المعاناة من المرض
أنا أعاني خوارج انقباض قلبيّة (عدم انتظار في ضربات القلب) منذ عام 2002 ، وأثناء تواجدي في سوريا زرت العديد من الأطبّاء لأجل العلاج، لكن للأسف بقيت هذه المشكلة متلاصقة بي، لذلك بتّ أتعايش مع هذه الحالة وكأنّها جزء منّي، رغم أنّها مزعجة ومتعبة جدّاً.
بعد انتقالي للسويد، بدأت بمتابعة الوضع الصحّيّ، وكان رأي الأطبّاء في السويد، موافقاً لرأي أطبّاء حلب على أنّ هذه الحالة غير خطيرة، ولكن تستوجب العلاج، لأنّ وضعها يسوء مع مرور الزمن.
مع بداية شهر آب 2017 بدأ وضعي الصحّيّ بالفعل يسوء، واقترح الأطبّاء ببدء علاج دوائيّ قد يساعد على تنظيم ضربات القلب وتهدئة النبضات القويّة، واستمريت على هذه الحال قرابة العام، لكن للأسف بلا جدوى، بل على العكس تماماً، عدد ضربات القلب غير النظاميّة تجاوز الحدّ المسموح به بـ 90 ضعفاً، أي أنّ القلب أصبح يصدر ضربات خارجة عن النظام القلبيّ بأكثر من 25 ألف ضربة إضافيّة يوميّاً. نتيجة لذلك اقترح الأطبّاء إجراء عمليّة للقلب، لأنّ الوضع الصحّيّ بات يتطلّب ذلك.كلّ هذا والحمد للّه، فعزيمتي كانت جيّدة جدّاً ووضعي النفسيّ بوضع جيد، بحيث كنت أتابع أعمالي ونشاطاتي على صعيد الأسرة والعمل، وثقتي وإيماني بربّي قد عظم.
عمليّة فاشلة هدّدت حياتي
منتصف شهر نيسان 2019 كان موعد العمليّة، وبحسب تقدير الأطبّاء بأنّها عمليّة سهلة ونسبة نجاحها تصل إلى 98%، وتستغرق وقتاً من ساعة إلى ساعتين كحدّ أقصى. أعلمت أسرتي وإخوتي المقيمين في السويد بموعدها، وطلبت منهم بمحبّة عدم إعلام أي شخص بذلك، حتّى لا أقلق أحداً وخاصّة أبي وأمّي اللذين يبعدان عنّي آلاف الكيلومترات.
بعد قرابة الخمس ساعات من العمليّة اضطرّ الأطبّاء إلى إيقافها لحدوث ثقب مفاجئ بالقلب أدّى إلى نزيف دمويّ هدّد حياتي.
للأسف انتهت العمليّة بالفشل، وبعدها مباشرة تمّ إدخالي إلى العناية المشدّدة للتعامل مع النزيف الحاصل، وبعد أن استقرّ وضعي الصحّيّ غادرت المشفى بعد عدّة أيّام، ولكن كنت ما زلت أعاني عدم انتظام في ضربات القلب، على أمل إجراء العمليّة مرّة ثانية بعد فترة من الزمن.
الإيمان والأمل في الشفاء
خلال تلك الفترة كنت تحت المراقبة الدوريّة، وخلال شهري أيّار وحزيران 2019 دخلت قسم الطوارئ مرّتين للسبب نفسه (عدم الانتظام في ضربات القلب وآلام في الصدر) ومع بداية شهر حزيران وأثناء الفحص الطبّيّ، أصرّ أطبّاء آخرون على إعادة إجراء العمليّة بأسرع وقت ممكن، لأنّي بحاجة ماسّة إليها، وبدأت هذه الحالة تشكل خطراً على حياتي.
حقيقة.. كنت متردداً على إعادة العمليّة لكونها هدّدت حياتي، ودائماً كنت أطلب من الربّ وأقول.. يا ربّ بلمسة منك يتمّ شفائي… وأنا أنتظرك يا ربّ.. نعم كنت ألحّ إلحاحاً على الربّ من أجل أن يلمسني، لأنّي كلّي ثقة بأنّ هذا البركان الّذي يثور في صدري سوف يخمد مباشرة بعد أن يلمسني الربّ يسوع.
يوم لن يُمحى من ذاكرتي
2019/06/27 تاريخاً لن أنساه أبداً، حيث قَدِم ابني الكبير من رحلة كشفيّة قضاها في لبنان، جالباً معه بعض الهدايا التذكاريّة. وبعد أن طلب منّا أن نغمض أعيننا ليقدّم لنا الهدايا، تفاجأت بأنّ هديتي الأولى كانت تمثالاً للقدّيس مار شربل.
رغم أنّي أكرّم القدّيسين، لكنّ الهديّة بالنسبة لي كانت غير سارّة أبداً، لأنّ العلاقة الّتي بيني وبين هذا القدّيس ليست طيّبة، فكثيراً ما كنت أتجاهل ذكره، كما كنت أتجاهل أن أردّد الترانيم الّتي تخصّه. ربّما يعود سوء هذه العلاقة إلى أنّ البعض من البشر قد عظّموا من شأنه لدرجة أنّهم قد اعتبروه إلهاً.
طبعاً أبديت مجاملتي في الهديّة، لكن بنفس الوقت طلبت من زوجتي عدم نزع الغلاف الشفّاف الّذي يغلّف التمثال، وقلت في نفسي أتمنّى أن لا يكون وجود هذا التمثال في المنزل نقمة علينا. (نعم هذا ما قلته).
حوار وتخاطر مع القدّيس شربل
وبينما كان ابني يقدّم للأسرة باقي الهدايا دار حوار وتخاطر سريع بيني وبين القدّيس.
قال لي القدّيس، ولكن أستطيع أن أشفي.. قلت له أنا واثق من خلال شفاعتك للربّ يمكن أن يتحقّق الشفاء، ولكن ألا ترى أنّك قد جلست عوضاً عن الربّ. قال لي لا.. فأنا أتشفّع وأتوسّل للربّ من أجلكم، وما يبالغ بعض الناس بي، فهذا شأنهم ولا علاقة لي به.
فكّرت بدهشة واهتمام ما دار من تخاطر وحوار بيني وبين القدّيس. بعد ذلك مسحت جبهتي بقطرة من الزيت الّتي جلبها ابني من دير عنايا، وطلبت شفاعة القدّيس لدعم صلاتي الموجّه للربّ.
في صباح اليوم التالي كنت في إجازة عن العمل. استيقظت ومارست حياتي الطبيعيّة، وكان الربّ قد حجب عن فكري كلّ ما حدث أمس، بحيث لم يعد يخطر على فكري مطلقاً لا سيرة القدّيس ولا حتّى أيّ شيء يتعلّق بمجريات أمس. نعم وكأنّ كل الأحداث التي حدثت أمس، قد شُطبت من ذاكرتي.
في المساء شعرت بأنّ ضربات قلبي أفضل من السابق، وأنّ وضعي الصحّيّ جيّد، فقلت في نفسي وكذلك لأسرتي أشعر ولأوّل مرّة بأنّي اليوم مرتاح من الاضطرابات القلبيّة. طبعاً كما ذكرت سابقاً، لم يخطر على بالي أبداً مجريات وأحداث أمس، وعائلتي لا تعلم مطلقاً بحقيقة مشاعري تجاه القدّيس ولا أيضاً ما حدث معي أمس.
هل نسيت شفاعتي؟!
بعد ظهر اليوم التالي، السبت الموافق 29 حزيران 2019 كنت وعائلتي في إحدى البحيرات الجميلة في وسط استوكهولم، وبينما أنا مستلق على ظهري في البحيرة وعيناني مغمضتان من شدّة أشعّة الشمس، قلت لنفسي الحمد للّه أنّ نبض القلب سليم اليوم أيضاً……. وفجأة رأيت صورة القدّيس مار شربل بمخيّلتي وصوته يقرع أذني قائلاً: وهل نسيت شفاعتي؟!!!! هل نسيت شفاعتي؟!!!!.. نعم سمعتها مرّتين.
في البحيرة قبل الحدث بدقائق
وقفت فوراً وأنا مذهول ومصاب بصدمة مملؤة بسعادة غامرة من جهة، وبحزن في نفسي من جهة أخرى، لأني نسيت تماماً الموقف الّذي حدث معي قبل يومين. خرجت من الماء وأنا أتساءل: هل حقّق الربّ مطلبي وشفّاني بعد معاناتي الطويلة، منذ أن مسحت الزيت على جبهتي، ودخل مار شربل بيتي.
الشفاء المعجزيّ
طلبت من أسرتي مغادرة البحيرة والعودة إلى المنزل، وبعد وصولنا مباشرة دخلت غرفي، وأخرجت جهازاً اعتدت استخدامه منذ سنوات. هذا الجهاز يقوم بفحص مدى انتظام ضربات القلب. وصلت الجهاز على ساعدي، وترقّبت النتيجة باهتمام بالغ.. نعم .. كانت النتيجة رائعة، لا تُصدّق، ونبضات القلب طبيعيّة جدّاً.
حينها أغلقت الجهاز… وبكيت بكاء مرّاً، نعم بكيت بشدّة، وأنا أتذكّر كلّ الأحداث من لحظة الحوار الّذي دار بيني وبين القديس شربل، إلى صوته وصورته في البحيرة، وأيضاً النتيجة الّتي رأيتها ولأوّل مرّة على جهاز فاحص القلب الّذي أظهر سلامة النبض. فهل منحني الربّ بركة الشفاء؟! هذه النتيجة التي لم أرها منذ سنين طويلة.
دخلت زوجتي الغرفة، ورأتني بمشهد لم تعهده أبداً، فكنت حينها أجهش كطفل صغير بالبكاء، فأدركت أنّ هناك حدثاً خطيراً أو موقفاً مؤلماً قد أصابني، وأصرّت على معرفة السبب، لكن من شدّة بكائي لم أستطع إلّا أن أقول لها.. اطمئنّي.. الأمر خير.
التصديق على الشفاء
بعد ثلاثة أيّام وبالتحديد في الأوّل من تمّوز 2019 كان لي موعد مسبقاً في المشفى، من أجل أن يقوموا بتركيب جهاز “هولتر”، وهو جهاز يحمله المريض معه أينما ذهب، ليقوم بفحص نبضات القلب لمدّة 24 ساعة متواصلة.
بعد عدّة أيّام وصلني التقرير الطبّيّ الّذي يفيد بأنّ القلب يعمل بشكل منتظم وطبيعيّ جدّاً، وقد اختفت وزالت تماماً كلّ حالات خوارج الانقباض، وانتظمت دقّات القلب، وكذلك اختفت كلّ الضربات القويّة الّتي كانت تُرهق القلب والصدر معاً.
بعد ذلك بعدّة أيّام اتّصل بي الطبيب الّذي أجرى لي العمليّة الفاشلة، ليطمئنني على أنّ وضع القلب عاد طبيعيّاً، ولا وجود لأي نوع من الضربات الإضافية أو الضربات القويّة، ولا داعي لإعادة إجراء العملية.
حينها سألت الطبيب …
هل تذكر أيّها الطبيب أنّي سألتك بعد العمليّة بساعات.. هل من الممكن أن تنتظم دقّات القلب، وتعود طبيعيّة مع مرور الوقت؟
حينها أجبتني..
لا .. فأنت حكماً بحاجة إلى عمليّة أخرى.
يا دكتور.. بتقديرك لماذا اختفت كلّ المشاكل، وعاد القلب يعمل بشكل طبيعيّ. طبعاً تلكّأ الطبيب بالكلام، ولم يتفوّه بأيّ مبرّر.
في 10 أيلول 2019، كان لي موعد في المشفى من أجل الاطمئنان على وضع النزيف الّذي حصل معي في أثناء العمليّة وأيضاً لمتابعة أداء القلب.. والحمد للّه كانت النتيجة تدلّ على أنّ النزيف انخفض إلى أدنى مستوى له وأداء القلب عاد طبيعيّاً تماماً، بعد أن اختفت وزالت كلّ الضربات الإضافية والقويّة الّتي رافقت القلب في السنوات الماضية، وبتاريخ 2019/10/17 أكّد لي الطبيب الّذي أجرى لي العمليّة صحّة ما جاء في التقرير.
لا تفسير طبي لدى لجنة الأطباء في السويد
وفي لقاء أخير مع الطبيب، قال لي حقيقة بعد أن رأيت النتائج، قمت بتشكيل لجنة مؤلفة من ثلاثة أطباء لدراسة ما حصل معك، ولم نصل إلى أيّ تفسير لذلك، وبعد أن ذكرت له الأحداث التي مررت أنا بها، قال لي: نحن لا نؤمن بذلك، ولا بالمعجزات، لكن بنفس الوقت حقيقة لم نجد أي تفسير علمي أو طبي لما حصل معك. قبل أن أغادر، طلب مني أن أكتب له اسم هذا القديس على ورقة. وقد قلت في نفسي علّ ذلك يقودك إلى درب الخلاص ومعرفة الرب.
تسجيل نعمة الشفاء
تمّ إرسال هذه الرسالة إلى الأب لويس مطر قيم دير مار مارون – عنايا – لبنان مع كافّة التقارير الطبّيّة الّتي تثبت صحّة ذلك.
بتاريخ 2019/10/22 وبعد الاطّلاع على جميع التقارير الطبّيّة المرسلة والاستماع إلى شهادتي، تمّ تسجيل نعمة الشفاء هذه في دير مار مارون – عنايا – لبنان، وقد تمّ الإعلان عنها رسميّاً.
نعم.. بنقطة زيت وقليل من الإيمان قد خمد البركان الّذي كان يثور في صدري لأكثر من 17 عاماً، وإن شاء اللّه إلى الأبد. ليمتجد اسم اللّه وابنه الحبيب سيّدنا المسيح وروحه القدّوس، وشفاعة القدّيس الحبيب مار شربل وأمّنا العذراء وكلّ القدّيسين.آمين
بيير جرجي
استوكهولم- السويد
22/10/2019
القلب قبل وبعد نيل بركة الشفاء
الأب لويس مطر يعلن بركة الشفاء أمام العلن