إن اللغة عامة أعظمُ عملية حضارية على الإطلاق ومتكلم لغة ما، هو في واقع الأمر، مفكر فيها. كل لغة بشرية عادية عبارة عن نظام صوتي معين وهي أداة متعددة الأغراض والمهامّ، من أهمها التعبير عن الفكر والوجدان والتواصل مع الآخر بغية التأثير عليه والتأثر به، إنها هوية الناطقين بها ولبّ كيانهم. أضيفت الصفة \”عادية\” لأن هناك لغات بشرية معينة بدون أصوات، مثل لغات الإشارة عند الصم والبكم. وهناك أيضا شرائح بشرية معينة تستعمل الإشارة فيما بينها منها بعض الهنود الحمر في أمريكا الشمالية، هم السكان الأصليون لهذه القارة وقد طوّروا لغة إشارات فيما بينهم لتعذر التفاهم بلغاتهم الأصلية. ومن المعروف أيضا أن الرهبان والنسّاك كثيرا ما يلجأون إلى التفاهم بواسطة الإشارة. ومن الطريف حقا التنويه بالأرامل الأستراليات من السكان الأصليين اللاتي يمنعن من التحدث لمدة عام ابتداء من وفاة أزواجهن وذلك بحكم التقاليد.
وتغيّر الأصوات اللغوية ظاهرة كونية لا سيما في عصر العولمة هذا حيث التلاقح في شتّى المجالات جار دون أية حدود. ومن الممكن التعرف على طبيعة الصوت اللغوي عن طريق الإجابة السليمة على أربعة أسئلة أساسية: حالة الشفتين (لا الأوتار الصوتية) الصوتيتين عند النطق؛ هل يجري الهواء المنطلق من الرئتين إلى الفم فقط أو أنه يمر عبر الأنف أيضا؛ هل الهواء يعبر بحرية عبر الفم أم أن هناك عائقا في نقطة معينة وما طبيعة العائق؛ ما هي المخارج الدقيقة في الفم. تدفق الهواء من الرئتين وخروجه دون أي عائق من الفم أو الأنف أو كليهما يعني التلفظ بصائت (حركة, vowel) وأي انحباس خلال هذا المجرى يعني النطق بصائت (حرف صحيح, consonant). واللغة، أية لغة، هي في الأساس التكلم بها لا كتابتها ولا زالت أغلبية لغات العالم غير مكتوبة حتى يوم الناس هذا.
يعود تاريخ أقدم النصوص المكتوبة إلى أقلَّ من ستة آلاف عام في حين أن الكلام المحكي يرجع إلى مائة ألف سنة على الأقل، وهناك من يقول قبل مليون من السنين، \”الإنسان المنتصب\” (Homo erectus). ويتكوّن جهاز النطق من الأعضاء التالية: الرئتان. شعبتا القصبة الهوائية (bronchial tubes)، شفتان صوتيتان (vocal cords) كوترين، الحلق ولا سيما الحَنجرة (larynx) أو تفاحة آدم، الأنف، اللهاة (uvula)، الحنكان (palate)، الأعلى والأسفل، الفم، الأسنان والشفتان. وهاتان الشفتان قادرتان على القيام بثلاث أنماط من الحركة على الأقل وهما مسؤولتان عمّا يسمّى في علم الأصوات بـ \”مجهور\” (voiced)، تذبذب الشفتين و\”مهموس\” (voiceless)، بدون ذبذبة وعن الهمز (glottal stop) الموجود في العديد من اللغات كالعربية والدانماركية وبعض اللهجات الصينية وجميع اللغات الهندية الأمريكية تقريبا. ومن الوسائل السهلة والقديمة للتعرف على جهر الصوت وضع أنملة إصبع السبابة مثلاً على تفاحة آدم عند التلفظ (أو المشافهة بتعبير سيبويه) بصوت ما وفي حالة الإحساس بذبذبة يكون الصوت مجهورا وإلا فهو مهموس. ويمتاز هذا الجهاز الآدمي (مجرى الهواء من الرئتين وحتى خروجه من الفم أو الأنف، في بعض الحالات يكون مجرى الهواء عكسيا) بِسمات فريدة إذا ما قورن ذلك بما لدى الحيوانات مثل القرد والحصان والفأر. من هذه السمات كبر حجم الجهاز وشكله المستطيل وهذا بالتالي يمكّن الإنسان من التلفظ بعدد كبير من الأصوات، صامتة وصائتة على حدّ سواء. ويلاحظ اليوم أن الطفل يبدأ بإصدار مقاطع صوتية مكونّة من صامت فصائت مثل: ما، با، دا، نا. ويشار إلى أنه في بعض اللغات الإفريقية أصوات ناتجة عن حركات عضلات اللسان والشفتين والوجنتين. وفي المقابل يلاحظ أن البَعام (الشيمبانزي، من أذكى القرود) يستطيع بالكاد التلفظ بحركة واحدة (صوت صائت) وصامتين. ويتطلب استخدام اللغة بالإضافة إلى جهاز النطق هذا قدرة فائقة للقيام بعملية فكرية سريعة، المخ البشري. ويرى بعض المفكرين تسمية المخلوق الآدمي \”الانسان الناطق\” (Homo loquens) بدلا من العبارة الشائعة \”الإنسان العاقل / الحكيم (Homo sapiens).
لا ريب في أن أهم الأصوات في عالمنا البشري الراهن هي الخاصة باللغات، في حين أن الوضع كان مختلفا في الماضي السحيق، حيث احتلت أصوات الحيوانات الضارية المفترسة من جهة وأصوات فريستها وكذلك الصادرة عن عملية الجماع والبكاء، المكانة الأولى من حيث الأهمية. اللغة هي التي تجعلنا بشرا وهذه اللغة الآدمية فريدة في نوعها. من الممكن اعتبار مثل هذه الصيحات والتصويت ولغة الإشارات الجسدية أقدم وسيلة للتفاهم بين بني البشر. لا أحد، في الواقع، يعلم كيف تحولت مثلا الصيحات التحذيرية لاقتراب العدو أو طلب الغذاء والجنس إلى لغة بشرية. كما أننا لا نعرف شيئا ذا بال حول أصول لغة البشر، مثلنا اليوم مثل داروين نفسه الذي لم يعرف شيئا عن أصل الحياة. وهذه الصيحات الحيوانية كصرخات القردة أيضا التي تنمّ عن الغضب والفزع والرضا تفتقر لمبنى معين وهي في الأساس محدودة جدا وذات مدلولات عامة جدا. يقال إن العصفور يطلق قرابة ثلاثين صوتا مختلفا في حين أن عدد الأصوات في اللغة الإنسانية غير متناهٍ. وهناك نظريات مختلفة حول أصل اللغة قلما يتتطرق إليها اليوم بجدية أي عمل لغوي عام إليها لافتقارها إلى أدلة علمية قابلة للإثبات، منها: نظريات BowVow, Pooh-Pooh, Ding-Dong, Yo-He-Ho ولغة الإشارة.
وللسائل أن يتساءل لماذا يتكلم البشر لغات مختلفة؟ من الأساطير العديدة التي تتطرقت إلى هذا السؤال أسطورة العهد القديم التي تحدثت عن عدم رضا الخالق عن محاولة بني آدم تشييد برج بابل يصل رأسه إلى السماء، فبلبل ألسنتهم ليحول ذلك دون التفاهم بينهم. وثمة حكاية أخرى تذكر أن شِڤا، ملك الهندوس، رقص ففرّق الناس إلى جماعات صغيرة.
