الولادة: –
الوفاة: –
هو أسقف تارّاجونا Tarragona التي كانت في ذلك الوقت عاصمة أسبانيا، وتميز بالغيرة المقدسة والروح الرسولية. وحين اشتد اضطهاد فالريان Valerian وجالّينوس Gallienus سنة 259م قُبِض عليه، بأمر الحاكم إيميليان Emilian مع الشماسين أوجوريوس Augurius ويولوجيوس Eulogius وذلك يوم الأحد من منتصف يناير.
سار مع الحراس وهو في منتهى الفرح فألقوه مع الشمّاسين في السجن. كان فرَكتيوسُس يبارك جموع المؤمنين الذين أتوا لزيارته. وفي يوم الاثنين عمَّد أحد الموعوظين اسمه روجاتيان Rogatian. وفي يوم الأربعاء استمر صائماً حتى الساعة الثالثة بعد الظهر. وفي يوم الجمعة أي بعد أسبوع من القبض عليه أمر الحاكم بإحضاره للمحاكمة.
سأله الحاكم إن كان يعلم بأوامر الإمبراطور، فأجابه فرَكتيوسُس بالنفي ولكن بِغَضَّ النظر عن هذه الأوامر فهو يعترف بمسيحيته. قال له الحاكم: “الإمبراطور يأمر الكل بالتبخير للأوثان”، فأجابه القديس: “أنا أعبد الله الواحد الذي خلق السماء والأرض وكل ما فيهما”. سأله إيميليان: “ألا تعلم أنه يوجد آلهة أخرى؟” فلما أجابه القديس بالنفي قال له الحاكم: “سوف أجعلك بعد قليل تعلم تلك الحقيقة. ماذا يبقى لأي إنسان يرفض عبادة الآلهة والإمبراطور؟” ثم تحوّل إلى أوجوريوس طالباً منه عدم الاكتراث بما قاله الأسقف، ولكن الشماس أكّد له أنه لا يعبد سوى الله السرمدي وحده. التفت إلى يولوجيوس الشماس الآخر وسأله إن كان هو الآخر يعبد فرَكتيوسُس فأجابه القديس: “أنا لا أعبد فرَكتيوسُس ولكن الإله الذي يعبده فرَكتيوسُس”. أخيراً أمام اعتراف الثلاثة أمر بحرقهم أحياء فوراً. كان الوثنيون ينتحبون لرؤية القديسين الثلاثة يساقون للموت، فإنهم كانوا قد أحبوا فرَكتيوسُس لصفاته وفضائله النادرة، وسار معهم المسيحيون بمشاعر تمتزج بين الحزن والفرح، ولما قدموا للقديس فرَكتيوسُس كأس نبيذ لم يرد أن يشرب قائلاً أن الوقت لم يأتِ بعد ليكسر صومه إذ كانت الساعة لا تزال العاشرة صباحاً، مظهراً شهوته في أن ينهي صومه هذا اليوم مع البطاركة والأنبياء والقديسين في السماء.
وحين وصلوا إلى ساحة الاستشهاد تقدم الشماس أوجوستاليس Augustalis من أسقفه طالباً منه بدموع أن يسمح بأن يخلع له حذائه، إلا أن القديس أجابه أنه يستطيع أن يفعل ذلك بنفسه وخلعهما بالفعل. ثم تقدم رجل مسيحي آخر اسمه فيلكس Felix طالباً إليه أن يذكره في صلواته، فأجابه فرَكتيوسُس: “أنا مُلزَم بالصلاة من أجل الكنيسة الجامعة الممتدة في العالم من شرقه إلى غربه”.
ويُعَلِّق على هذا الكلام القديس أغسطينوس قائلاً: “لقد قصد الشهيد أن يقول للرجل إذا كنت تريدني أن أصلي لأجلك فلا تترك أو تنعزل عن الكنيسة التي أصلي لأجلها”. إذ طلب إليه أحد رعيته واسمه مارتيال Martial أن يلقي كلمة تشجيع لشعبه، التفت القديس إلى المسيحيين وقال: “يا اخوتي لن يترككم الرب كقطيع بدون راعٍ فهو أمين لكل وعوده، ولحظات ألمنا ومعاناتنا ما هي إلا قصيرة”. ربطوا الشهداء إلى أعمدة لكي يحرقوهم، ولكن النيران لم تحرق سوى الحبال فأعطتهم الفرصة لكي يمدوا أيديهم ويرفعوها للصلاة، ثم ركعوا على ركبهم وهكذا أسلموا أرواحهم للّه قبل أن تحرقهم النيران.
وقد رأى خادما الملك بابيلاس Babylas وميجدونيوس Mygdonius السماء مفتوحة والقديسين محمولين إليها وعلى رؤوسهم أكاليل. وفي المساء أتى المسيحيون وحملوا أجساد الشهداء، ولما حاول الكثيرون الاحتفاظ بأجزاء منها للبركة أُعلِنوا في رؤيا أن يعيدوها ويدفنوها وهو ما نفذوه بالفعل.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت