منذ أن نشرت نقلاً عن موقع قدس الأب الكسندروس أسد من أبرشية حلب ، صورة حلول الروح القدس بهيئة حمامة على القرابين المقدسة ، أثناء تبخير المثلث الرحمات البطريرك الشهيد القديس الياس الرابع معوض لها ، تضاربت المعلومات وتعاكست حول مكان حدوث هذه الأعجوبة ،لا عن حقيقة وصحة ورواية تفاصيل حدوثها، هل حدثت في البرازيل بحسب رواية قدس الأب اسكندر،أم في مكان آخر هو أميركا الشمالية بحسب قول العديد ممن راجعتهم .
وتعددت الآراء كذلك ، مابين مقتنع بصحة الصورة الملتقطة ، وما بين قائل بتدخل وسائل التقنية الحديثة في صنع هذه الصورة !
وهذا مما دعاني للبحث والتقصي والسؤال وتكرار السؤال ومراسلة العديد من السادة الكهنة وبعض السادة المغتربين.
فيما يخص إن كانت الصورة أصلية ، أو مزورة ، فهي بالتأكيد أصلية مئة في المائة لسبب وحيد ومقنع ـ لمن يقبل الاقتناع ـ وهو أن زيارة البرازيل والأرجنتين كانت في عام 1978 ، وسبقتها زيارة أميركا الشمالية عام 1977 ، وفي السبعينات لم تكن في العالم ، وفي بلادنا خاصة ، تلك التكنولوجيا الحديثة والمتطورة التي لدينا اليوم .
والمثلث الرحمات المطران الياس قربان والذي نشر هذه الصورة في الصفحة 47 من كتابه /\” رجل المحبة \”/ عام 1984 ـ والذي أمده بمادة الكتاب هو المطران ايليا صليبا الذي كان حينها في أميركا الشمالية ـ لم يشرح شيئاً للأسف عنها رغم أن موضوع الكتاب كان عن زيارة أميركا الشمالية التي شارك فيها .
أما قدس الأب اسكندر أسد الموقر فقد تبين وبعد مراسلتي معه ، بأن ما ذكره في صفحته الإلكترونية مشكوراً ،عائد لحديث شفهي مع المثلث الرحمات المطران الياس اليوسف مطران أبرشية حلب،ونقلاً عن موقعه وصفحته فإنني أعيد نشر ما ذكره حول هذه الأعجوبة :
“خلال زيارة صاحب الغبطة المثلث الرحمات البطريرك الياس الرابع معوض بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس إلى الجمهورية البرازيلية في السبعينات، أقام غبطته قداساً إلهياً في كاتدرائية سان باولو، حضره رئيس الجمهورية مع عدد كبير من رجال الدولة والسلك الدبلوماسي وشخصيات عديدة مختلفة، وخلال القداس إذا بالتيار الكهربائي ينقطع في كل المحلة فجأة، وكان المصورون والصحفيون منهمكين بالتقاط الصور التذكارية بهذه المناسبة الفريدة وخاصة ضمن هيكل الكنيسة حيث كان صاحب الغبطة المثلث الرحمات يبخر القرابين المقدسة فوق المائدة المقدسة، فلاحظ جميع الموجودين رغم أن التيار منقطع في كل مكان إلا أن ضوءً غير مألوف يشع في الهيكل دون بقية الكنيسة والمصورون داخل الهيكل لم يلاحظوا أو يعلموا شيئاً عن انقطاع التيار أبداً لوجود هذا الضوء العظيم في الهيكل، معتقدين أن كل شيء على ما يرام، وعند إظهار الصور التي التقطت في الهيكل في تلك اللحظة ظهرت هذه الصورة التي يُشاهَد فيها رسم حمامة الروح القدس قد ظهرت فوق القرابين المقدسة أثناء التبخير وقد انبثق منها شعاعان من النور الإلهي لتبريك القرابين المقدسة، مما يدل على قداسة غبطته، فنُشرت هذه الصورة في جميع صحف ومجلات البرازيل في حينها “.
وبالرجوع إلى الدكتور رفلة كردوس ـ الذي كان يدرس حينها في البرازيل وكان فيها عند زيارة غبطته ـ وكذلك شقيقه الكبير المغترب السيد حنين المقيم في البرازيل والمطران دماسكينوس منصور ، تبين بأنه لا يوجد في ذاكرتهم أو معلوماتهم أو أرشيف المطرانية أي حديث أو منشورعن حدوث هذه الأعجوبة في البرازيل .
وفقط فإن قدس الأب اسبيريدون فياض ذكر لي في دمشق منذ أسابيع أن الأعجوبة حدثت في البرازيل .
ونتيجة مراسلتي مع العديد من كهنة أميركا الشمالية ، أعلمني أحد الآباء الأجلاء الأنطاكيين من أبناء البطريركية الأرثوذكسية والذي يخدم حالياً في أبرشية أميركا الشمالية ولا يرغب بذكر اسمه، أعلمني ما يلي :
” الصورة التي قمت بالشرح عنها في مقالتك الكريمة المنشورة على صفحات القديس سيرافيم سيروف هي مأخوذة في مدينة بوسطن من أعمال ولاية ماساتشوسيتز في الولايات المتحدة الأمريكية خلال صيف 1977 في أحد الفنادق الكبرى حيث أقيم القداس الإلهي بسبب كثرة الجموع خلال مؤتمر أبرشية أميركا الشمالية وحصلت كالتالي :
بينما كان المثلث الرحمات البطريرك الياس يبخر القدسات حاول مصوّر إحدى الصحف الكبرى في الولاية أن يصور القداس ولكن لم يسمح له من قبل أحدهم أن يقوم بالتصوير فذهب إلى الجهة الجنوبية من الهيكل، طبعاً الهيكل المبني مؤقتاً في الفندق هو عبارة عن خشبة مرتفعة مثل خشبة المسرح وحولها مغطى بالستائر القماشية لحجبها عن بقية الصالة ماعدا القسم الغربي منها. فذهب ذلك المصوّر إلى الجهة الجنوبية من الهيكل وفتح فجوة صغيرة في الستار تكفي لإدخال آلة التصوير منها. وفي اللحظة التي هم فيها بالتصوير حدث انقطاع بالتيار الكهربائي فظهرت الصورة كما نراها اليوم والروح القدس بشكل حمامة فوق بطريركنا القديس والقدسات “.
وفي رسالة ثانية يقول :
” القصة التي رويتها لك عن المصور وكبف التقط الصورة قد رواها لي بعض شهود عيان من الكهنة في بوسطن والذين للأسف قد انتقلوا إلى الأخدار السماوية. القصة مضى عليها 30 سنة ” .
والصحيفة الأمريكية التي نشرت الصورة اسمها :
BOSTON GLOBE
كما أكد قدس الشماس والصوت الأنطاكي الصارخ في البرية الأرثوذكسية اسبيرو جبور ـ أمد الله في عمره ـ عن طريق صديق مشترك شفهياً حدوث هذه الأعجوبة في أميركا الشمالية .
وأما مطران حماه ايليا صليبا ،وهو من أمد المثلث الرحمات المطران الياس قربان بمادة كتابه ، حيث كان مسئولا حينها في أبرشية أميركا الشمالية ، وبعد محادثة هاتفية معه هذا العام ، من إحدى الصديقات وبناءً على طلبي ، فقد أكد صحة حدوث هذه الأعجوبة في أميركا الشمالية ، ولكنه … حدد مكان حدوثها في القرية الأنطاكية .
كما ويؤكد الأسقف نقولا بعلبكي حدوثها في أمريكا الشمالية .
وللأسف لم أجد في المكتبة البطريركية أية نشرة أو مجلة تشرح أو تتحدث عن هذه الأعجوبة.
وقد يتساءل البعض ممن سيطالعون هذا المقال عن فائدته ، ولذلك اسمحوا لي بالقول بأننا سمعنا وطالعنا في معمودية السيد المسيح ما يلي :
” ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضاً . وإذ كان يصلي انفتحت السماء ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة ( لوقا 3 : 31 ـ 32 ) ” .
” واعتمد من يوحنا في الأردن .وللوقت وهو صاعد من الماء رأى السموات قد انشقت والروح مثل حمامة نازلاً عليه ( مرقس 1 : 9 ـ 10 ) ” .
” فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء .وإذا السموات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلاً مثل حمامة وآتياً عليه ( متى 3 : 16 ) ” .
وهذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها الروح القدس ،أحد الأقانيم الثلاثة ، بشكل حمامة في عصرنا الحديث ومطبوعاً كصورة ، ويستطيع كل منا معاينته ورؤيته ، ولذلك فقد قررت منذ اطلاعي على هذه الصورة معرفة قصتها ومكان حدوثها ، وتوثيقها عبر نشرها في أغلب المواقع التي أنشر فيها ، آملاً أن أكون قد جلبت اهتمام بعض الأخوة والأخوات ، وأبعدتهم عن هذا الجو المادي البشع الذي نحيا فيه .
ولا أبغي من نشري لهذه الأعجوبة وفي هذا الوقت إلا لفت الأنظار إليها ، ولا سيما بأن هناك الكثير من الكهنة وأساتذة البلمند ـ فكيف بالحري العلمانيين ـ لم يسمعوا بها وبموضوعها وتفاصيلها ، وهي تتمة لسلسلة مقالاتي السبعة عن بطريركنا المنتقل ، بالإضافة للأجزاء الستة من تأملات غبطته .
لا أستطيع التكهن لكي لا أقع في شرك الخطيئة ، عن دور المثلث الرحمات البطريرك الشهيد القديس الياس الرابع معوض في هذه الأعجوبة ، ولكنني لا أستطيع إلا أن أنحني إجلالاً وإكباراً ًوشاكراً لرجل من كبار رجالات أنطاكية العظمى ،على كل ما قدمه في حقل السيد ، كما أنحني ساجدا وراكعاًً أمام صورة الروح القدس المتمثل بالحمامة المشرعة الأجنحة والمضيئة, كما أنني أجد نفسي ملزماً بتقديم فائق الشكر والامتنان لقدس الأب اسكندر أسد على اهتمامه ونشره الصورة .
ملاحظة : يرجى ممن لديه معلومات أو مجلات \” النشرة الدمشقية ـ النور البيروتية ـ الكلمة الأمريكية \” العائدة لعامي 1977 ـ 1978 الرجوع إليها ، وإعلامي إذا تكرم ، في حال عثوره على أي خبر حول هذه الأعجوبة .
وهل بإمكان المتبحرين في مجال الإنترنيت الرجوع لعدد الصحيفة الأمريكية المذكور أعلاه والبحث فيها بتاريخ زيارة أميركا الشمالية والتي كانت في أيار وحتى آب 1977 ، مع جزيل الشكر .
بقلم: اليان جرجي خباز