الولادة: –
الوفاة: –
وُلد هذا القديس في مدينة أرمنت بمحافظة قنا، من أسرة تقية، والده يُسمى مينا. “بضابا” مشتقة عن الهيروغليفية “باتبي” وتعني “الرئيسي” أو “الجوهري”، وفي القبطية “باتابي” تعني “المنتسب إلى الرأس”. تكونت صداقة قوية بينه وبين ابن خالته “أندراوس” منذ طفولتهما، فقد كان الأخير يكبر بضابا بعامين. وكانا يحملان فكراً واحداً هو التمتع بالملكوت السماوي. كان الاثنان منذ نعومة أظافرهما يلتقيان معاً على صعيد الروح، زاهدين في الحياة، عاكفين على دراسة الكتاب المقدس والكتب الدينية، يصومان يومين يومين بلا طعام ولا شراب مع المداومة على الصلاة ليلاً ونهاراً.
حياتهما الرهبانية
انطلقا معاً إلى الجبل الشرقي بقصر الصياد (مركز نجع حمادي)، وتتلمذا على يديْ القديس أنبا إيساك. سكنا صومعة يمارسان فيها تداريبهما الروحية، وكانا يمارسان نساخة الكتب الروحية لنفعهما الشخصي روحياً ولبيعها مقابل دراهم قليلة للإنفاق على نفسيهما وتوزيع ما يتبقى على الفقراء. فاحت رائحة المسيح الذكية فيهما، وصارت صومعتهما مركز إشعاع روحي، فجاء إليهما أسقف المنطقة الأنبا تادرس وسام القديس بضابا قساً وأندراوس شماساً، وكانا يمارسان الخدمة الكهنوتية مرة كل أربعين يوماً في كنيسة بإحدى القرى المجاورة.
دخل الأنبا تادرس الكنيسة يوماً، وإذ تطلع إلى القديس بضابا شاهد وجهه مشرقاً ببهاءٍ عجيب كما نظر إكليلاً كما من ذهب مرصع متلألئ موضوعاً على رأسه، فاشتاق أن يبقى بضابا وأندراوس معه في الأسقفية، فرفض الأول ورجع إلى قلايته بينما وافق الآخر أن يبقى معه. عاد القديس بضابا إلى قلايته، وإذ أدرك أن الكل يلاحقه هرب. أرسل الأسقف وراءه رسلاً فوجدوه قد ترك الموضع، فقام الأسقف بتدشين القلاية ككنيسة.
تنقلاته المستمرة
إذ هرب القديس كانت فضائله تسحب قلوب الكثيرين نحوه الأمر الذي كان يرعبه، فكان يزداد نسكاً كتأديبٍ لنفسه. أينما حلّ تجمهر المؤمنون حوله، لذا كان يتنقل بين “هو” و”قوص” و”نقادة” و”بهجورة”، هرباً من الناس، وكان الرب يعمل به عجائب كثيرة.
أسقف قفط
إذ تنيح أسقف قفط اجتمع الكهنة مع الشعب ورأوا أن القديس بضابا هو خير من يصلح للأسقفية، فبعثوا وفداً كبيراً إلى القديس البابا بطرس خاتم الشهداء (17) الذي رأى ملاك الرب في رؤيا يعلنه بسيامة هذا الأب أسقفاً. التقى البابا بالوفد واستجاب لطلبهم، وأرسل أربعة من الكهنة إلى الصعيد، حيث جاءوا به إلى البابا بالرغم من تردده لقبول هذه الرتبة وخوفه لئلا تهلك نفسه! إذ جاء القديس أمام البابا أعلنت الوفود التي جاءت متزاحمة قبولها بل وفرحها بالأسقف الجديد.
رافقته الآيات والعجائب منذ لحظة سيامته وأثناء رجوعه بالسفينة حتى بلوغه كرسيه. عاش هذا الأسقف ناسكاً في ملابسه وطعامه، زاهداً كل شيء. أرسل إلى ابن خالته “أندراوس” ليكون معه في خدمة ربنا يسوع المسيح فجاء وأقام عنده.
استشهاده
في عهد دقلديانوس إذ كان أريانا والي أنصنا يجول صعيد مصر ليمارس كل أنواع العذابات على المسيحيين، علم الأسقف بأن الوالي قد بلغ مدينة إسنا وأنه يقوم بقتل سكانها. جمع الأسقف شعب المسيح وصار يحثهم على الثبات في الإيمان وقبول الآلام بفرح، ثم باركهم وودعهم. ذهب إلى مدينة إسنا وبصحبته القس أندراوس (ابن خالته) والقديس خريستوظلوا. هناك اعترفوا باسم السيد المسيح، ونالوا عذابات كثيرة، وقد ظهر السيد المسيح حيث أكد له: “تعزى يا حبيبي بضابا، أنا معك” ثم صعد إلى السماء وكان حوله كثير من الملائكة. تمتع الثلاثة بإكليل الاستشهاد في 19 من شهر أبيب، وكان القديس بضابا ابن ثمانية وستين عاماً، قضى منها 15 عاماً في بيت أبيه، 49 عاماً في الحياة الرهبانية النسكية، وثلاث سنوات ونصف على كرسي قفط أسقفاً. وضع الأب المكرم الأنبا ثاؤفيلس أسقف قفط ميمراً في سيرة هذا الأسقف الشهيد، قام الاكليريكي رشدى واصف بهمان بنشره.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت