الولادة: –
الوفاة: –
تكشف سيرة هذه الأرملة التي عاشت في القصر الإمبراطوري عن قوة الإيمان الذي يسحب قلب الإنسان من وسط ملذات قصور الأباطرة ليرفعه إلى العرش ويتمتع بالحياة الملائكية. هكذا عاشت هذه الفتاة في جناح النساء بالقصر الإمبراطوري في القسطنطينية، لكنها لم ترتبك بملذات القصر ولا بإمكانياته، بل سلكت بروح الحكمة والتقوى، فكرّست كل طاقاتها لخدمة طفليها اليتيمين وتفرّغت لحياة الشماسية تحت قيادة روح الله القدوس.
هنا أيضًا ننحني بإجلال أمام القديس جيروم الذي يكشف في رسالته لتعزيتها عند وفاة زوجها الشاب أنه يحمل قلباً أبويّاً نحو كل المؤمنين، فيجد لذّته في تقديم راحة لكل قلب جريح. وأيضاً أمام القديس يوحنا ذهبي الفم الذي أخرجها من حالة الترمّل القاسية وهي شابة لتكرس طاقاتها لخدمة ملكوت الله.
نشأتها
هي ابنة جيلدو Gildo، الذي كان له مركزه في أفريقيا. وكما يقول القديسان جيروم وذهبي الفم أن النساء في عائلة Gildo يتّسمْن بفضائلٍ عُظمى على نقيض الوحشية والبهيمية التي تلتصق باسمه. في القصر الإمبراطوري إذ كانت لا تزال فتاة صغيرة أُرسلت سالفينا إلى بلاط الإمبراطور ثيؤدوسيوس كعلامة ولاء والدها وولاء كل ولاية أفريقيا التي يحكمها جيلدو. تربّت في القصر مع صغار الأسرة الإمبراطورية وفي حوالي سنة 390م تزوّجت نابريديس Nabridius ابن أخت الإمبراطورة. هذا الذي تعلّم مع ابني خالته أركاديوس وهونوسيوس اللذين صارا إمبراطورين فيما بعد. مات نابريدس بعد فترة قصيرة تاركاً لها ابناً يُدعى نابريدس وابنة. كرّست سالفينا حياتها لخدمة الله.
ذاعت شهرتها إلى فلسطين فكتب إليها القديس جيروم رسالة مع أنه كان غريباً في فلسطين. التصقت هي وطفلاها بوالدتها أرملة جيلدو،حيث مات والدها في عام 398م. غيرة سالفينا للتقوى جعلتها تلتصق بسرعة بالقديس يوحنا ذهبي الفم، فصارت إحدى شماساته على قدم المساواة مع الشماسة أولمبياس والشماسة بنتاديا Pentadia. بقيت معه حتى النهاية، وعندما أُستبعد ودّعته هي وأولمبياس وبنتاديا وبروكيولا Procula في معمودية الكاتدرائية ليلة استبعاده.
رسالة القديس جيروم (رسالة 79)
كتب لها القديس جيروم يعزّيها في موت زوجها، يمتدح فيها عفة رجلها وسخاءه في العطاء للفقراء. ويحذّرها من المخاطر التي قد تحل بها كأرملة، ويشجّعها لكي تكرّس كل طاقاتها لخدمة ابنها وابنتها، مظهراً لها أن هذه هي مسئوليتها الرئيسية. [هذه التي أكتب لها الآن هي غنية وفقيرة، حتى أنها لا تستطيع أن تخبر بما لديها حقيقة. لست أتحدث إليها من أجل حافظة أموالها، بل من أجل نقاوة نفسها. لا أعرف وجهها، لكنني تعرّفت حسناً على فضائلها. فإن التقارير تنطق عنها وعن صباها هذه التي تلهج بالأكثر بطهارتها. بحزنها على رجلها الشاب تُقدم مثلاً لكل الزوجات؛ وبضبطها للنفس تبرهن عن إيمانها أنه لم يُفقد لكنه ذهب أمامها. عظمة احتمالها لموت حبيبها أبرز صدق تديّنها.
فبينما هي قادرة على التفكير في نابريديس المفقود، تعرف أنه لا يزال معها في المسيح. ولكن لماذا أكتب إلى شخص غريب عني؟ لثلاثة أسباب: أولاً: فإنني ككاهن مرتبط أن أحب كل المسيحيين كأبناء لي، وأجد مجدي في إراحتهم. ثانياً: لأنه كانت تربطني بوالد نابريديس علاقات قوية (كان حاكماً في الغال أولاً ثم ذهب إلى الشرق). ثالثاً: وهذا هو السبب الأقوى من السببين السابقين، وهو إني عجزت عن أن أقول لا لابني أفيتوس.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت