المثلث الرحمات المتروبوليت إيليا كرم
8 / 3 / 1903 ــ 11 / 4 / 1969
قامت دار الطباعة والنشر التابعة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية في موسكو بإصدار كتاب باللغتين العربية والروسية عام 2005, وكان بعنوان \” المتروبوليت إيليا كرم والروسيا\” ,وبعد نيل إذن الأخ ميشيل ابن السيد وليم اسطفان صاحب مطبعة باب توما الدمشقية العريقة, قمت باستعارته منهم لمطالعته , قبل إعادة طباعته من قبل ابن شقيق المطران ـ الراحل ـ الأستاذ ناصيف ميخائيل كرم الذي يشكر جهده وتكرمه بالإنفاق والإشراف على إعادة طباعة وتوزيع الكتاب .
ونظراً لما حواه هذا الكتاب من معلومات جديدة ومهمة بالنسبة لي , فقد رأيت أنه من باب الواجب , إطلاع الإخوة المهتمين بملخص لفحواه , ولاسيما بأن هذه المعلومات قد تسمع وتطالع للمرة الأولى في مشرقنا العربي .
\” يضم هذا الكتاب بين ضفتيه مواد عن أحد الرموز البارزين للكنيسة الأنطاكية وأعني به متروبوليت جبل لبنان إيليا كرم , الذي سار على خطى أسلافه , صديقاً كبيراً لروسيا , للشعب الروسي المؤمن , محتفظاً بالوفاء لطابع القداسة الروسية , والذي زاد التصاقه بها هو محبته لوالدة الإله وأيقوناتها \” حسب صفحة الافتتاحية التي كتبها قدس الأب فلاديمير سيلوفييف مستشار البطريرك ألكسي الثاني لشؤون النشر والفن الكنسي .
السيرة الذاتية
سليم بن ناصيف بن جرجس كرم والدته مريم طانيوس مراد , هو من مواليد قصبة في بحمدون ـ لبنان .
تلقى علومه الابتدائية في مدرسة بحمدون ( باللغتين العربية والفرنسية ), وعام 1918 وبإلحاح خاص من والدته وعلى إثر شفائه من مرض التيفوس, قام بمقابلة المثلث الرحمات البطريرك غريغوريوس الرابع حداد الذي عين له مدرساً خاصاً باللاهوت بعدما وصلته أخبار ولعه الكبير بالكنيسة , ولاسيما وهو ابن العاشرة كان قد أشاد مزاراً للسيدة العذراء كان يمضي فيه يومياً ما لا يقل عن عشر ساعات .
في 25 / 12 / 1918 سامه البطريرك أناغنوسطي أي قاريء , وأدخله إلى مدرسة الآسية حيث مكث فيها عامين .
وفي عام 1921 دخل مدرسة البلمند فتلقى فيها الدروس الدينية , وبناءً على أمر البطريرك سيم إيبوذياكون ثم شماساً إنجيلياً عام 1923 , وفي الخامس من آب من العام ذاته عيّنه شماس الكاتدرائية المريمية في دمشق .
وفي 6 / 8 / 1926 رسمه مطران بيروت جراسيموس مسرة رئيس شمامسة أي أرشيدياكون على أبرشية بيروت , وسامه كذلك في عام 1930 أرشمندريتاً , وبهذه المناسبة أراد وجهاء بيروت تقديم صليب ذهبي مرصع مع سلسلته الذهبية له , إلا أنه رفض ذلك وتمنى تقديم ثمن الهدية وهو أربعمائة ليرة ذهبية إلى المؤسسات الخيرية .
في 20 / 12 / 1935 انتخبه المجمع الأنطاكي المقدس مطراناً على جبل لبنان .
وعلى رجاء القيامة والحياة الأبدية رقد سيادته في 11 / 4 / 1969 .
رؤيا المطران إيليا كرم
هناك الكثير مما أستطيع نقله عن الكتاب كمساعدة القرى الفقيرة وترميم وإشادة الكنائس ومساعدة الرهبانيات القائمة وإنشاء رهبانيات جديدة , وولعه وحبه وتقديره للأيقونات وخاصة أيقونات والدة الإله وبشكل أكثر خصوصية لأيقونة السيدة \” أوديـيـيـتريا\” أي \” القائدة \” أم النعم السريعة الإجابة , والمعروفة بسيدة بحمدون , ولا عجب في ذلك فقد تفتحت عيناه عليها , ومن الكتاب أنقل ماورد في الصفحات 47 ـ 48 ـ 49 :
\” في أثناء الحرب العالمية الثانية , وعلى أثر حصار هتلر للمدن الروسية , وجه بطريرك روسيا ألكسـي الأول نداءً إلى العالم بضرورة إنقاذ روسيا من براثن النازية , بلغ النداء لبنان , فتأثر به المتروبوليت , خصوصاً وأن علاقة مميزة كانت تربطه بروسيا ,من خلال اهتمامه بعائلات روسية من سلالة القيصر , كانت تقطن في بيروت ,وكان يشملها بعاطفته ويقدم لها المأوى والعمل , وقد ساعد على بناء عدة منازل لهذه العائلات على أرض في الحدث تابعة لأبرشيته .
