي ذات مساحة كبيرة ومحاطة بسور أثري ظاهر للعيان يصل طوله إلى حوالي أربعة كيلو مترات. أما خارج السور فتوجد المقابر بالإضافة إلى منطقتين سكنيتين, وقد سلمت المدينة من فيضان الخابور في كل عام نتيجة لوقوعها فوق مرتفع طبيعي ساعد على استمرار السكن فيها منذ الألف الرابع قبل الميلاد . وقد أخذت المدينة أقصى مدى لها في العهد الآشوري بين /1300 – 600/ قبل الميلاد حيث بلغت مساحتها /110/ هكتارات. نتائج المواسم الأولى للتنقيب في
دوركات ليمو:
بينت الحفريات في موقع المدينة الثانية على أن تاريخها يعود للدولة الآشورية الوسطى أي القرن الثالث عشر قبل الميلاد, وما عثر من كتل معمارية ضخمة البناء تؤكد على أنها منطقة عسكرية وفي مركز المدينة (القلعة) عثر على غرفة الأرشيف, وفيها ستمائة لوحة مسمارية, وهي جزء من بناء ضخم ما زالت الحفريات مستمرة للكشف عن معالمه. وتتألف المكتشفات من نصوص اقتصادية وإدارية تزودنا بمعلومات عن تصدير واسترداد حبوب وحيوانات وأقمشة ومواد مختلفة, وتشير بعض النصوص على أن (دوركات ليمو) كانت مركزا سياسيا هاما وعاصمة لمقاطعة فيها حاكم محلي. وتذكر بعض النصوص الهامة عن وجود قوات عسكرية نقلت إلى المقاطعة مما يدل على وجود حامية عسكرية وان الحاكم كان يسكن في القصر. وقد أصبح من المؤكد أن المنشأة المعمارية الضخمة المكتشفة هي جزء من القصر بدليل أن المحتويات والوظائف تشبه ما تم العثور عليه في قصور الشرق الأدنى القديم. وتقدم لنا الأختام الأسطوانية المكتشفة أرضية هامة لتطوير تاريخ الفن والفكر في الشرق الأدنى القديم لما تحتويه من موضوعات دينية وأسطورية لها علاقة مع أصحاب الأختام, وتميزت أختام العصر الآشوري الأوسط /1400 – 1100/ قبل الميلاد بنوعيتها الجيدة ورشاقة الحركة في صورها, وقد تميز فن النحت على أختام تل الشيخ حمد بالمشاهد الجميلة تؤكد على مدى رقي الفن في مقاطعة دوركات ليمو الذي يضاهي الفن في العاصمة آشور.
الاهتمام بالآثار ضرورة إنسانية تاريخية وطنية:
وكانت آثار الجزيرة قد حظيت في أوقات سابقة باهتمام المعنيين, إذ تم إرسال عدة بعثات تنقيبية, تولت مهمة الكشف عن الآثار الموجودة في المنطقة.. ففي عام /1978/ وصلت بعثة من جامعة (ييل الأمريكية), ونقبت في (تل ليلان) بهدف إثبات أن الحضارة في منطقة الجزيرة قد بدأت قبل حضارة منطقة جنوبي العراق, وقد دلت المكتشفات أن تل ليلان كان عاصمة آشورية للملك (شمشي اداد) المعاصر لحمو رابي في حوالي /1750/ قبل الميلاد. كما قامت بعثة إيطالية برئاسة السيد (باولو بيكو يللا) بالتنقيب في منطقة (تل بري) إذ أثبتت النتائج الأولية أن التل هو نفسه المدينة الآشورية (قحاط أو كحت), وهناك طبقات أخرى في التل كالفارسية والساسانية والرومانية والإسلامية. وفي الثلاثينات من القرن العشرين قام البحاثة (مالوين) بالتنقيب في منطقة (تل براك), واكتشف قصر الملك (نارام سين) الأكادي ومعبد العيون, وفي أوائل الثمانينات من القرن العشرين قامت بعثة برئاسة البروفسور (دافيد وتسي) بإتمام المشوار الذي بدأه مالوين. ولا زالت هناك مئات التلال, إضافة إلى تلال الخابور.. تنتظر الإفراج عن خباياها. عاصمة آشورية..
تحت تل ليلان:
تزايدت الأهمية التاريخية لتل ليلان عندما عثرت البعثة الأمريكية التي نقبت في هذا الموقع على خمسين لوحة مكتوبة بالخط المسماري تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد. ولدى ترجمة هذه اللوحات تبين أنها تشير إلى زيارات بعض كبار القادة البابليين إلى هذه المنطقة في عصر قريب من عهد الإمبراطور البابلي (حمو رابي), ويرى خبراء البعثة التي نقبت في التل أن هذه المكتشفات تعزز افتراض البرفسور (هارفي وايت) بأن هذا التل هو بقايا عاصمة آشورية تدعى (شبات انليل). * (شبات انليل) عاصمة الملك الاشوري شمشي اداد: في عام /1978/ بدأت بعثة أثرية من جامعة (ييل) ببرنامج طويل الأمد الغرض منه دراسة تاريخ وشروط المعيشة وتطورات الحضارة في هذا الموقع. وفي عام /1980/ واصلت البعثة السورية الأمريكية المشتركة للتنقيب عن الآثار برئاسة البرفسور (هارفي وايت) موسمها التنقيبي الثاني في (تل ليلان), وكانت البعثة المشتركة المذكورة قد باشرت عملها في هذا الموقع خلال موسم العام /1979/ بهدف التحري والكشف الأثري عن المدينة الآشورية المعروفة تاريخيا باسم (شبات انليل) والتي كانت عاصمة الملك الآشوري (شمشي اداد) والمعلومات عن هذا التل تقول: أن مساحته /90/ هكتار محاط بسور ويقع على بعد /25/ كم جنوبي مدينة القامشلي وسط منطقة الخابور الزراعية الخصبة والمعروفة بزراعة الحبوب وغزارة الأمطار وجودة المحاصيل, المنطقة المسماة: (مثلث الخابور).. وعلى مصب وادي قطراني في نهر جارا, اكتشف هذا التل عام /1878/ من قبل عالم الآثار الآشوري (هرمز رسام) الذي بحث في جغرافية مثلث الخابور. وكانت مدينة شبات انليل – كما تدل الدراسات – بلدة صغيرة ثم تحولت في فترة ما قبل الملك الآشوري (سرجون الثاني) إلى مدينة كبيرة محصنة ذات سور ضخم فيها قصور تتسع لمئات الأشخاص ومعابد ذات أبهاء طويلة, ومنشآت كبيرة وورشات لصياغة الفضة, ويدل حجم المدينة الكبير على أنها كانت تضم قطعات عسكرية– حسب تقارير هارفي وايت – يتضح أنها كانت من المدن الكبرى في شمال بلاد ما بين النهرين. وقد حملت الرقم المسمارية والأختام الأسطوانية المكتشفة أسماء بعض الشخصيات من حكام المدن والعاملين مع الملك والمشرفين على الخدمات في هذه العاصمة الآشورية, وألقت الكثير من الأضواء على تاريخ ومؤسسات وثقافة الإنسان الآشوري الذي أسس الحضارات الأولى في الشمال السوري.
تل بري (كحت):
يرجع الفضل إلى العالم الجليل جورج دوسان في التعرف على الاسم القديم (لتل بري) الذي يقع على الضفة اليسرى لنهر الجغجغ رافد الخابور, ويبعد هذا التل حوالي مسافة /8 كم/ إلى الشمال من تل براك الواقعة في منتصف الطريق العام القديم والبالغ طوله (85 كم) بين الحسكة والقامشلي. فقد نشر جورج دوسان محتويات نقشين حجريين كانا جزءا من قصر الملك الآشوري (تيكولتي نينورتا الثاني) واحتويا النقشان المذكوران اسم المدينة التي تختفي في باطن تل بري, وهي مدينة (كحت). بناء على هذا الاكتشاف أصبح تاريخ هذا الموقع الأثري على علاقة بذكر مدينة كحت في النصوص المسمارية المكتشفة في مواقع أخرى. وتغطي تلك النصوص حقبة تبدأ بالعهد البابلي القديم (عهد محفوظات ماري) حتى عهد الملك الآشوري (سرجون الثاني), ولقد أبانت الدراسات الأخيرة لحوليات تيكولتي نينورتا الثاني أن مدينة كحت كانت المحطة الأخيرة قبل (نصيبين) القريبة من القامشلي, في مساره عبر الجزيرة الشمالية في / 885 / قبل الميلاد . كانت بعثة إيطالية باسم معهد الميسينية والايجية الأناضولية التابع لمؤسسة البحوث العلمية في روما, تقوم بالتنقيب المنهجي في هذا الموقع منذ /1980/, ويذكر أن تل بري يقع على الطريق الغربي الشرقي في شمال الجزيرة خلال العهد الروماني – البارثي وعلى خط الحدود بين نصيبين وقرقيسياء (البصيرة) عند مصب الخابور في الفرات.
