الولادة: –
الوفاة: –
شهادة القديس جيروم عن القديس كوبرس
تحدث القديس جيروم عن القديس “كوبرس” قائلاً بأنه رأى هذا الذي كان يقيم في البرية، وكان رئيساً لدير يضم 50 راهباً، وكان يقوم بعمل معجزات عظيمة، فكان يشفي الأمراض المتنوعة، ويطرد الشياطين من المكان، ويُخرج الأرواح الشريرة وغيرها من الأمور العجيبة التي رأيناها بعيوننا. كما قال: [ولما رآنا حيّانا وصلى لنا، وغسل أقدامنا، وبدأ يسألنا عن العالم والأمور السياسية الحادثة فيه، ولكننا ناشدناه أن يذكر لنا سيرة حياته، وكيف أعطاه الله هذه المواهب؟ وتحدث بتواضعٍ وقال: (بتاربموتس اللص يصير قديساً) كان أمامي أب يُدعى “بتاربموتس” الذي كان رئيساً للرهبان.
وسكن في هذا المكان وكان أول من ارتدى الثوب الرهباني الذي أرتديه وأول من ابتدع شكله. وكان سابقاً لصاً وسارقاً لقبور الوثنيين. وقد اشتهر بارتكاب الشر من كل نوع، سواء من قطع الطريق أو السرقة” أو غيرهما من أعمال الشر. أما سبب خلاص نفسه، فقد ذهب ذات مرة ليسرق بيتاً، وكانت تُقيم به قديسة عفيفة. ودون أن يدري وجد نفسه على سطح منزلها. ونظراً لأنه لم يتمكن من الدخول للبيت لسرقته لأن سقفه كان مستوياً، وليس هناك مواسير لتسريب مياه المطر (مزاريب) يمكن تسلقها والدخول عن طريقها أو الخروج من هذا البيت فلم يستطع النزول والهرب منه، فقد اضطر إلى البقاء إلى الصباح، وأخذ يفكر فيما ينبغي عمله حتى طلوع النهار.
غلبه النُعاس، فرأى ملاكاً في شكل إنسان جاءه وقال له: “لا تكرّس كل حياتك وتعبك للسرقة، ولو أردت أن تغيّر حياتك الشريرة إلى أعمال صالحة، ستخدم خدمة الملائكة أمام الملك المسيح وسيعطيك القوة والسلطان لغلبة الخطية”. وبمجرد أن سمع هذا الكلام فرح به، فأرشده الملاك للذهاب إلى جماعة من الرهبان وأمره بأن يتولى قيادتهم! ولما استيقظ من نومه وجد الراهبة واقفة أمامه وقالت له: “يا رجل لماذا جئت إلى هنا؟ وما هو غرضك؟ ومتى جئت؟ ومن أنت؟” فقال لها: “لست أدري، ولكن أرجوكِ أن تقوديني إلى الكنيسة”.
فلما ذهب إلى الكنيسة جثا أمام أقدام الشيوخ (الكهنة) وتوسل إليهم لكي يصير مسيحياً، لكي يجد الفرصة للتوبة. فلما علم الشيوخ من هو تعجبوا وأرشدوه لكي لا يكون مجرماً فيما بعد. وأما هو فقد طلب منهم أن يُعلّموه المزامير. وبقي مع الآباء الكهنة الشيوخ ثلاثة أيام، ثم مضى على الفور إلى البرية. في البرية ولما عاش بها خمسة أسابيع بلا خُبز، جاءه رجل يحمل خبزاً وماء، وطلب منه أن يأكل ويشرب، وعاش ثلاث سنوات في صلوات ودموع.
وكان يتغذى على جذور النباتات البرّية. وبعد 3 سنوات عاد إلى الكنيسة، ونطق أمام الآباء بقانون الإيمان بالرغم من أنه لم يعرف القراءة فقد استطاع أن يكرر أمام الآباء ما حفظه عن ظهر قلب من الكتاب المقدس! وتعجب الآباء أن رجلاً مثل هذا قد اقتنى هذه الدرجة من المعرفة والنُسك، فأعطوه المزيد من المعرفة الروحية ثم عمّدوه، والتمسوا منه أن يمكث معهم ولم يبقَ معهم سوى سبعة أيام فقط ثم رحل إلى موضعٍ آخر في البرّية.
قائد رهباني
عاد من البرية بعد تدريب على حياة النسك وإنكار الذات. ثم دعا كثيرين ليتبعوا أثار خُطاه. وجاءه شاب يطلب أن يكون تلميذًا له، فلما قبله، ألبسه بالطريقة التي كان يرتدي بها ثيابه، وكان عبارة عن قميص قصير الأكمام وجلباب فوقه، وقلنسوة (طاقية) على رأسه، وشد وسطه بحزام، ثم أراه طريقة الرهبنة والبكاء على الخطايا، والجهاد في العبادة. وكانت من عادة القديس “بتاربموتس” أنه عندما كان يموت مسيحي، كان يظل بجواره طول الليل ساهراً ومصلياً، ويكفّنه بإكرام ويدفنه.
ولما رآه تلميذه وهو يُلبس الموتى المسيحيين بهذه الطريقة قال له: “هل يا سيدي ستدفني بهذه الطريقة عندما أموت؟” فقال له: “سألبسك هكذا. ثم ألف حول جسدك الكفن حتى تقول لي “كفى”! وبعد مدة قليلة مات التلميذ، وتمت كلمات سيده، فقد ألبسه بإكرام وبمخافة الرب وقال بصوتٍ عالٍ أمام كل الواقفين: “هل ألبستك حسناً يا ولدي؟ أو لا يزال ينقصك شيء؟!” فأرسل الميت صوتاً سمعه الجميع، قائلاً: “لقد ألبستني يا أبي حسب ما وعدتَ به ونفذته!” فتعجب الحاضرون ومجدوا الله.
ثم مضى القديس للبرية هارباً من المجد الباطل. وكان على القديس أن يعود إلى رهبانه وتلاميذه ولخدمة المرضى منهم. إقامة ميت ذهب القديس بتاربموتس لزيارة أخ مريض، ورأى أنه كان يعاني بشدة خلال سكرات الموت، وكان متعبًا في فكره، وكان عقله يلومه وضميره يوخزه بسبب شروره التي لم يكن قد تاب عنها بعد! فقال له القديس: “كيف تقدر أن تمضي إلى الرب وأنت تحمل معك دليل اتهامك بالإهمال في أعمالك؟” فتوسل إليه الأخ أن يصلي إلى الله من أجله ليعطيه عمراً قليلاً آخر ليُصلح حياته وأعماله. فقال له لقد انتهت حياتك وأنت تسأل وقتاً للتوبة؟ ماذا كنت تفعل طول حياتك؟ ألم تستطع أن تُصلح من عيوبك؟ ومع ذلك أضفت غيرها إلى إهمالك”. ولكن هذا الأخ ناشده أن يصلي ليقوم من فراش مرضه. صلى القديس ثم قال له: “إن الله منحك عمراً آخر قدره ثلاثة أعوام”، ثم أمسك بيده وأقامه فوراً من فراش مرضه، ثم قاده معه إلى البرية حيث عاش معه ثلاث سنوات.
الصلاة على الرمال
حضر إلى الأنبا كوبرس مرة مزارع وهو يحمل دلوًا به رمل، فلما سُئل القديس عن سبب ذلك قال: “إن القرية القريبة للدير قد تعرضت لخطر الديدان التي كانت تأكل المحصول، فصليّنا لهم على بعض الرمال وقلنا لهم أن يخلطوها بالتقاوي عند الزراعة، ولهذا يأتي الفلاحون إلى الدير لكي نصلي لهم على الرمال كما جرت العادة”.
قبول لص الإيمان
قال القديس كوبرس أنه كان لأخ حديقة خصص ثمارها للرهبان، فدخل إليها لص وثني وسرق بعض ثمارها وأوقد عليها لمدة ثلاثة ساعات ليطهيها، فظلّت كما هي، وكذلك تبقّى الماء دون أن يغلي. فتأثر بذلك وأحضر الثمار إلى القديس ورجاه أن يصفح عنه وأن يجعله مسيحياً. فقام القديس كوبرس بتعليمه مبادئ الإيمان المسيحي.
موسوعة قنشرين للآباء والقديسين والأعلام ـ رصد انترنت