بعد انعقاد المجمع المقدس في دير مار أفرام السرياني في معرة صيدنايا – دمشق، أصدر قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني منشوراً بطريركياً تضمّن أهم النقاط والتواصيات التي نتجت عنه.
في ما يلي نص المنشور:
نهدي البركة الرسولية والأدعية الخيرية إلى إخوتنا الأجلاء: صاحب الغبطة مار باسيليوس توماس الأول مفريان الهند، وأصحاب النيافة المطارنة والأساقفة الجزيل وقارهم، وحضرات أبنائنا الروحيين نواب الأبرشيات والخوارنة والرهبان والقسوس والراهبات والشمامسة الموقّرين والشماسات الفاضلات، ولفيف أفراد شعبنا السرياني الأرثوذكسي المكرّمين، شملتهم العناية الربّانية بشفاعة السيدة العذراء مريم والدة الإله ومار بطرس هامة الرسل وسائر الشهداء والقديسين، آمين.
بعد تفقد خواطركم العزيزة نقول:
ببركة الثالوث الأقدس عُقد برئاستنا المجمع المقدس لكنيستنا الأنطاكية السريانية الأرثوذكسية المقدسة، وذلك في الفترة ما بين 9 ولغاية 14 حزيران 2015 في دير مار أفرام السرياني في معرّة صيدنايا ـ دمشق، بحضور غالبية أعضاء المجمع إضافةً إلى المطارنة الملنكاريين التابعين مباشرة للكرسي الرسولي الأنطاكي. وقد عزّ كثيراً في قلوبنا الغياب القسري لنيافة أخينا الحبر الجليل مار غريغوريوس يوحنا إبراهيم مطران حلب وتوابعها الجزيل الاحترام، ولكن إيماننا متين بأن نيافته معنا بالروح ويصلي من أجل كنيسته ومن أجل أبناء أبرشيته الصامدين في حلب العزيزة.
وبحضور نخبة من العلمانيين الذي لبّوا دعوتنا وقدموا من مكلفين من مختلف الأبرشيات السريانية في العالم افتتحنا المجمع المقدس بالصلاة واستدعاء الروح القدس ليُرشد آباء المجمع لما هو خير الكنيسة المقدسة وخلاص أبنائها، وصلّينا من أجل راحة نفس سلفنا الطيب الذكر المثلث الرحمة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول، ومن أجل عودة مطرانَيْ حلب المخطوفَين مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم وبولس يازجي والكهنة، آخذين من الإصحاح العاشر من الإنجيل المقدس بحسب الرسول متى تأملاً لنا جميعاً.
وفي جلسة العمل الأولى، عرضنا وبالتفصيل ما أعاننا الله تعالى على القيام به خلال السنة الأولى لبطريركيتنا من زيارات رسمية ولقاءات برؤساء الدول ورؤساء الوزراء ورؤساء البرلمانات، وزيارات للأبرشيات السريانية في العالم ولا سيما الهند وما حملته من بوادر محبة وسلام بين أبناء الكنيسة هناك. كما أطلعنا الآباء على لقاءاتنا المسكونية مع البطاركة الشرقيين في سوريا ولبنان ومصر وأرمينيا، لا سيما لقاء رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط. واجتماعاتنا مع الأحزاب السياسية والمنظمات العلمانية السريانية ودعوتنا لهم جميعاً للتعاون لما فيه مصلحة الكنيسة والأمة. إضافة إلى أهم المشاريع العمرانية التي تقوم بها البطريركية في الوقت الحالي. وكذلك قدم السادة المطارنة والآباء الرهبان تقاريرهم عن الدوائر البطريركية المتنوعة.
وخلال جلسات المجمع المقدس تطرّق الآباء إلى المواضيع التالية:
1ـ قضية خطف المطرانين بولس ويوحنا:
تلا نيافة المطران مار اقليميس دانيال كورية مطران بيروت بصفته منسّق اللجنة البطريركية المكلّفة متابعة ملف اختطاف نيافة المطران يوحنا ابراهيم، تقريره وخلاصته تطمئن بأنّ المطران يوحنا إبراهيم ما زال على قيد الحياة، ونحن بانتظار عودته القريبة إلينا. ونحن بدورنا نأمل من الجميع رفع الصلوات من أجل نيافته ونؤكّد على دعمنا المعنوي والمادي للجنة لما فيه نجاح مهامها.
2ـ إعادة تشكيل الأمانة العامة للمجمع المقدس:
قررنا تشكيل هيئة استشارية لوضع آلية عمل «الأمانة العامة للمجمع المقدس»، تقوم بدور الأمانة العامة حتى التآم المجمع المقدّس القادم.
3ـ الأساقفة:
وافق الآباء بالاجماع على عودة نظام الأسقفية إلى الكنيسة، ورسامة أساقفة للعمل في الدوائر البطريركية واكتساب الخبرة، وعند اختيار أحدهم لإحدى الأبرشيات، يُرفَع إلى رتبة ميتروبوليت ويصبح له صوتٌ في المجمع المقدس.
وبناءً على ذلك، تمّ ترشيح الابنين الروحيين الفاضلين الربان موريس عمسيح أسقفًا مديرًا للعلاقات العامة والربان جرجس كورية أسقفًا مديرًا لإكليريكية مار أفرام اللاهوتية. وبالاقتراع السري فازا بغالبية الأصوات.
4ـ أبرشية حلب وتوابعها:
استمع الآباء إلى تقرير مفصّل من الربان بطرس قسيس المعتمد البطريركي في حلب عن وضع الأبرشية المنكوبة وأهم المشاكل والصعوبات التي يواجهها أبناء الأبرشية.
وبعد مداولة هذه المشاكل ودراستها بدقة وموضوعية، قرر الآباء وبالاجماع إلزام كهنة أبرشية حلب الذين غادروا في وقت سابق بالعودة إلى خدمتهم في أبرشية حلب قبل تاريخ 16 آب 2015، تحت طائلة التوقيف، علماً أنّ الأبرشية ملتزمة بتأمين حياة كريمة لكهنتها.
أمّا في موضوع إنقاذ موجودات المطرانية الثمينة، فقد وافق المجمع المقدّس على أن تشكّل لجنةٌ تضمّ مطرانًا على الأقل، وكاهنين أو ثلاثة، وعلمانيين من المجلسَيْن المليَّيْن في حلب، مهمّتها نقل الأمور الثمينة من دار المطرانية والكنيستين، بشكل مؤقّت إلى مكانٍ آمن تحدّده اللجنة بمشورة البطريركية.
5ـ الأبرشيات السريانية:
درس الآباء واقع حال بعض الأبرشيات السريانية وما آلت إليه الأمور في كل واحدة منها على حدة، وهي: أبرشية الجزيرة والفرات، النيابة البطريركية في القدس والأردن وسائر الديار المقدسة، والنيابة البطريركية في بلجيكا وفرنسا ولوكسنبورغ. وأتخذت قرارات هامة بهذا الخصوص.
كما وافق المجمع المقدس على أن يكون المطران مار نيقولاوس متى عبد الأحد نائباً بطريركياً في إسبانيا، دون أن تكون إسبانيا أبرشية ريثما تتأسس فيها الكنائس ويُعدّ لها كهنة.
وبخصوص الطلب الذي تقدّم به مار يوليوس عبد الأحد شابو بفصل الدول الإسكندنافية عن أبرشية السويد، فلم يرَ الآباء المقوّمات اللازمة لإنشاء أبرشية جديدة في الدول الإسكندنافية (فنلندا، النروج، الدانمارك) وطُلب من الربان أفرام لحدو أن يُتابع خدمته بإشراف مطران السويد والدول الإسكندنافية إلى حين قيام كنائس ورسامة كهنة في تلك البلدان لتكوّن الهيكلية الأساسية لإنشاء أبرشية، قبل أن يُتّخذ أي قرار جديد في هذا الخصوص.
6ـ اللجان المجمعية:
بعد أن بيّنا ضرورة إعادة النظر في قوانين الكنيسة ودساتيرها وطقوسها، ولهذا الغرض قرر الآباء أعضاء المجمع تشكيل اللجان الأسقفية التالية: 1ـ لجنة للعلاقات مع الكنائس السريانية. 2ـ لجنة دستور الكنيسة السريانية الأرثوذكسية. 3ـ لجنة قانون الأحوال الشخصية. 4ـ لجنة الليتورجيا والطقوس. 5ـ لجنة الإكليريكيات السريانية. وستُدعى هذه اللجان للإجتماع وذلك لإعداد برنامجها والبدء بعملها.
