بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، عقد بطاركة وأساقفة ورؤساء الكنائس المسيحية في لبنان، اليوم الاثنين، قمة روحية مسيحية، في الصرح البطريركي في بلدة بكركي، بالعاصمة اللبنانية بيروت، أكد خلالها المجتمعون إلى “الإسراع في اعتماد خارطة طريق تبدأ بانتخاب فوري لرئيسٍ للجمهورية وفقًا للأصول الدستورية”.
وفيما يلي النص الكامل للبيان الختامي:
1. يطالب رؤساء الطوائف المسيحية الأطياف السياسية كافة بالإسراع في اعتماد خارطة طريق تبدأ بانتخاب فوري لرئيسٍ للجمهورية وفقًا للأصول الدستورية. فانتخابه أمر أولويّ وأساسي يعني كلّ لبنان وكلّ اللبنانيين بكلّ طوائفهم. وإنّهم يضعون المجلس النيابي أمام مسؤوليّته التاريخية والدستورية، ويطالبون جميع أعضائه بالحضور إلى المجلس لانتخاب رئيس للبلاد. ومن ثمّ تأليف حكومة جديدة تتولى معالجة كافة القضايا السياسية والأجتماعية والمعيشية والاقتصادية، بدءاً من قانونٍ جديد للإنتخاب. ويؤكدون على وجوب استمرارية الحكومة الحالية في عملها فلا تسقط أو تستقيل طالما هناك فراغ في سدة الرئاسة الأولى، وما يقوم به رئيس الحكومة تمام سلام ومجلس الوزراء بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ينبغي دعمه ومؤازرته، فيعجّل في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وهو المطلب الملحّ لجميع رؤساء الطوائف المجتمعين الذين يرون فيه موضوعًا وطنيًّا لبنانًّا شاملًا يحفظ مبدأَي العدالة والمُساواة أساس الشراكة الوطنيّة.
2. يؤكّد المجتمعون أنّ ما يحدث في لبنان اليوم من أزمة سياسية غير مسبوقة ووضعٍ إقتصاديٍ مُتردٍّ يضغط على المواطن، نتيجة فراغٍ رئاسي مُتمادٍ تخطى الاربع مئة وأربعة وستين يومًا مما أدّى الى شلل في كافة المؤسسات الدستورية العامّة، وشكّل انتهاكاً للجمهورية وإنهاكاً لها، هو أمرٌ يجب معالجته فيما بعد وإيجاد ضوابط دستورية وآلية جديدة تحول دون تكرار تجربة الفراغ الرئاسي المؤسف الذي نمرّ به، من خلال التعاون بين كافة القيادات والقوى السياسية لتوحيد الكلمة، وإعادة الإعتبار الى النهج الوفاقي، لإيجاد حلٍ لهذا المأزق الذي يعيشه اللبنانيون على أن تبقى خلافاتهم في الرأي ضمن الأطر الديمقراطية المعتادة، حفاظاً على الإستقرار، وهو عاملٌ مهم ليس بالنسبةِ الينا فقط بل إلى محيطنا العربي.
3. إنّهم يطالبون الأسرة الدولية والعربية وضع حدّ للحرب والعنف والإرهاب وأعمال الإقصاء والإلغاء التي تمارس بحجّة الاختلاف الديني وغيرها في سوريا والعراق، واليمن وفلسطين، وإيجاد الحلول السياسية والسلمية لها، من أجل سلام عادل وشامل ودائم فيها وفي المنطقة. وكذلك هم يطالبون بالعمل الجدّي لإعادة جميع المهجّرين والنازحين واللاجئين إلى بيوتهم وأراضيهم، وبتحرير جميع المخطوفين الأبرياء من مطارنة وكهنة وعلمانيين وعلى رأسهم مطرانا حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي.
4. مع تأكيدهم على حرية التعبير الشعبي في إطار الأنظمة المرعية، يرى المجتمعون أن في اللجوء الى الشارع خطورةً، وبخاصة عندما تكون النفوس مشحونة والنيران تحيط بلبنان وتهدده وتؤثر سلباً على الإستقرار فيه. ولا بد من قراءة سليمة للأولويات، ووضع سلّم للخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة الأحداث والحاجات الحياتية والمعيشية والامنية. وفيما يؤيدون المطالب المحقة للشعب والتعبير عنها،ولئن كان الضغط على الحكومة أمراً مشروعاً بالطرق الديمقراطية والحضارية، فانهم يرفضون ان يتم ذلك بالعنف وتعطيل الحياة العامة.
5. ان ما تشهده الساحة اللبنانية من استمرار الاعتصام والتظاهر يجب الحرص على عدم خرقه من مندسين يحاولون تخريب التظاهرة السلمية من خلال شعارات ويافطات استفزازية ضاع الشعب في تنوّع أهدافها، وإطلاق الهتافات المعادية والرشق بالحجارة والإشتباك مع القوى الامنية. ويعرب المجتمعون عن شَجبهم لما حصل خلال التظاهر في وسط بيروت من أعمال تخريب وممارسات خارجة عن الأهداف، واعتداءات على الأملاك العامة والخاصة وتحطيم بعض واجهات المحال التجارية وسرقتها لخلق البلبلة وإثارة الفتنة والفوضى، وسط حالة غليانٍ واحتقان عند المواطنين وعدم القدرة على الاحتمال. وقد طفح عندهم الكيل أمام عجز الطبقة الحاكمة من أن تؤمّن لهم أبسط الخدمات الحياتية من أجل عيش كريم. واذ يرفض المجتمعون، التجاوزات في التظاهرات، فانهم يطالبون بضرورة محاسبة المسؤولين عنها أيّاً كانوا.
6. وإنهم ويدعون أبناءهم الى تغليب لغة الحوار والمحبة، ووضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الخاصة، والتمسّك بالمبادئ السامية التي يعلّمها ديننا. وبذلك نحول دون دخول لبنان في المجهول، ونجنّبه المآسي التي تحصل في محيطنا، والتي تشغل بال المواطنين على مستقبلهم ومستقبل الأجيال الطالعة. ألهَمَنا الله جميعاً العمل لما فيه مَرضاتُه وخيرُ وطننا، إنه سميعٌ مجيب.
أبونا