من المسلم به أنّ السريان، وهم مسيحيو سوريا والعراق، قد نقلوا إلى العربية فلسفة اليونان وعلومهم. فكان لهم الفضل الكبير في إذكاء شعلة النهضة العلمية والفلسفية لدى العرب في مطلع القرن العباسي. ولكن هل كان السريان مجرد قناة مرت عبرها الثقافة اليونانية إلى العرب؟ هل كان بوسعهم أن يقوموا بهذا الدور الحضاري الهام، لو لم تكن هذه الثقافة قد بقيت حيّة ومزدهرة لديهم؟
إنّ أبا قرّة أحد روّاد الأدب المسيحي العربي، فقد كان يتقن اليونانية والسريانية والعربية معاً، وقد عاش في ألمع العصور العربية. وإنّ كتاباته جزيلة الفائدة لأسباب عديدة، فهي تشهد لمعتقد كنيسة أرثوذكسية شرقية خارج العالم البيزنطي، وتتناول بعمق أهم القضايا اللاهوتية وأصعبها، ولاسيّما في ما يخص سريّ الثالوث الأقدس والتجسد. وهو شاهد للسلطة الكنسية، لا سيما لدور المجامع المسكونية، ودور أسقف رومة، في تحديد الحقيقة المسيحية.
كتاب ميمر في وجود الخالق والدين القويم هو أحد مقالات ثاوذوروس أبي قرة (المتوفى حول سنة 825 م.) حققه وقدّم له وفهرسه الأب الدكتور اغناطيوس ديك. الكتاب من سلسلة "التراث العربي المسيحي" ومن منشورات المكتبة البوليسية.