بعد حوالي عشرين عاماً التقيت مع أحد الأحباء في كاليفورنيا، وطلب مني أن أزوره في بيته الفخم جدًا. وعند لقائي به، وفي أثناء الحديث قال لي: ” لعلك تذكر حين بدأت حياتي هنا في كاليفورنيا منذ حاولي أكثر من 20 سنة ، كيف كنت أكافح بكل طاقتي. والآن أعطاني الله أكثر مما أسأل وفوق ما أطلب.”
قلت له:” إنها عطية الله نشكره عليها، فهو يهتم بنا.”
قال: ” أتعرف كيف أفاض الله عليّ بهذا الغنى ؟! منذ عدة سنوات قلت في نفسي، ماذا أنتفع إن نجحت هنا ولا أتمتع بميراث السماء؟!
ركعت أمام إلهي ووضعت عهداً، ألاّ أمدّ يدي إلى العشور مهما كانت ظروفي، فإنها أموال إخوه لي في الرب. قلت: سأقدم أيضاً للمحتاجين سواء في مصر أو في أمريكا من التسعة أعشار، فإنني لا أملك شيئًا! إنها عطيتك لي يا إلهي!
بدأت أعطي بسخاء وإذ أبواب السماء تنفتح أمامي. نعم أعطاني الله فوق احتياجاتي. كنت أركع واصرخ: كفى! كفى يالله! إني خائف على نفسي، لئلاّ تتحطم نفسي من كثرة الخيرات، وكلما كنت أصرخ كانت الأبواب تنفتح على مصراعيها أمامي.
هكذا عبر هذا الأخ عن معاملة الله معنا حينما نفتح لا مخازننا فقط، بل قلوبنا ونفوسنا لإخوتنا الأصاغر، فإنه يفتح أبواب سماواته أمامنا أيضاً.
حينما تحدث السيد المسيح عن قطيعة الصغير موضع سرور الآب قال: “لا تخف أيها القطيع الصغير، فإن أباكم قد سُرّ أن يعطيكم ملكوت السماوات. بيعوا أمتعتكم وأعطوا صدقة” لو 33، 12: 32.
كأننا في اللحظات الأخيرة من منتصف الليل، حيث نترقّب مجئ السيد المسيح نشتهي أن نكون من القطيع الصغير الذي يفرح به الآب. يفتح الله له أحضانه الإلهية الأبوية ليستقر فيها.أما طريق انتسابنا لهذا القطيع، فهو أن نفتح قلوبنا ونبيع أمتعتنا ونعطي صدقة.
حينما يتضافر القلب بالحب ومساعدة الجائعين والعطشى والمطرودين والمسجونين وكل المحتاجين، فإننا نجد قلب الله قد فُتح لنا لنصير أعضاء من قطعيه المقدس الصغير.
إني أهمس في أذنيك: أتريد أن تكون عضواً في هذا القطيع الصغير المقدس، وأن تغلب شهوات الجسد والأفكار الدنسة؟! أعطِ حباً للجميع، وافتح قلبك للجميع وخاصة لوالديك، وسترى كيف تهبك نعمة الله روح القداسة كسمة لك بأنضمامك العملي لقطيع المسيح المحبوب لدى الآب.
صلاة قصيرة
احسبني يا رب من قطيعك الصغير.
إني أئن من خطاياي وشهوات جسدي.
هب لي بروحك القدوس أن ينفتح قلبي بالحب للصغار ولجميع البشر، وحتى لمن أساؤوا إليّ.
أعطني القوة والصحة لأخدم كلمتك، وأخدم كل محتاج.
آمين