\”إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهى قوة الله\” (1كو1: 18).
كان للصليب قديماً, رهبة و خوفاً, كان مرادفاً لكلمة لعنة و موت, خيانة و عدم أمانة, ألم و تعذيب, طاعة قسرية و خضوع بلا حدود, عقوبة صارمة فأعدام, كان تعني خشبة الصليب عبودية و اذلالاً مباحاً, دكتاتورية ذات القطب الأوحد!
لقد عرف الصليب كآلة تعذيب رادعة, أستعملها الكثيرون من الحكام و على مر العصور كعقوبة لفرض سلطانهم المطلق على أمبراطورياتهم الشاسعة, و كان غالبية ضحايا هذه العقوبة هم من العبيد و الغرباء, عقوبة كانت تنفذ في جرائم الخيانة العظمى, خرق قوانين المعابد و سرقتها, و الفرار من الجندية, أما تنفيذها فكان يتم في مكان عام و على الملأ ترافقه أعمال تعذيب فيها من الشناعة و البشاعة الكثير ليكون وقعها كبيراً و تأثيرها رادعاً.
و قد عرف بني اسرائيل هذه العقوبة و تم تنفيذها فعلاً على مر العصور \”المعلق ملعون من الله\” تث23:21
بعد فداء البشرية على الصليب و موت المسيح الكفاري لأجلنا نحن البشر و من أجل مغفرة خطايانا و مصالحتنا مع الآب السماوي, بعد خطيئة الأنسان الأول آدم \”لانه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع\” 1 كو22:15
بعد أن أصبح الصليب رمز للتضحية بدلاً من العقوبة, الرحمة بدلاً من النقمة, المحبة و التسامح بدلاً من الذل و الهوان, الخلاص و الإيمان بدلاً من الموت و اللعنة! \”لأنه هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل إبنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية\” يو 3 : 16.
اليوم و بعد مرور أكثر من ألفي عام على عملية الفداء, ازداد خوف و رعب الكثيرين من الصليب, أناس أبوا إلا أن يعيشون في الخطيئة, و ينغمسون في الشرور, كلمة صليب عند هؤلاء جهالة و كفر, لذا نراهم يحاربونه و يدكون قباب الكنائس التي ترفعه كما حدث في العراق و الإسكندرية و نجع جمادي, نيجيريا, باكستان, مع كل ما يحمله من معاني سامية, نبيلة, إيمانية و خلاصية \”2 ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله\” عب 12:2
ففي كثير من الدول و خاصة في الشرق, يقلقهم مجرد ذكر اسم الصليب أو رؤيته, دول تكره معاني المحبة و السلام, التضحية الحقيقية و التسامح, ترفض دعوات الأيمان و التعايش الإنساني السلمي, لذا البعض القليل من تلك الدول تسمح ببناء الكنائس و دور العبادة المسيحية و لكن بشرط عدم رفع الصليب فوقها كما هو الحال في الأمارات العربية المتحدة عند افتتاح أول أكبر دير تاريخ في الخليج العربي, معللين ذلك و من خلال وسائل الأعلام مراعاة لشعور الآخرين! ناهيكم عن الكثير من الدول التي تمنع بناء الكنائس و تحظر ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية بشكل قطعي كالسعودية أو وضع الصليب على دور العبادة كالجزائر و ليبيا و غيرها من الدول!
و لكن الذي يثير القلق ويحز بالنفس, هو حذو بعض الدول الأوربية و الغربية التي تدعي المسيحية حذو بعض دول الشرق, فألغت الديانة المسيحية من المدارس وأزالت الصلبان من المشافي كما هو الحال في كندا, ومنعت الطلاب من حمل الصلبان كما حصل في فرنسا, , و كان آخر هذه الأعمال المرعبة هو الاستفتاء الذي سيجري في سانت دييغو في أمريكا لرفع الصلبان و إزالتها, ناهيكم عن قيام الكثير من الشركات الكبيرة بإلغاء الاحتفالات في الاعياد المسيحية و رأس السنة وذلك مراعاة لشعور غير المسيحيين!
و لكن بالرغم من شروركم و آثامكم و جرائمكم الفظيعة التي لا يقبلها لا العقل والمنطق, و بالرغم من خلعكم ثوب الإنسانية و أصبحتم ذئاب خاطفة, فان رب المجد فاتح ذراعيه ليحضنكم بعد أن تتوبوا و تتبعوا الطريق و الحق و الحياة, و تكونوا أبناء أبرار للذي فدى البشرية جمعاء على الصليب!
أليس هو القائل:
\” .28 تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم. 29 احملوا نيري عليكم وتعلموا مني.لاني وديع ومتواضع القلب.فتجدوا راحة لنفوسكم. 30 لان نيري هين وحملي خفيف\” مت 11: 28-30
بقلم: المحامي نوري إيشوع