استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الأسبوع الفائت، بطريرك السريان الأرثوذكس افرام الثاني في القصر الجمهوري في زيارة بروتوكولية للتهنئة بانتخابه رئيساً. وهي الزيارة الأولى للبطريرك الذي حمل عصاه وذهب الى بلدة صدد على مشارف البادية السورية لدعم أهلها وحضهم على الصمود في أرضهم في مواجهة غزوات الجماعات المتطرفة، وتقول أوساط كنسية سريانية أرثوذكسية إن زيارته لقصر بعبدا هي تتويج للفرحة التي يشعر بها أبناء الأقليات بوصول رئيس تفاعل مع آلامهم وتهجيرهم من العراق وسوريا ووقف بجانبهم في السراء والضراء ويحمل لواء المشرقية.
ينتظر أبناء الأقليات المسيحية من اقباط وكلدان وآشوريين وسريان ان ينصفهم عهد الرئيس عون وان يلتفت الى معاناتهم مع العهود اللبنانية المتعاقبة، علماً ان هذه الاقليات “لم تقصّر” في دعمها كل قضايا المسيحيين اللبنانيين، لا خلال العام 1958 بوقوفها القوي الى جانب الرئيس كميل شمعون، ولا خلال الحرب التي اندلعت العام 1975 وسقط فيها 2500 شهيد من الاقليات على كل جبهات لبنان. لكن غالبية العهود الرئاسية لم ترد الجميل الى الاقليات، ولم تقف الى جانب قضاياها المحقة بدءاً من الجنسية، وصولاً الى التمثيل النيابي الواجب الوجود لها، وانتهاءً بالتمثيل في الحكومات المتعاقبة، علماً ان اعداد الناخبين من الاقليات ليس قليلاً وهم يبلغون حوالي 60 الفاً ونيف ويتوزعون على دوائر المتن وبيروت وزحلة ويحتسب لاصواتهم حساب في الانتخابات البلدية والاختيارية، لكن حسابات الانتخابات النيابية استبعدتهم دائماً تحت عناوين فضفاضة ومن دون تفسير واضح لأسباب هذا الاقصاء، سوى الرغبة في الهيمنة والاستئثار على حساب هذه الاقليات.
يقول مصدر كنسي إن البطريرك افرام الثاني سمع كلاماً واضحاً من الرئيس عون فحواه الإصرار على حقوق الاقليات في المشاركة في الحياة الوطنية. واستطراداً فإن مطلب الاقليات في المشاركة امر بديهي لأنهم محرومون بالمعنى الحقيقي النيابة والوزارة ولم يتمكن أحد من الاقليات من الوصول الى جنة الوزارة، إلا النائب نبيل دو فريج اللاتيني ممثلاً “تيار المستقبل”، في حين حُرِمَ الكلدان والآشوريون والسريان هذه النعمة، علماً ان السريان يشكلون اكثرية وازنة بين الاقليات المسيحية في لبنان ولهم انتشار مهم ولهم احياؤهم الخاصة والتي ازداد عدد ساكنيها خلال الحرب السورية مع وصول آلاف السريان السوريين للاقامة لدى اقاربهم وأبناء ملّتهم في لبنان.
ورغبة الأقليات “المشرقية” اذا جاز التعبير في التمثّل في السلطة التنفيذية هي مدخل إلى المطالبة بزيادة التمثيل في المجلس النيابي الجديد من خلال قانون الانتخاب العتيد المزمع مناقشته واقراره قبل الانتخابات النيابية في ربيع 2017. ومطالب الاقليات واضحة واصبحت معروفة، تتلخص بزيادة تمثيلها الى ثلاثة نواب موزعين على اقضية المتن وزحلة وبيروت الاولى (الاشرفية وضواحيها) بعد نقل مقعد الأقليات من بيروت الثالثة، حيث اختفى الحضور السرياني او يكاد من احياء المصيطبة والوطى ومار الياس ومحيطها وانتقل الى مناطق اخرى.
ثمة بارقة أمل لدى الاقليات في إمكان حدوث “معجزة” التمثيل السرياني في الحكومة المقبلة، وتتعزز هذه الآمال مع الحديث عن حكومة 24 وزيراً لأن الأعراف والتجارب ادت الى حجب تمثيل الاقليات في الحكومات الثلاثينية على قاعدة إرضاء الأرمن الارثوذكس او “الطاشناق”، ما يعني تغييب تمثيل سبع طوائف مسيحية اقلوية: السريان الارثوذكس والكاثوليك والكلدان والاشوريون والانجيليون والارمن الكاثوليك الى الاقباط، مع ما يمثل هذا التغييب من اجحاف لهذه الجماعات التي فرحت لانتخاب من كان يصغي اليها في معاناتها.
النهار / بيار عطاالله