الولادة: –
الوفاة: 859
الزواج بغير إرادته
اسمه يعني يوحنا المصري، لأن كلمة “كاما” أو “كامي” كلمة قبطية معناها أسود، وهي مشتقة من كيمي (مصر) لتربتها السوداء. وُلد هذا القديس في قرية شبرا منصور، تقع في مديرية الغربية بالدلتا، من أبوين مسيحيين خائفين الرب ولم ينجبا سواه. فاهتما بتربيته تربية مسيحية حتى أصبح شاباً، وكان يريد أن يعيش بتولاً، إلا أن والديه أرغماه على الزواج بغير إرادته، فما كان منه إلا أن دخل مخدعه، وأخذ يصلي فترة طويلة طالباً بحرارة من الله أن يعينه على تحقيق رغبته، وحفظ بتوليته مكرسة لربنا يسوع المسيح العريس الحقيقي.
بتوليتهما
ولما أكمل الصلاة وذهب إلى عروسه خاطبها قائلاً: “يا أختي المباركة أنتِ تعلمين أن العالم وكل ما فيه سيزول كقول القديس يوحنا الحبيب البتول أن العالم يمضي وشهوته. فهل لكِ أن توافقينني على حفظ جسدينا طاهرين، مكرسين حياتنا لمن خطبنا بدمه؟” أجابته بفرح قائلة: “إن هذا كان قصدي وغاية مناي ومسرة قلبي يا أخي”.
وهكذا اتفق الاثنان على ذلك وأقاما زماناً كما يقيم الأخ مع أخته، متممين اتفاقهما على ما يفوق الطبيعة من سمو وروحانية مهتمين بما فوق، وكانا إذا رقدا ينزل ملاك ويظلّل عليهما بجناحيه.
في البرية
ثم بعد قليل قال القديس يوحنا لزوجته: “ما رأيكِ يا أختي أنني أشتهي الذهاب للبرية للتفرغ لعبادة ربنا يسوع المسيح ولكنني لا أستطيع أن أفعل ذلك إلا برضاكِ”. فوافقته هي أيضاً على ذلك برضا كامل، وأعلنت اشتياقها للرهبنة أيضاً مثله، فشكر الله كثيراً وأخذها إلى أحد بيوت العذارى وتركها هناك وعاشت راهبة فاضلة حتى أصبحت أماً للدير.
أما هو فذهب إلى برية شيهيت، وفي الطريق ظهر له ملاك الرب وأرشده إلى دير القديس مقاريوس الكبير، فمضى إليه وترهّب هناك في قلاية الأب ثيروتي، وأقام عند هذا الشيخ يتعلم منه الفضيلة إلى أن تنيّح. أمره الملاك أن يمضي إلى غرب دير الأنبا يوحنا القصير ويبني هناك مسكناً له، فمضى وفعل كما أمره الرب.
وهكذا استمر في العبادة بحبٍ ونشاطٍ، وبدأ البعض يتعرّف عليه ويُعجب بحياته وقداسته حتى اجتمع حوله ثلاثمائة أخ. فكان يبني لهم القلالي وبنى كنيسة على اسم والدة الإله القديسة مريم، وأطلق اسمها المبارك على الدير. وقد ظهرت للقديس في رؤيا ليلاً وقالت له: “إن هذا المكان هو مسكني، وإني سأكون مع أولادك كما كنت معك”.
سيامته قمصاً
رُسِم قمصاً رغم احتجاجه بأنه غير مستحق لهذه الكرامة الروحية. وبعد رسامته بأسابيع رغب رهبان بعض الأديرة في الصعيد أن يكونوا تحت إرشاد القديس، فأرسلوا إليه طالبين حضوره. فدعا تلميذه شنودة وكلفه رعاية الاخوة حتى يعود. ولما أخذ يوحنا يتنقل بين أديرة الصعيد عثر على ديرٍ مهجورٍ فأقام فيه، وسرعان ما سمع الناس عنه، فهرعوا إليه لينالوا بركته، وتتلمذ له عدد منهم أحبوا أن يعيشوا في حمى صلواته. هكذا صار هذا القديس المجاهد أباً لطغمة روحانية من الرهبان حتى أكمل جهاده وتنيّح بسلام في الرابع والعشرين من شهر كيهك سنة 575ش (859م).
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين ـ رصد انترنت