ضيفنا محب، وديع ومتواضع القلب. هو من أهل البيت بل رب البيت ورأسه، لكننا نعامله كضيف. يزورنا في مناسبات محددة خلال العام. اليوم نحاوره على لسان كل إنسان، لنسأله عن سر الفرح الذي يتمتع به وعن قدرته الفائقة على الصبر وطول الأناة. سنعرف منه كيف يستطيع أن يسامح ّإلى ما لا نهاية ؟ و كيف يقدر أن يحب حتى الموت؟ أيضاً سنعرف منه قصة الله مع شعبه وكيف تواضع ونزل إلى عالمنا المظلم لينير عتمته ويمنحنا حياة أبدية. وعندنا الفرصة لنعاين عن قرب قدرته على التحرير والتجديد ومنح الخلاص المجاني لكل المؤمنين باسمه والذين يسعون إلى معرفته والعيش بحسب مشيئته. رحبّوا معنا بابن الله الحي القدوس مخلصنا يسوع المسيح.
لماذا خلقت الكون يا رب؟
يسوع: الله محبة، وأريد للإنسان أن يشاركني الخلق وأن ينمو ويكثر ويملأ الأرض.
هل كنت تتوقع ردة فعل الإنسان على عطيتك الصالحة له؟
يسوع: نعم. لكن الفارق كبير بين معرفتي بالمستقبل قبل حدوثه، وبين تدخلي بكيفية استخدام الإنسان للحرية الممنوحة له. لقد خلقت الإنسان لينمو ويثمر ويشاركني الخلق ويبق معي. وهو اختار بإرادته التي أحترمها ولا أتدخل فيها إلا بحسب طلبه. هو اختار أن يأكل من ثمرة الخطيئة فسقط وفقد حياته الأولى.
ما الذي تطلبه من الإنسان بعد سقوطه ؟
يسوع : لطالما أهمس لروحه: يا بني أعطني قلبك. أريده أن يعرف الإله الحقيقي يسوع المسيح الذي جاء لخلاصه. ولأني أحبه أوصيته أن يحبّ الرب إلهه من كل قلبه ونفسه وقدرته.
وفي علاقته مع أخيه الإنسان؟
يسوع: دائماً أحبب قريبك كنفسك. هذه وصيتي العظمى. ومن يقول أنه يحبّ الله الذي لا يراه ولا يحبّ أخاه الإنسان يكون كاذباً وليس الحق فيه.
ما هي سمات المحبة الحقيقية التي يجب أن نتمتع بها؟
يسوع: المحبة تحتمل وتصدق كل شيء. المحبة لا تطلب ما لنفسها. لا تحتد. لا تظن السوء. لأنه هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية.
كيف فكّرت بالتجسّد. هذا الحل العظيم لخطيئة الإنسان؟
يسوع: وقد رأيت أن الشر في العالم قد ازداد وأنه ليس من يعمل صلاحاً ولا واحد. ولأن الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله فقد كان الحل الوحيد أن أتجسّد من عذراء تلد ابناً بوساطة الروح القدس وتدعو اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا. وها أنا معكم كل الأيام حتى انقضاء الدهر.
يا يسوع الحياة آلامها وصعوباتها كثيرة تفوق احتمالنا…
يسوع: طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة. والله أمين الذي لا يدعكم تُجرَّبون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة أيضاً المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا. في العالم سيكون لكم ضيق لكن ثقوا إني قد غلبت العالم لذلك أكرّر دعوتي إليكم: تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم.
وهل يوجد راحة في هذا العالم؟
يسوع: قلت لآدم الأول: ملعونة الأرض بسببك. بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك. لكن راحتكم تتحقق فيً، من خلال سلامي الذي أعطيكم إياه.
هل تعطي سلامك للخاطئين والمرضى أمثالنا؟
يسوع: لم آتِ لأدعو أصحاء بل مرضى. ولا أبرار بل خطاة للتوبة. سلامي أعطيكم سلامي أترك لكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا.
لكن وصاياك وتعاليمك صعبة التحقيق، فأولادك يتعذّبون ويتألّمون ويستشهدون..
يسوع: إنّ نيري هيّن وحملي خفيف، وقوتي في ضعفكم تُكمل متى سلمتموني حياتكم فأحمل معكم وعنكم. لكن ينبغي أن تتألموا معي لكي تتمجدوا معي أيضاً. أحبوا أعداءكم. وأنا أريد أنّ الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون. وثقوا أن من آمن بي وإن مات فسيحيا.
لكن الظلم لا يحتمل يا سيد.
يسوع: لي النقمة أنا أجازي. وبهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي إن كان لكم حبٌ بعضكم لبعض. ولا تنسوا أني أحفظكم في حدقة عيني. وأمسح كلّ دمعة من عيونكم. فلا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سُرّ أن يعطيكم الملكوت.
هل تقبلني تلميذاً لك يا معلم؟
يسوع: نعم. لكن أنكر نفسك واحمل صليبك. واذهب وبِع كل مالك وتعال اتبعني. فابن الإنسان ومن يتتلمذ له ليس له مكان يسند إليه رأسه.
وماذا أفعل بوالديّ وعائلتي؟
يسوع: أكرم أباك وأمك. واهتم بعائلتك لأنه إن كان أحد لا يعتني بأهل بيته فقد أنكر الإيمان. كما أوصيكم أن تدبروا أولادكم وبيوتكم حسناً.
ما رأيك اليوم بواقع الكنيسة التي أسستها على صخرة الإيمان قبل صعودك إلى السماء؟
يسوع: أنا هو الراعي الصالح. أعرف خرافي وهي تعرفني. وتسمع صوتي. وقد طلبت من الآب ألا يخرج الذين هم لي من العالم بل أن يحفظهم من الشرير الذي يجول كأسد زائر ملتمساً من يبتلعه. ومهما اشتدت الصعوبات والعوائق تذكّروا كيف طردتُ الباعة والصيارفة من الهيكل. وثقوا أن أبواب الجحيم لن تقوى عليها. أنا الرأس وأنتم جسد الكنيسة. وأجسادكم يجب أن تظل هياكل للروح القدس.
هل تلاحظ صلواتنا وأصوامنا وتقدماتنا؟
يسوع: أكرّر ما أعلنته لكم: لا تكرّروا الكلام باطلاً في صلواتكم. وإن صليتم فادخلوا إلى مخدعكم وأغلقوا بابكم. وإن صمتم فلا تكونوا عابسين ومتذمرين. وإن أعطيتم لا تجعلوا يمينكم تعرف ما تفعله شمالكم وأبوكم السماوي يرى في الخفاء وسيجازيكم علانية.
كيف نتغلب على غضبنا واختلافاتنا وخاصة في خدمة الكنيسة؟
يسوع: لا تدعوا الشمس تغرب على غيظكم. ومن يقول لأخيه يا أحمق يستوجب نار جهنم. وإنْ أخطأ إليك أخوك سامحه. وإن جئت لتقدّم قربانك وتذكّرت أن لأخيك شيئاً عليك، اذهب أولاً واصطلح مع أخيك ثم تعال وقدّم قربانك.
اليوم عيد ميلادك. ما رأيك بطريقة احتفالاتنا بالعيد؟
يسوع: منذ البدء أمرت بالأعياد للبشر لكي تكون فرصة حقيقية للتوبة والعودة إلى حضن الآب. وأردتُ بها تذكير الإنسان بخالقه وبأخيه الإنسان فتكون مناسبة للشراكة في المحبة. أوصيكم أن تلقوا الشبكة إلى العمق أكثر في أعيادكم لتكون تتويجاً لحياة الفرح والإيمان التي تحيونها طوال العام.
ما رأيك بشخصية بابا نويل؟
يسوع: هو صديقي الأسقف المؤمن نيقولاوس الذي يهتم بالفقراء سراً. هو قدوة لكل من يشعر بالآخر ويسدّد احتياجه بمحبة حقيقية. أريد منكم اليوم أن تنتبهوا لطريقة تعاطيكم مع شخصية بابا نويل التي ابتعدت عن جوهرها الحقيقي. وتأكّدوا أني أفرح لكل ما يُدخل السرور لقلوب أحبائي الأطفال.
وصايا تتركها لنا يا رب.
يسوع: تركت لكم كلمتي التي تذكّركم أنكم أنتم نور العالم وملح الأرض. صلوا ولا تملوا. افرحوا في الرب كل حين. توبوا وآمنوا فقد اقترب ملكوت السموات. عاملوا الناس كما تحبّون أن يعاملوكم.
تأخر قدومك الثاني. متى تأتي يا سيد؟
يسوع: اصحوا واسهروا وكونوا كالعبد الأمين الذي ينتظر سيده. وتشبهوا بالعذارى الحكيمات وتمثلوا باستعدادهن. تسلّحوا بالإيمان وألبسوا خوذة الخلاص. ولا تقولوا في أنفسكم السيد يُبطئُ قدومَه فتستغلّون رحمته وطول أناته بل توبوا وآمنوا فقد اقترب ملكوت السموات.
آمين تعال أيها الرب يسوع.
بقلم: كابي يوسف ـ كندا