بلغه النداء أوائل عام 1942 , فبكى واعتصر قلبه غماً , فلجأ إلى أمه السيدة العذراء في مغارة دير سيدة النورية في شمال لبنان , حيث اعتكف ثلاثة أيام , أمضاها في الصلاة والصوم والتضرع أمام السيدة العذراء لتجنب روسيا كأس الموت .
وفي اليوم الثالث , استجابت السيدة العذراء لتضرعاته , فظهرت أمامه وأودعته رسالة من شأنها تجنيب روسيا المخاطر المحدقة في حال الأخذ بها .
مفاد الرسالة أن على النظام الروسي الشيوعي , وكان يحكمه ستالين آنذاك , أن يعيد جزءاً من الكنائس إلى البطريركية الروسية , ويفتح أبوابها أمام المصلين , وأن يحرر الإكليروس السجناء , وأن يسمح للإكليروس الذين يحاربون مع الجنود بممارسة الشعائر الدينية.
على الفور استعان المتروبوليت بإحدى السيدات الروسيات , طالباً إليها ترجمة الرسالة إلى الروسية , ثم أرسلها إلى سـتالين , وإلى القائمين على البطريركية الروسية آنذاك بواسطة الصليب الأحمر , وقد شاع أن ستالين تأثر كثيراً بالرسالة لدى استلامها , فأبلغها إلى السلطات العسكرية والكنسية , طالباً من الجنرال شباشنكوف ( وكان رجلاً مؤمناً ) تطبيقها بحذافيرها , ولاسيما ضرورة الطواف بأيقونة \” سيدة قازان \” على كل الجبهات من أجل تبريكها , وبفضل هذه الرسالة السماوية اندحر الألمان على أبواب المدن الروسية ولم يستطيعوا اختراق جبهاتها , وعندها ذاع صيت المطران إيليا كرم في أرجاء البلاد وسمي على إثر ذلك \” منقذ روسيا \” .
وفي عام 1947 زار المتروبوليت كرم روسيا بدعوة من ستالين ومن البطريرك أليكسي الأول , حيث استقبل استقبال الملوك , وفي عام 1958 منح أعلى وسام من الكنيسة الروسية مع البطريرك أليكسي الأول ومع الإمبراطور هيلاسيلاسى الأول وهو وسام القديس فلاديمير من الدرجة الأولى . \”
وحول رسالة السيدة العذراء فإنني أنقل كذلك ما أفادت به إحدى الأخوات الأوكرانيات الأرثوذكسيات في موقع القديس سيرافيم ساروفسكي وفي منتدى الحوار المسيحي والاجتماعي ـ ويعود لها الفضل بدفعي للبحث والسؤال ـ إذ ذكرت تحت عنوان \” الانتصار على الفاشية والمطران إيليا كرم \” ما يلي :
\” يحتفل العالم هذه السنة في 9 أيار بالذكرى الخامسة والستين للانتصار الكبير على الفاشية في الحرب العالمية الثانية وهو أكبر الأعياد الوطنية لدول الاتحاد السوفييتي السابق وأغلاها على قلوب معظم الناس وخاصة الجيل الأكبر منهم. بهذه المناسبة يجدر بنا أن نتذكر دور مطران جبل لبنان إيليا كرم (1903-1969) في انتصار الاتحاد السوفييتي على قوات هتلر كابوس القرن العشرين .
مفاد القصة باختصار كما هي واردة في بعض المراجع هي أنه في بداية الحرب العالمية العظمى (1941) وجّه البطريرك الأنطاكي النداء إلى جميع المسيحيين في العالم لمساعدة روسيا. وفي ذلك الوقت شاءت الإرادة الإلهية أن يصبح المطران إيليا كرم مصلّيا خاصّاً لأجل انتصار روسيا. فنزل إلى سرداب حجري تحت الأرض (حاليا دير سيدة النورية) حيث لم يتسرب أي صوت ولم يكن فيه شيء سوى إيقونة العذراء فأغلق على نفسه وهو لا يأكل ولا يشرب ولا ينام وقضى ثلاثة أيام في الصلاة لوالدة الإله متضرعا إليها أن تكشف له ما الذي يمكن عمله لمساعدة روسيا. فبعد ثلاثة أيام ظهرت له والدة الإله في عامود من النار لتقول له إنه اختير لإخبار روسيا بقرار الله، وفي حالة عدم تنفيذها هذا القرار يكون مصيرها الهلاك. وكان لا بد لإنقاذ روسيا أن تقوم الحكومة بالآتي: 1 .أن تفتح الكنائس والأديرة والمدارس الإكليريكية في كل البلاد؛ 2. أن تفرج عن كهنة محبوسين في السجون والمعتقلات ليرجعوا إلى الخدمة؛ 3. أن يتم الطواف بإيقونة عذراء قازان العجائبية حول مدينة لينينغراد؛ 4. أن تقام خدمة صلاة أمام إيقونة العذراء في موسكو ويتم نقلها إلى ستالينغراد؛ 5. أن ترافق إيقونة العذراء القوات السوفييتية لغاية الحدود. وبعد انتهاء الحرب كان لا بد للمطران إيليا أن يزور روسيا ويخبر الجميع بالحقيقة.
بعد ذلك ا%