تل محباقة.. (أورو) أو (أوريما):
تل محباقة.. أحد المواقع الأثرية الكثيرة الهامة في الجزيرة السورية, يقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات في منطقة الفرات الأوسط بين مدينة (ايمار – مسكنة) ومدينة (ازو– تل الحديدي) بالقرب من جبل عارودا. ويأخذ هذا الموقع أهميته الجغرافية من موقعه على ضفاف نهر الفرات الذي كان أهم عصب للمواصلات بين الشمال والجنوب, وتدل بقايا الميناء والرصيف التي ظهرت في الموقع أن تل محباقة لعب دورا هاما في حركة المواصلات التجارية على هذه الطرق المائية, وبناء على ذلك ارتبطت محباقة في شبكة المواصلات المتفرعة نحو الشرق ونحو الغرب, هذه الشبكة التي يطلق عليها اصطلاحا اسم (الممر الآشوري) الذي يربط مدن منطقة نهر دجلة مثل: آشور ونوزي, ومدن منابع الخابور مثل: شبات انليل وداشكاني. مع موانئ البحر المتوسط . ومكامن المواد الخام الواقعة إلى الغرب من نهر الفرات إضافة إلى هذا الموقع الهام, فإن محباقة تتوسط أراضي خصيبة وتدل الشواهد الكتابية واللقى الأثرية والمعالم المعمارية على أنها كانت مركزا حضاريا واقتصاديا هاما, وهذا ما جعل علماء الآثار يسعون للتنقيب فيه . وكانت السيدة (غيرترود بيل) في عام 1911 أول من ذكر تل محباقة, لكن معاول التنقيب لم تمتد إليه إلا في عام 1968, وذلك في أعقاب عمليات المسح الأثري الذي قامت به المديرية العامة للآثار والمتاحف في عام 1964 ضمن إطار إنقاذ الآثار التي ستغمرها مياه غمر الفرات . وقد بدأت مواسم التنقيب الأثري عمليا في تل محباقة عام 1970, ووصل عدد هذه المواسم إلى /11/ موسما, أجرتها البعثة الأثرية الألمانية الاتحادية برئاسة البروفيسور (ديتمار مخولة). لقد استطاعت البعثة خلال مواسم التنقيب السابقة التوصل إلى نتائج هامة يتحدث عنها الدكتور (ديتمار) قائلا: تعود السوية الأثرية العليا والأخيرة في (تل محباقة) إلى العصر البرونزي الوسيط, وهي تضم معظم معالم المدينة في ذلك العصر, ويبدو أن المدينة ظلت عامرة حتى العصر البرونزي الحديث, وكان يطوق المدينة سور ترابي, لكن يبدو أن المدينة تقلصت إلى قرية في عصر الحديد وفي أواخر الفترة الرومانية وأحدث الآثار المكتشفة كانت جزءا من مشغل خزف إسلامي.
البنية المعمارية:
أما البنية المعمارية للمدينة فقد تجلت في اكتشاف معبدين وبوابتين من بوابات سور المدينة, والأحياء السكنية, ومركز المدينة المسور, وشبكة الشوارع والأزقة. وما حوته بيوتها من عناصر معمارية, وأدوات عمل, وأدوات منزلية فخارية وحجرية ودمى وتعاويذ وأدوات زينة وحلي.. تعبر عن أزدهار المدينة في الألف الثاني قبل الميلاد.
الوثائق الأهم ؟!
لكن الوثائق الأهم, وهي الرقم المسمارية– ظلت لسنوات طويلة مستعصية المنال في تل محباقة, إلى أن جاءت مواسم عام 1984, وما بعدها لتزيح الستارة عن مكامن رقم مسمارية تتضمن أخبارا موثوقة عن المدينة وحياتها. لقد تبين للبعثة الأثرية مؤخرا, إن سكان المدينة آنذاك عمدوا إلى إخفاء وثائقهم وسنداتهم وعقود البيع والشراء والقروض وغيرها.. في مخابئ خاصة تحت أرضية البيت, أو في فجوات جدارية أو في مواضع أخرى, كي تبقى في مأمن بعيدا عن التلف أو العبث. عثرت البعثة الأثرية خلال أحد عشر موسما (منذ عام 1970– 1988) على واحد وثمانين رقيما مسماريا, منها واحد وخمسون رقيما خلال الفترة ما بين آب ومطلع تشرين الأول من موسم عام 1988, وقد عكف علماء الملفات المسمارية منذ اكتشاف الرقم الأولى على فك طلاسمها, ووجدوا في الرقم المكتشفة مادة غزيرة وثمينة تدعم تحليلاتهم لأن جل ما عانى منه هؤلاء العلماء في عملهم السابق, تمثل في قلة الرقم وندرة وجود نظائر لها, من أجل المقارنة في مواقع مجاورة في منطقة الفرات الأوسط.