7ـ المجلس البطريركي العام:
درس آباء المجمع المقدس والعلمانيين الذين مثّلوا مجالس عدد من الأبرشيات السريانية، مشروعَ النظام الداخلي للمجلس البطريركي العام الذي أعدّته البطريركية الجليلة.
وبعد العرض الشافي أعلن الآباء قبولهم المبدئي لمشروع النظام الداخلي لِـ «مجلس بطريركي عامّ» وقرّروا أن يُرسَل نص المشروع إلى الأبرشيات لتتمّ دراسته من قبل أصحاب النيافة والكهنة والمجالس الملية، وتُرسل الاقتراحات إلى الأمانة العامة للمجمع المقدس في مدة أقصاها ستّة أشهر.
8ـ الرهبان:
استعرض الآباء شؤون الرهبان لا سيّما الذين يخدمون في الأبرشيات مقام الكهنة، وقرّرنا تأليف لجنة أسقفية تجتمع مع الرهبان أفرادًا وجماعات، وترفع اللجنة التقارير إلى البطريركية لدراستها واتخاذ القرارات اللازمة بهذا الخصوص.
9ـ موعد الاحتفال بالإبادة السريانية سيفو:
بعد عرض المواعيد والتقاويم التي رفعت إلى البطريركية من قبل بعض الأبرشيات والمؤسسات والباحثين الأكاديميين، اتّفق الآباء على تحديد عيد شهداء سيفو السريان في 15 حزيران من كل عام.
10ـ شؤون عامة:
استُعرِضت مواضيع مختلفة من تجاوزات بعض الكهنة (كاستخدام برشان البركة لمناولة الشعب بعد نفاد القربان المقدس) وجهل بعض الكهنة للطقوس الكنسية (المعمودية، الإفخارستيا، الصلوات الفرضية) واستخدامهم صليب الصدر لمباركة المرضى أو استخدام صليب اليد في الأعراس. وكان اعتراض بالاجماع على هذه التصرفات لمخالفتها دستور الكنيسة. لذا، نأمر أبناءنا الكهنة بالالتزام بطقوس الكنيسة وممارستها كلّ بحسب رتبته.
وقد ختمنا أعمال المجمع برفع صلاة الشكر إلى الرب الذي جمع الآباء في سوريا في هذه الأيام الصعبة وحفظهم من كل ضرر. وصلينا من أجل أن يعود أصحاب النيافة، كلّ إلى أبرشيته بالسلامة، محملين إياهم صلواتنا وبركاتنا الرسولية إلى المؤمنين في العالم أجمع.
ونعلمكم أيها الأحباء، بأننا بالتزامن مع أعمال المجمع المقدس، قمنا بزيارة رسمية لسيادة الدكتور بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، الذي رحب بحرارة بجميع أعضاء المجمع المقدس، مؤكداً على اعتزازه بالكنيسة السريانية التي هي كنيسة سورية.
وكذلك قمنا بنعمة الرب بتقديس مذبح شيدناه على اسم شهداء سيفو السريان وذلك في إحدى ساحات دير مار أفرام السرياني في معرة صيدنايا، كما كرسنا الأيقونة الخاصة بجهادهم واستشهداهم في سبيل الإيمان، إضافة إلى إزاحة الستار عن نصبين تذكاريين لمذابح الإبادة السريانية سيفو الأول في دير مار أفرام السرياني في معرة صيدنايا والثاني في وسط حديقة شهداء سيفو السريان في دمشق القديمة.
هذا ما رأيناه ضرورياً أن نكتبه لكم أيها الأحباء، آملين أن تواصلوا صلواتكم من أجل الكنيسة وخدامها، ليلهمنا الرب الإله لأن نخدمكم بما يليق بهذه الكنيسة العريقة. والنعمة معكم.
صدر عن قلايتنا البطريركية في دمشق ـ سوريا
في الخامس والعشرين من شهر حزيران سنة ألفين وخمسة عشرة للميلاد
وهي السنة الثانية لبطريركيتنا
بطريركية السريان الارثوذكس