إنّ رسائل العهد الجديد بما تضمنته، من حث على الفضيلة وتحذير من السقوط في بعض الخطايا والانحرافات اللاهوتية والعقيدية والروحية، إنّما تُظهر يقظة الكنيسة الأولى وحرصها على أن يكون جميع أعضائها مقدسين جسداً وروحاً، سالكين في وصايا الرب بلا لوم، مدقّقين في حفظ الإيمان القويم الذي سُلّم مرة للقديسين. والمسيحيّة كدين جديد صاعد منبثق من اليهودية، وكان التصادم بينهم وبين اليهودية العتيقة المتأصلة، صدام من الخارج ومتاعب من الداخل. وأيضاً ما لبثت المتاعب أن ظهرت من ناحية الأمميين الوثنيين، بعد أن اتسعت دائرة الإيمان وكثُر عدد المؤمنين منهم. فكان أمراً طبيعياً إذن أن تواجه الكنيسة المسيحية الناشئة هذه المشاكل الإيمانية العقيدية مجتمعة، وكان لا بدّ أن تجد لها حلاً، وقد أخذت الكنيسة، منذ أول عهدها، بمبدأ حل المشاكل التي تواجهها بواسطة مجامع دينية. وعلى هذا فيمكن القول أنّ الفكرة المجمعية قد انبثقت في الكنيسة الأولى، نتيجة إحساسها بالحاجة إليها. يتحدث الأنبا يوأنس (أسقف الغربية) في كتاب محاضرات في التاريخ الكنسي - المجامع الكنسية عن الفكرة المجمعية في اليهودية وفي كنيسة الرسل وما بعد العصر الرسولي، وعن عضوية المجامع وبعض أحكامها الباطلة. كما يتحدّث عن مجمع نيقية المسكوني، والقسطنطينية وأفسس وعن الشرق بعد مجمع خلقيدونية.