يذهب معظم اللغويين إلى أن اللغات كانت قد تفرقت كما حدث بالنسبة لمجموعات بشرية انتقلت إلى بقاع شتّى. من الصعب جدا الإجابة على التساؤل: من هم الناس الأوائل الذين استعملوا اللغة البشرية؟ أكان هناك منذ البداية أصل واحد للغة البشرية أم أن الناس بدأوا بالكلام في أنحاء مختلفة من الكرة الأرضية في نفس الحقبة الزمنية؟ من المحتمل القريب القول إن الكلام الآدمي كان قد انبثق في مكان واحد ثم اتّسع وانتشر مثله مثل أي تطور ثقافي آخر. يتكلم البشر بلغات مختلفة لأنها تتغير أحيانا وبسرعة. تصور لغة الجد بالمقارنة إلى لغة الحفيد مثلا للوقوف على مدى تغير الكلام وهناك ولادة مستمرة لكلمات جديدة مثل الراديو والتلفزيون والتلفون والإنترنت والحاسوب والخلوي إلخ فاللغة مرآة لما يحدث في المجتمع من تطور وتغير، كلمات تندثر، أخرى تولد. اللغات تأتي وتروح، فالشعب الإنجليزي قبل ألف وخمسمائة سنة لم يتكلم الإنجليزية التي نعرفها اليوم، بل استعمل لغة كِلتية ثم جاء الانجلوساكسون وقبائل أخرى بلهجاتهم الجرمانية ومنها تدريجيا انبثقت الإنجليزية.
هناك سبعة آلاف لغة تقريبا في العالم اليوم ويقدّر عدد الحركات بمائتين، أمّا عدد الحروف الصامتة فيصل إلى أكثرَ من ٦٠٠. لا شك أن هناك مشكلة عويصة في معرفة شبه دقيقة لعدد الأصوات في لغات العالم لا سيما الصائتة منها (الحركات). هناك في الواقع الكثير من اللغات التي لا نعرف عنها شيئاً تقريبا، في البرازيل، على سبيل المثال، لغة باسم Oro win يتكلمها أربعة أشخاص فقط. يتراوح معدل عدد الحركات في لغات العالم بين ثلاث إلى أربع وعشرين يمكن وصفها بمعايير ثلاثة صوتية: العلو والخلفية والاستدارة. ومما يجدر ذكره أن العلاقة بين الحرف والصوت غدت غامضة بمرور الوقت وهناك لغات كالعربية والسواحيلية والفنلندية يمكن اعتبارها أكثر فونيطيقية من غيرها من اللغات، بمعنى تطابق شبه كامل بين النطق والكتابة. في غضون قرن من الزمان سيندثر نصف لغات العالم. في الوقت الحاضر ٤٨٪ من سكان العالم يتكلمون واحدة من اللغات العشر الرئيسية وهي: الصينية (المندرين) الأدبية، الإنجليزية، الإسبانية، البنغالية، الهندوسية، البرتغالية، الروسية، العربية، اليابانية، الألمانية. يصل عدد الناطقين بإحدى اللغات الثلاث الأولى زهاء ربع بليون انسان في حين أن عدد الناطقين بمعظم لغات العالم قلائل. ويقدر عدد ناطقي بقية لغات العالم، ٥٢٪ بأقلَ من عشرة آلاف شخص، ٢٨٪ من اللغات في العالم يتكلمها أقل من ألف شخص. ومما يجدر ذكره أن قبائل صغيرة في غابات جنوب أمريكا وفي المناطق الإستوائية الإفريقية وفي پاپوا غينيا الجديدة (Papua New Guinea) يتحدثون بأكثر من ٣٥٠٠ لغة.
معظم سكان العالم ثنائيو اللغة (bilingual) على الأقل، ونسبة عالية تتكلم ثلاث لغات أو أكثر. وعلى العموم تنقرض اللغات عندما لا تتحدث الأم بلغتها مع أطفالها وهكذا تتبدل لغة المنزل لتحل مكانها لغة أخرى. وبمثل هذا الاندثار يختفي قسم لا بأس به من الثقافة، وهذا الاقتراض اللغوي مرده عوامل وتغيرات اجتماعية اقتصادية وليس لوجود أصوات غير عادية. وفي كل لغة أصوات معينة تميزها عن غيرها من اللغات وهذا ما يلحظه السامع عادة بدون أن يعرف الكثير عنها.
الهدف الأساسي للغة هو إيصال المعلومة، واليوم قد تكون اللغة محكية أو مكتوبة بأحرف مختلفة أو عبر الإشارة إلا أن الكلام هو أكثر الطرق شيوعا في استخدام اللغة وهو ينم عن أمور عديدة غير لغوية مثل هوية المتكلم. وتكون النبرة في بعض اللغات ثابتة مثل البولندية حيث تكون في المقطع قبل الأخير أما في السواحيلية وهي لغة مختلفة تماما عن البولندية إلا أنها تشاركها مكان النبر.
في لغات كثيرة كالإسبانية واليابانية عدد الحركات هو خمس، في الإيطالية ٧ حركات والصوائت ٢٠، في الإنجليزية الأمريكية ١٤-١٥ حركة وفي الإنجليزية البريطانية ٢٠ حركة. أما عدد الأصوات في الانجليزية فيصل إلى أربعين وفي الفرنسية ٣٦، وفي اللغة العربية وفق وصف سيبويه في الفصل الأخير من كتابه ٤٢ صوتا، مستحسنا وغير مستحسن على حد سواء (ينظر الكتاب، تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، ج. ٤، القاهرة ١٩٧٥، ص. ٤٣١-٤٨٥، سيبويه لم يميز بين \”الحرف\” والصوت\” وترد لفظة \”صوت\” عنده بمعنى\”الهواء\”) وفي بعض اللغات الإفريقية يربو عددها على المائة.
الأصوات الصامتة: ناطقو پِراها، ٣٠٠ شخص، في غابة أمازونية ذات أمطار لا يعرفون أية لغة أخرى وبالرغم من ذلك فهذه اللغة بمقدورها التعبير مثلها مثل غيرها من اللغات الأخرى عن أي شيء في الحياة. يستطيع المرء أن يقول أي شيء في أية لغة بطريقته الخاصة، قبيلة الهاوسا في نيجيريا ، على سبيل المثال، لم تستعمل الشوكة في تناول الطعام، لديها كلمة للملعقة cokali وعندما أصبح الناس بحاجة للكلمة قالوا: ملعقة ذات أصابع (cokali mai yatsu). تستطيع اللغة على الدوام ابتكار أو اقتراض ألفاظ جديدة، أي أنها قادرة على قول ما تشاء بطريقتها الخاصة. ففي اللغة الفنلندية مثلا يطلق على البندورة صغيرة الحجم باسم ”البندورة الكرزية“ والبصل الأخضر باسم ”بصل الربيع“. أحيانا نجد أن مفاهيم معينة ناقصة في بعض اللغات، مثلا مفهوم العدد. هناك مجموعات بشرية عديدة قلما تحتاج إلى عملية عدّ الأشياء وعليه فلا وجود لكلمات للأعداد. في معظم اللغات الأصلية في أستراليا مفردات للدلالة على \”واحد، اثنين، بعض، كثير\” ولا وجود لكلمات تشير إلى \”الثلاثة والأربعة والخمسة إلخ.\” قبل استعارتها من الإنجليزية. ويُحكى أن أحد المسنين سئل عن عدد الرماح أو الحربات التي بحوزته، فأجاب بما معناه: عندي رمح بعيد المرمى، آخر قصير المرمى، رمح طاعن واخز، رمح ذو شفرة عريضة، رمح طقسي / احتفالي. وآن نوّه له بأن لديه خمسة رماح مستعملين اللفظة الإنجليزية five ردّ الشيخ الذي وعى ما قصد به، حسنا إن أردتم قول ذلك. وعندها سئل ثانية فيما إذا أُخذ منك رمح واحد فكم واحدا يبقى لديك؟ أجاب مبتسما إن ذلك يتوقّف على أي رمح أُخذ، أليس كذلك؟ ربما كان ذلك المسنّ غير قادر على القيام بعملية حسابية بسيطة من هذا النوع بلغته الأصلية، إلا أنه يستطيع أن يسمّي ويعدّد أشياءَ بشكل جدير بالملاحظة. في مقدوره الإتيان على ذكر جميع سلفه منذ عدة أجيال وهذا الأمر متعذر لدى أغلبية الشعوب المتمدنة اليوم. وهذه الحادثة قد تذكّر القارىء بذلك الطفل الذي طُلب منه إحضار فناجين قهوة للضيوف المتواجدين في بيت والديه بالرغم من أن مفهوم العدد والقدرة على العدّ ما زالا خارج نطاق قدرته العقلية. بالرغم من ذلك دخل الطفل إلى المطبخ وأحضر من الخِزانة العدد المطلوب من الفناجين وكانت طريقته إفراد كل فنجان يتناوله من الخزانة لضيف معين حتى كمل العدد. وفي لغة شعب الإسكيمو لا وجود للفظة خاصّة \”للثلج\” في حين أنها تعبّر عن أنواع عديدة للثلج وحالاته بكلمات كثيرة متنوعة.