(أورو) أو (أوريما):
تضمنت الرقم التي أنجزت قراءتها معلومات اقتصادية كالقروض والعقود والمقايضة وتداول وتملك العقارات وعمليات حصر ارث ووصايا وقوائم بأسماء شهود, واسم عمدة المدينة, ومجلس شيوخها, واسم المدينة القديم, الذي يعتقد بأنه (اورو) أو (أوريما) وهناك دلائل لذكر هذا الاسم في نصوص موقع (آلالاخ – تل عطشانة) والكرنك, تعزز هذا الاحتمال كما أن الرقم المسمارية المكتشفة في اوريما يعود تاريخها إلى نهاية العهد البابلي القديم, أي ما بين النصف الثاني من القرن السادس عشر قبل الميلاد, والنصف الأول من القرن الخامس عشر قبل الميلاد, وتظهر فيها تأثيرات قادمة من مملكة (يمحاض – حلب القديمة) و(الالاخ – تل عطشانة) مع اختلاف جوهري عن رقم مملكة (ماري – تل الحريري) وبذلك تسهم مكتشفات (تل محباقة – أوريما) الأثري في التعريف بتاريخ سوريا القديم, وتفتح سفرا جديدا في منطقة الفرات الأوسط, والتي كانت حتى فترة غير بعيدة يسودها الغموض.
أخيرا وليس آخرا:
كانت تلك أمثلة وأقوال وحكايا وشواهد على مدى عظمة حضارة وادي الخابور. هذه الحكايا هي الآن من الماضي البعيد. أما اليوم (والعالم في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة للميلاد) هناك غير من أربع وثلاثين قرية آشورية على ضفتي هذا النهر وهي.. القرى التي على كتفه الأيمن حسب جريانه: تل شميرام, تل طلعة, تل تينة, تل كوران, قبر شامية, تل بالوعة, تل خريطة, تل مخاضة, تل طال, تل هرمز. والقرى التي تقع على كتفه الأيسر حسب جريانه : تل طويل. أم وغفة. أم الكيف. تل كفجي. تل جمعة. تل أحمر. تل تمر. تل نصري. تل حفيان. تل مغاص. تل مصاص. تل جدايا. تل فيضة. تل دمشيش. تل نجمة. تل جزيرة. تل باز. تل رمان فوقاني. تل رمان تحتاني. تل شامة. تل ورديات. تل سكرة. تل بريج. تل عربوش. أم غركان. هذه القرى يسكنها أهلها وأصحابها الآشوريين الذين هم من أقدم الشعوب على هذه الأرض وأكثرهم صبرا وجلدا وتحملا لنوائب ومصائب وويلات الزمن.. لا زالوا باقون منذ عصور سحيقة يعيشون في وطنهم وفوق تراب أرضهم وأرض آباءهم وأجدادهم, يعملون ويفلحون الأرض ويبذرون فيها البذار الطيب, ويزرعون الشجر والثمر, ويبنون ويعلمون ويتعلمون, ويكافحون في سبيل العيش والحياة, ويناضلون من أجل الحق والعدل والحرية والسلام والأمان في الأرض والبلاد وفي الإنسانية جمعاء.
المراجع:
صحيفة تشرين – العدد الصادر في 25 / 6 / 1980
منشورات المديرية العامة للآثار والمتاحف – دمشق – 1983
صحيفة تشرين – العدد / 2849 / الصادر في 25 / 3 / 1984
جمال بلاط – تحقيق: صحيفة تشرين العدد الصادر في 12/12/ 1985
عن صفحة من مجلة الشرطة.
علي القيم – صحيفة تشرين العدد الصادر في 3 / 12 / 1988
فؤاد يوسف قزانجي (جريدة بهرا – الضياء العدد 246 , 2 أيار 2004) الناطقة باسم الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا) – العراق
كبرئيل شرو
قنشرين