الولادة: –
الوفاة: –
نقرأ عنه ضمن سيرة البابا إبرام بن زرعة السرياني البابا الـ 62 (975-978م)، والذي تمت في عهده معجزة نقل جبل المقطم. فقد أوغر الوزير اليهودي الذي أسلم يعقوب بن كلِّس صدر المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين في مصر ضد النصارى. وكان هذا الخليفة متسع الأفق واسع الصدر فهيماً، فقال له الوزير: “مكتوب في إنجيل النصارى (من كان له إيمان مثل حبة خردل فإنه يقول للجبل انتقل واسقط في البحر فيفعل)، فإما أن يكون النصارى على صدق أو كذب في إنجيلهم”.
استدعى الخليفة البطريرك وسأله عن حقيقة ورود هذا القول في الإنجيل فأجاب بالإيجاب. طلب إليه أن يرى هذه الآية وإلا أفنى النصارى بالسيف. كانت مفاجأة للبطريرك واعتراه خوف عظيم ولم يعرف بماذا يجيب سوى أن طلب أن يمهله ثلاثة أيام. استدعى البطريرك الكهنة والأراخنة والشعب في بيعة العذراء المعروفة بالمعلقة وأعلمهم بالأمر وهو يبكي. ووضع على الرهبان قانون صلاة وصوم بالخبز والملح والماء من المساء إلى المساء وأن يجتمعوا في الكنيسة ليل نهار. أما البطريرك فظل صائماً هذه الأيام الثلاثة، ومن فرط حزنه وإعيائه سقط في صبيحة اليوم الثالث على الأرض وغفا غفوة يسيرة، فرأى السيدة العذراء وقالت له بوجهٍ فرحٍ: “ما الذي أصابك؟” أخبرها بالأمر فقالت له العذراء: “لا تخف فإني ما أغفل عن الدموع التي سكبتها في كنيستي هذه”.
وقالت له أن يقوم ويخرج من موضع معين يؤدي إلى السوق الكبير، وسيجد إنساناً بعينٍ واحدةٍ يحمل جرة ماء، وهذا الإنسان هو الذي تتم على يديه الآية.
استيقظ البطريرك وهو مرتعب ونهض بسرعة وسار في الطريق كما قالت له العذراء، ووجد الرجل فأمسكه وقال له: “من أجل الرب ارحم هذا الشعب”، ثم روى له عن الموضوع الذي لأجله تقابل معه. فقال له الرجل: “اغفر لي يا أبي فإني خاطئ ولم أبلغ إلى هذا الحد”. عندئذ أخبره البطريرك بما قالته له السيدة العذراء، ثم سأله عن صناعته فأراد أن يخفي أمره، لكن البطريرك وضع عليه الصليب وسأله أن لا يخفي شيئاً عنه من أمره”. قال له: “يا أبي أنا أخبرك بحالي على أن تكتمه. أنا رجل دباغ وعيني هذه التي تراها أنا قلعتها لأجل وصية الرب عندما نظرت ما ليس لي نظرة شهوة. ورأيت أنني ماضٍ إلى الجحيم بسببها، ففكرت وقلت الأفضل لي أن أمضي إلى الحياة بعينٍ واحدةٍ كما قال السيد المسيح، من أن أمضي إلى الجحيم بعينين. وأنا في هذا الموضع أجير لرجلٍ دباغ، ولا يفضل مما أعمل به في كل يوم إلا خبزاً آكله، والباقي أعطيه للمستورين المنقطعين من الاخوة نساءً ورجالاً.
وهذا الماء أستقيه لهم كل يوم قبل أن أمضي إلى شغلي وأمضي به إلى قوم فقراء لا قدرة لهم على شرائه من السقا، فنهاري كله أعمل في المدبغة وليلي أقضيه في الصلاة. هذا هو حالي وأنا أسألك يا أبي ألا تظهرني لأحد فليس لي قدرة أن أحتمل مجد الناس بل الذي أقوله لك افعله. أخرج أنت والكهنة والشعب كله إلى الجبل الذي يقول لك الخليفة عنه، ومعكم الأناجيل والصلبان والمجامر والشمع الكبير. وليقف الخليفة وعسكره وجماعته في جانب وأنت وشعبك في جانب وأنا خلفك قائم في وسط الشعب بحيث لا يعرفني أحد. وأصرخ أنت وكهنتك قائلين يا رب ارحم عدة مرات ثم مُرهم بالسكوت والهدوء وتسجد ويسجدون كلهم معك وأنا أسجد معكم من غير أن يعرفني أحد. وافعل هكذا ثلاث مرات وكل دفعة تسجد وتقف تُصلِّب على الجبل فسترى مجد الله. طاب قلب البابا بهذا الكلام وتوجه للخليفة المعز ومعه الشعب وقال له أنه مستعد للخروج للجبل.
وفعل البطريرك كما قال له الرجل، وصرخوا دفعات كثيرة “يا رب ارحم”. ثم أمرهم بالسكوت وسجد على الأرض وسجد الجميع معه ثلاث مرات، وكل مرة يرفع وجهه ويصلِّب يرتفع الجبل عن الأرض، وإذا سجدوا نزل الجبل إلى حدّه. فاعترى الرعب الخليفة ومن معه وصاحوا “الله أكبر”. ثم قال المعز للبطريرك بعد ثالث مرة: “حسبك يا بطريرك، قد عرفت صحة دينكم”. فلما هدأ الموقف التفت البطريرك يطلب الرجل القديس سمعان فلم يجده!
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت