الولادة: –
الوفاة: –
يحتفل الغرب كما اليونان بعيده في 3 يناير. قدم لنا القديس باسيليوس الكبير في رثاء له بقيصرية عرضاً لآلامه: كما سجل شاهد عيان ما احتمله الشهيد. كان مواطناً في قيصرية كبادوكية، وكان قائد مئة في الجيش. عندما أصدر جاليريوس منشوره ضد الكنيسة في الشرق سنة 303م ترك جوردياس وظيفته، وانطلق إلى البرية حيث صار يمارس عبادته وسط الوحوش المفترسة. قضى عدة سنوات في البرية، لكنه لم يشعر بالراحة في داخله، بل كان مرّ النفس. فالكنائس في قيصرية هُدمت، وتشتت الكهنة، وبعض المسيحيين أطاعوا المنشور والبعض استشهدوا. عادت المدينة إلى الوثنية، وفقد الملح طعمه. التهب قلب القديس بنار الغيرة، فترك البرية وعاد إلى بلدته.
في أحد الأيام لاحظ أن ساحة المسرح العامة ازدحمت بالجماهير التي جاءت لترى سباقات الخيل والمركبات تكريماً للإله مارس Mars إله الحرب، وقد حضر اليهود مع الأمم والمسيحيين لمشاهدة السباقات، هذا وقد تُرك العبيد أحراراً للاشتراك في هذا الاحتفال، وأُغلقت المدارس لنفس الغرض. ظهر فجأة أثناء السباق شخص يلبس مسوحاً، لحيته طويلة، ووجهه وذراعاه قد احترقت من الشمس، وكان نحيفاً جداً بسبب الصوم. صرخ الرجل بصوتٍ عالٍ: “لقد وُجدتُ من الذين لم يطلبونني. وأعلنت ذاتي لمن لم يسألوا عني”. تحولت كل الأنظار إليه، وصارت صرخة مدوية من كل الحاضرين حين اكتشفوا أنه قائد المئة جوردياس. فرح المسيحيون إذ رأوا ذاك المؤمن الأمين في وسطهم، أما الوثنيون فصرخوا متضايقين لأنه اعترض مسار السباق. لم يُبالِ أحد بالخيول والمركبات فقد توجهت كل الأنظار إلى جوردياس، سواء الذين اشتاقوا إلى رؤيته أو الذين كانوا في سخطٍ وغضبٍ لما فعله. توقفت كل الموسيقى، وصار صمت في ساحة المسرح، فالكل يريد أن يفهم ماذا يُريد هذا الرجل! اُقتيد الرجل إلى حيث كرسي الحاكم الذي كان حاضراً السباق. وسُئل جوردياس عن شخصه وسرّ مجيئه. روى جوردياس قصته أنه مواطن من هذه المدينة، وكشف عن شخصه وعائلته، ووظيفته كقائد مئة، وأنه ترك وظيفته وهرب.
وأكمل حديثه قائلاً للحاكم: “لقد عدت لأعلن إني لا أبالي بمنشوراتك، وإني أضع رجائي وثقتي في يسوع المسيح وحده”. اغتاظ الحاكم جداً لأنه أفسد الجو الخاص بالاحتفال، ولأنه أعلن موقفه من المنشورات بجسارة، فأمر بتعذيبه? ترك الكل أماكنهم وتجمهروا حول المحكمة، وجاءت الجماهير من كل المدينة لترى ما يحدث. يقول القديس باسيليوس الكبير أن الجماهير كانت تتدفق كالنهر نحو موضع الاستشهاد. جاء الأشراف مع العامة، وترك الناس بيوتهم مفتوحة، وترك التجار محال تجارتهم وعملائهم، وصار السوق فارغاً تماماً واندفع الكل ليروا هذا الرجل. حتى النساء جئن على عجلة وقد غفلن عن ارتداء الملابس اللائقة بالاحتشام خارج المنزل، ونسي المرضى أمراضهم وأوجاعهم وجاءوا أيضاً إلى المشهد. حاول أقرباء القائد أن يثنوه عما يفعله، طالبين منه أن يعتذر للحاكم لأنه أساء إلى دين الدولة، أما هو فكان يرشم نفسه بعلامة الصليب، محتملاً العذابات بفرح، من جلدٍ بالسياط واستخدام الحصان الصغير والحرق بالنار والتقطيع بالسكين، وأخيراً قطعت رأسه.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت