الولادة: –
الوفاة: –
مقدم الأراخنة القبط
كان من عظماء القبط في القرنين العاشر والحادي عشر للميلاد، وكان كبير الكُتاب المباشرين في عصره كما كان مقدّم الأراخنة القبط في عهد الحاكم بأمر اللّه الخليفة الفاطمي، وكان هذا الشيخ الكبير يعاصر البابا فيلوثاؤس البطريرك 63.
استشهاده
كان يوحنا هذا مسيحياً تقياً وباراً محسناً ومحباً للكنيسة، وغيوراً على الإيمان الأرثوذكسي. ولما انتهي الحاكم بأمر اللّه الخليفة الفاطمي (996 – 1020م)، الذي اتسمت تصرفاته بالشذوذ والتطرف من إفناء خاصته ومقدّمي جيشه عاد إلى الأراخنة ورؤساء الكُتاب فأخذ منهم عشرة وعرض عليهم الإسلام، وكان يوحنا أبو نجاح الكبير رئيس المقدّمين على رأسهم.
طلب إليه الحاكم أن يعتنق الإسلام ليجعله وزيراً، فطلب من الخليفة أن يمهله يوماً يفكر فيه، ولم يكن طلبه مهلة اليوم للتفكير بل للاتصال باخوته وحثهم على الثبات في الإيمان والموت على اسم المسيح.
وحينما اجتمع بهم قال لهم: “الآن يا اخوتي لا تطلبوا هذا المجد الفاني فتضيّعوا مجد السيد المسيح الدائم الباقي، فقد أشبع نفوسنا من خيرات الأرض، وهوذا برحمته قد دعانا إلى ملكوت السموات، فقوّوا قلوبكم”. قد كان من أثر كلامه الذهبي المملوء حكمة أن تقوّت قلوب سامعيه أجمعين، وثبتوا على أن يموتوا على اسم السيد المسيح، ثم صنع لهم في ذلك اليوم وليمة عظيمة، وأقاموا عنده إلى عشية ثم مضوا إلى منازلهم.
لما كان بالغداة مضى يوحنا إلى الحاكم بأمر اللّه فقال له الخليفة: “يا نجاح أترى هل طابت نفسك؟” أجابه يوحنا قائلاً: “نعم”. قال الخليفة: “على أي قضية؟” قال يوحنا بشجاعة وثبات: “بقائي على ديني”. اجتهد الحاكم بكل أنواع الترغيب والترهيب أن يحوله عن الإيمان المسيحي إلى الإسلام، فذهبت كلها أدراج الريح. فكان يوحنا كالصخرة لا يتزعزع، وثبت متمسكاً بالإيمان المسيحي، ولم يقوَ الحاكم مع ما أوتي من قوة على أن يخلعه من دين آبائه. لما فشل الحاكم أمام يوحنا أمر بنزع ثيابه عنه وأن يشد في الهنبازين ويُضرب. ضربوه خمسمائة سوط على ذلك الجسم الناعم حتى انتثر لحمه وسال دمه مثل الماء.
وكانت السياط المستعملة في الضرب مصنوعة من عروق البقر، لا يقوى الجبابرة على احتمال سوط منها على أجسامهم، فكم يكون الحال في هذا العود الرطب. ثم أمر أن يضرب إلى تمام الألف سوط. فلما ضرب ثلاثمائة أخرى قال مثل سيده: “أنا عطشان”. فأوقفوا عنه الضرب وأعلموا الحاكم بذلك فقال: “اسقوه بعد أن تقوّلوا له أن يرجع عن دينه ويعتنق الإسلام”. فلما جاءوا إليه بالماء وقالوا له ما أمر به الخليفة، أجابهم يوحنا بكل إباء وشمم قائلاً: “أعيدوا له ماءه، فإني غير محتاج إليه، لأن سيدي يسوع المسيح قد سقاني وأطفأ ظمأي”. وذكر شهود عيان أنهم أبصروا ماءً يتساقط من لحيته، ولما قال هذا أسلم الروح. أعلموا الخليفة الجبار بوفاته فأمر أن يُضرب وهو جثة هامدة حتى تمام الألف سوط. وهكذا تمت شهادته ونال الإكليل المُعد له من الملك العظيم يسوع المسيح.
استشهاد الرؤساء المقدّمين العشرة
لم يذكر تاريخ البطاركة اليوم الذي استشهد فيه، إلا أن المقريزى في خططه يقول: إن الرئيس فهد بن إبراهيم وهو أحد العشرة وزميل يوحنا بن نجاح قُتل في 8 جمادى الآخر سنة 393هـ الموافق 19 برمودة سنة 719م، 14 إبريل سنة 1003م. قد جاء خبر استشهاد السعيد الذكر يوحنا بن نجاح في تاريخ البطاركة، قبل ذكر استشهاد الرئيس فهد بن إبراهيم، كما أن يوحنا في وليمة أصدقائه وأهله الذين كان من بينهم التسعة المختارون الآخرون لم يُذكر خبر استشهاد الرئيس فهد فيما تكلم به أثناء الوليمة، وعلى ذلك يكون استشهاد هذا القديس في نفس اليوم الذي استشهد فيه الرئيس فهد.
تحتفل الكنيسة أيضاً بباقي رؤساء المقدّمين العشرة، الذين لما طالبهم الحاكم بترك دينهم ولم يفعلوا ذلك ولم يطيعوه، فأمر بتعذيبهم، فضُربوا بالسياط، ولما تزايد عليهم الضرب أسلم الروح منهم أربعة، ومات أحدهم في ليلته بعينها، وأما الباقون فقد ماتوا تحت العذاب، ولبسوا إكليل الشهادة ونالوا الحياة الدائمة له المجد دائما آمين.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت