أثار إقرار قانون اللغات الرسمية في إقليم كردستان العراق تغيراً ملحوظاً في ناحية عنكاوا، حيث باشرت إدارة ناحية عنكاوا ورئاسة البلدية بتطبيقه على جميع الدوائر الحكومية والمحلات و الفنادق والمرافق التجارية المختلفة.
وأُقِرَ قانون اللغات الرسمية رقم 6 لسنة 2014 من قبل برلمان إقليم كردستان العراق في جلسته الأعتيادية رقم (9) بتاريخ 29 / 10 / 2014، ونُشرَ نص القانون في الجريدة الرسمية (وقائع كوردستان) وجرى تعميمها على جميع الدوائر المعنية في الإقليم، وعلى ضوئها شكَّـلَ رئيس بلدية عنكاوا سولاف هرمز لجنة لمتابعة تطبيق القانون وإلزام جميع المحلات والفنادق بإضافة اللغة السريانية إلى قطعهم التجارية.
كما أصدرَ مدير ناحية عنكاوا جلال حبيب كتاباً رسمياً وجَّهَه إلى جميع الدوائر الحكومية طالبهم فيه بإضافة اللغة السريانية إلى القطع الرسمية، وذلك عملاً بالمادة (9) من القانون لكون اللغة السريانية لغة الاغلبية العظمى في المدينة.
ومن اجل تسليط الضوء على هذا القانون و مدى تنفيذه، فقد تنقل مراسل موقع “عنكاوا كوم” في مدينة عنكاوا وألتقى بعدد من المواطنين للحديث عن آرائهم بإقرار قانون اللغات الرسمية في الإقليم ومدى تطبيق بعض فقراته في مدينتهم.
وفي حين وصف البعض القرار بالجيد لضمان خصوصية مدينة عنكاوا، فإن البعض الآخر عدَّها خطوة روتينية ولا فائدة منها لكون الكثير من المواطنين الساكنين في عنكاوا لا يعرفون القراءة باللغة السريانية، إلا أن شريحة الشباب كانت الأكثر إيجاباً حيث عبروا عن سرورهم بتطبيق القانون، لكونه يميز المنطقة عن باقي المناطق في إقليم كردستان حسب قولهم.
وأشارت عضو فرع أربيل لنقابة صحفيين كردستان سوزان يوخنا إلى أهمية هذه الخطوة وأعتبرتها بالجيدة وإن كان التطبيق الفعلي لها قليل حسب قولها، واصفة إياها بـ “الشيء الإيجابي” وخاصة في “مدينة عنكاوا ذات الأغلبية المسيحية من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري”. وأضافت يوخنا “حبذا لو أن الجميع يلتزم بها، فهذه هي لغتنا الأصلية وهوية شعبنا وبها يعرف الجميع القريب والبعيد والغريب الزائر من نحن”، معبرةً عن سعادتها الكبيرة عند زيارتها لمطعم أبايا ومشاهدة أسم المطعم بالسرياني وحتى قائمة الأطعمة والمشروبات، مشيرةً إلى أنه “شيء جميل وشعرت بالفخر”.
وبيَّنَ الإعلامي ميلاد سامي، أن “تطبيق قانون اللغة السريانية في عنكاوا كونها إحدى المناطق التي يتحدث مواطنوها السورث جيد”، مشيراً إلى أنها “خطوة رائعة جداً ومقبولة من قبل المواطنين في المدينة على الرغم من أن البعض لم تتسنى له الفرصة في تعلم اللغة السريانية”.
ورأى سامي أن “من قاموا بهذه الخطوة الرائعة من المسؤولين كان يجب أن يقوموا بها من قبل، وذلك لأن هنا منبع الشعب الكلداني الآشوري السرياني وأرضه ومن هنا انتشروا في جميع بلدان العالم من وراء الانتهاكات التي جرت بحقهم”، مبيناً أن “هذا الشعب ذاته نشر اللغة السريانية في المهجر في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ودول العالم باختلافها”.
وختم سامي كلامه بالقول “إن أصداء هذه الخطوة جيدة وقد لاقت أستحسان الشارع العنكاوي على وجه الخصوص، وأتمنى أن نرى هذه الخطوة تتفعل في جميع المناطق التي تعتبر ملاذاً آمناً لشعبنا في إقليم كردستان”.
أما مسك الختام فكان مع عضو الهيئة الإدارية لفرقة “شمشا” للتمثيل الشاب بيار لويس، الذي هنأ كل من قام بهذه الخطوة الرائعة وفكرَ في إظهار تراثنا الحضاري المميز الذي اصبح قريباً للذبول بالرغم من عمق جذوره حسب قوله.
وأضاف لويس “إن الكتابة كانت وما زالت ركن أساسي من أركان الحضارة، فوجود لغة مكتوبة مختلفة في شوارع عنكاوا دليل لوجود تراث وحضارة متميزة لأهل المنطقة”.
وحكى لويس خلال حديثه للموقع أحد المواقف التي حصلت مع سائق “تاكسي” في عنكاوا الذي سأله عن فحوى ما يتم كتابته على المحلات، فذكرَ لويس أن نقاشاً حصل بينهما عن حضارة “سورايي”.
وأضاف “أبدى السائق إعجابه لوجود هكذا تفاصيل لشعب يعيش معه ولا يعرف عنه سوى أنه أقلية دينية تعيش في المنطقة، لكن وبفضل هذه الكتابة أصبح يدرك بأن لهذه الأقلية جذور لحضارة تعيش معه”، رغم أنها أصبحت مهددة بالزوال حسب قول عضو الهيئة الإدارية لفرقة “شمشا” للتمثيل.
وأشارَ عضو الهيئة الإدارية لفرقة “شمشا” للتمثيل بيار لويس، أن “من خلال جولتنا في شوارع عنكاوا لاحظنا بأن أغلب المحلات والمطاعم والدوائر الحكومية لم تلتزم بهذا القرار لحد الآن، وأن المحلات الجديدة هي فقط من أضافت اللغة السريانية إلى قطعها التجارية”، مطالباً الجهات المعنية “الإسراع بتطبيق قانون اللغات على الدوائر الحكومية والعلامات الدالة مثل أسماء الشوارع والقطع الرسمية المكتوبة باللغتين العربية والكردية فقط ولم تضاف اللغة السريانية إليهم لحد الآن، لكي تكون عنكاوا مختلفة عن باقي مدن الإقليم من خلال الكتابة باللغة السريانية”.
جدير بالذكر، أن اللغة السريانية هي إحدى اللغات السامية، وهي اللغة الام للكلدان والاشوريين والسريان وتكتسب أهميتها الدينية خاصة في المسيحية، أولاً لأن السيد المسيح قد تكلّم بالآرامية التي تعتبر بمثابة اللغة الأم للسريانية، وثانياً لأن العديد من كتابات آباء الكنيسة والتراث والطقس الكنسي قد حُفِظَ بالسريانية.
عنكاوا