واللغات الأصلية في أستراليا في طور الانقراض مثلها مثل لغات العديد من المجموعات البشرية الصغيرة في العالم التي لا تقوى على البقاء لوحدها في عصرنا المعولم هذا. أخذت مثل هذه المجموعات ترى الفوائد الجمة التي يمكن أن تنجم عن التغيير والتشبه بالجيران المزدهرة أحوالهم اقتصاديا واجتماعيا. أخذ الجيل الجديد ينخرط في المدارس ويتعلم اللغة العامة المشتركة المطلوبة في البلاد وهكذا تضمحل رويدا رويدا لغة أمهم، وبوفاة المسنين الذين تحولوا أيضا في استعمال لغة أبنائهم، تنقرض لغتهم وقسم كبير وهام من تراثهم يذهب معهم أدراج الرياح. من الصعب على إنسان ناطق بلغة واسعة الانتشار كالصينية أو العربية أن يفهم بالضبط ماذا يعني خطر انقراض لغة ما بالنسبة لناطقيها. اللغة البشرية هي في الأساس وسيلة ومعظم الجنس البشري لا ينظر إليها بأنها مقدسة أو أنها جزء من الدين. مع هذا هناك بعض الشعوب كاليهود والمسلمين وبعض القبائل الصغيرة في العالم التي تعتبر لغاتها لغات مقدّسة من أعمال الباري.
هناك، كما أسلفنا، قرابة ٦٠٠ صوت صامت في مختلف لغات العالم. وفي عشر اللغات الأكثر انتشارا المذكورة آنفا حوالي ١٠٠ صوت صامت منها في الانجليزية ٢٢ فقط. وأكثر الأصوات شيوعا هي الانفجارية المهموسة (voiceless stops, p, t, k وهي موجودة في ٩٨٪ من لغات العالم وفي كل لغة في العالم أصوات شبيهة لاثنين من الأصوات الثلاثة. وينطق حوالي نصف الأصوات اللغوية البشرية بواسطة أسلة اللسان أو نصله. وكما هو معروف الفونيم صنفان، قطعي (segmental) وفوقطعي (suprasegmental) ويشمل الأول على الصوامت والصوائت والثاني يضم النبرات والأنغام والفواصل.
من الصعب تقدير عدد الأصوات الصامتة في لغات العالم وأصعب من ذلك تقدير عدد الحركات. في معظم لغات أستراليا الأصلية ثلاث حركات في حين أن أصواتها الصامتة جدّ غنية. يمكن القول إن عدد الحركات في لغة معينة ليس مؤشرا جيدا لعدد الصوامت. هناك لغات كلغة هاواي حيث فيها خمس حركات وثمانية صوامت فقط (a e i o u h k l m n ’ v/ w) في حين أن لغة الزولو في جنوب إفريقيا فيها نفس عدد الحركات أما عدد صوامتها فهو ٤٤. وفي اللغة اليونانية سبع حركات و١٧ صوتا صامتا. الرأي الشائع في الأبحاث الصوتية اللغوية هو القول بأن في كل لغة ثلاث حركات على الأقل إلا أن هناك من يدعي أن في لغة كابرديان في القوقاز حركتان. في ٢٠٪ من لغات العالم خمس حركات ومن اللافت للانتباه أن عدد الحركات يكون في الأغلب الأعم مفردا وقد يكون سبب ذلك ناجما عن شكل المثلث حيث يكون حيز النطق ومخارج الأصوات. وثمة حقيقة أخرى جديرة بالملاحظة بخصوص معظم اللغات ذات الخمس حركات a, e, i, o, u إذ يكون شيوعها وفق تسلسلها الأبجدي. في اللغات السامية عدد قليل من الحركات إذا ما قورنت بلغات أخرى، ثلاث حركات قصيرة وثلاث طويلة , ¥, •, a, i, u / å, في حين وجود خمس عشرة حركة في إنجليزية كاليفورنيا مثلا وفي إنجليزية (BBC, British Broadcasting Corporation) وفي الألمانية والسويدية عدد أكبر من ذلك وفي لهجة Weert الهولندية ٢٨ صائتا، ١٢ طويلا، ١٠ قصيرة و ٦ حركات مركبة (diphtong). وهناك لغات كثيرة كالفرنسية والألمانية والسويدية والدانمركية والنرويجية تتميز فيها الحركات بواسطة استدارة الشفتين. والحركات الخيشومية (nasals) شائعة في جميع اللهجات الإنجليزية لا سيما عندما ترد الحركة بين أصوات خيشومية n, m, N مثل man وهذه الأصوات غير فونيمية في الإنجليزية إلا أنها كذلك في الفرنسية. والصوت الخيشومي مجهور في الغالب الأعم إلا أن هناك لغات كالولش وعدد من اللغات الهندية الأمريكية حيث يكون فيها هذا الصوت مهموسا، كما أن بعض اللغات تحتوي على حركات مهموسة. وتوضع علامة على الصوت الخيشومي وفق الكتابة الصوتية (IPA = International Phonetic Alphabet) تدعى tilde وهي شبيهة بعلامة المدّة العربية. وفي هذا النمط الكتابي ١٠٦ رموز، ٧٨ صامتا و ٢٨ صائتا.
مراجع مختارة
Aitchison, Jeam, Language Chang: Progress or Decay. 2nd edn. Cambridge 1991.
Ball, M., & Rahilly, J., Phonetics, the Science of Speech. London- Arnold 1999.
Barber, C. L., The Story of Language. London and Sydney 1964.
Bickerton, Derek, Roots of Language. Ann Arbor 1981.
Bickerton, Derek, Language and Species. Chicago 1990.
Campbell, G. L., Compendium of the World’s Languages. Vol. 1-2 London & New York 1991.
Cantineau, Jean, Cours de phonétique arabe. 1ère éd. Paris 1960. Translated into Arabic by al-Qirmåd•.
Clark, J., & Yallop, C., An Introduction to Phonetics and Phonology. Oxford-Blackwell 1990.
Comrie, B. (ed.), The World’s Major Langauges. New York & Oxford 1987.
Dixon, R. M. W., The Languages of Australia. Cambridge 1980.
Grimes, B. F. (ed.), Ethnologue: Languages of the World. Dallas: Summer Institute of Linguistics 1992.
Hauser, M., The Development of Communication. Cambridge: MIT Press 1996.
Johnson, K., Auditory and Acoustic Phonetics (2nd edn.). Oxford-Blackwell 2002.
Ingram, Jay, Talk Talk Talk. Toronto 1992.
Ladefoged, Peter, Vowels and Consonants. Oxford-Blackwell 2001, 2005.
Ladefoged, Peter, A Course in Phonetics (4th edn.). Orlando: Harcourt Brace 2001.
Ladefoged, Peter & Maddieson I., Sounds of the World’s Languages. Oxford-Blackwell 1996.
Leakey, Richard, The Origin of Humankind. London 1994.
Lieberman, P., Eve Spoke. New York: W. W. Norton 1998.
Lieberman, P., On the Origins of Language: An Introduction to the Evolution of Human Speech. London 1975.
Lieberman, P. & Blumstein, S. E., Speech Physiology, Speech Perception, and Acoustic Phonetics. Cambridge 1988.
Linden, Eugene, Apes, Men and Language. Harmondsworth: Penguin 1974.
Pickett, J. M., The Acoustics of Speech Communication (2nd edn.) Needham Heights, MA: Allyn and Bacon. 1998.
Sapir, Edward, Language, an Introduction to the Study of Speech. Harcourt, Brace & World, Inc. New York. 1921, 1949.
Ruhlen, M., A Guide to the World’s Languages. Vol. 1: Classification. London 1987.
Trask, R. L., Language: The Basics- London and New York 1995.
القرمادي، صالح، دروس في علم أصوات العربية. ط. ١، تونس ١٩٦٦.
بقلم البروفيسور حسيب شحادة
جامعة هلسنكي